نوارة ” ليه كده يامصر ” … حين يصل الوجع الى النخاع

ضمن فاعليات الاقصر الافريقى فى دورته الخامسة عرض الفيلم المصرى” نوارة ” الذى حاز على استحسان النقاد والاعلاميين والجمهور ونالت نجمته منة شلبى احسن ممثلة بدبى السينمائى الدولى .

لم تدهشنى روعة الفيلم فهو للمخرجة المتميزة هالة خليل والتى تنتمى لمدرسة خان الواقعية النقدية ، ففيلمها الاول ” قص ولزق ” اثار ضجة كبيرة ونال الهرم الفضى لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى عند عرضه ومشاركته بالمسابقة الرسمية .

تتميز هالة بتوغلها فى اعماق المجتمع المصرى وخصوصا قضايا الشباب الذى يمثل النسبة الكبيرة التى تصل الى ثلث المجتمع المصرى ، والتى تعانى معاناة مره لدرجة انهم كانوا يرمون انفسهم لتجار البشر ليلقوا بهم فى البحر حتى يهربوا بالموت  من بلادهم الى حياة كريمة ، وكما نعرف فقد تناول الفيلم الاول قضية الهجرة وضياع الشباب فى مصر بلاعمل او مسكن او حياة انسانية .

يتناول الفيلم الثانى” نوارة ” قضية الشباب الذى دفع ثمن احترامه والتزامه وكفاحة ونضاله من اجل لقمة العيش لينال الفقر والذل والسجن اداء مبهر ل” منة شلبى ” و” محمود حميدة ” وبقية فريق العمل جعل الفيلم رواية تراجيدية من العصر اليونانى .

تمتلك ” هالة ” القدرة على رسم المشاعر بالصورة وقيادة وتوجية الممثلين لاعطاء افضل مالديهم ، سحر وجمال الحكى يؤخذك منذ اللحظة الاولى ، ف ” نوارة ” تعمل خادمة تجرى صباحا للحاق بوسائل الموصلات للحاق بعملها ولكنها تصل متاخرة يهاجمها كلب الاسرة الثرية التى تعمل لديهم وكان كل شيء يجلد الفتاة المسكينة وهى تتقبل كل التعب وكل المشقة برضا تام .

تقوم الثورة وتهرب العائلة التى يعولها مسؤوول كبير كان من ضمن من نهب وسلب ولكن الفتاة التى تعانى من اجل لقمة العيش وتوفير مبلغ لايصال مياة نظيفة لغرفة تسكنها مع جدتها ومحاوله مساعدة زوجها الشاب الذى لايستطيع شراء غرفة ليدخلوا بها  ، معاناة لاتنتهى من مشهد الى اخر ترى بوضوح ملامح الشعب المصرى فى ابو الزوج الملقى على الارض لانه لايوجد له سرير بالمستشفى او طبيب يعالجه ، فى استغلال الممرضة فى الجدة التى تحتفظ بمبلغ لايذكر من النقود فقط ليستطيعو غسلها بالماء وتكفينها عند موتها ،  فى الاطفال الذين يبيعون كتبهم المدرسية لينالوا بها قطعة خبز وقرص من الطعمية ، فى الخادمات التى يصل سنهم 8 سنوات تدفع بهم عائلاتهم الى للعمل من اجل قليل من الجنيهات تساعد الاسرة على الاستمرار .

 قد تبكى ولاتستطيع مشاهد بقية الفيلم ، ولكن مشهد النهاية مرعب فبعد هروب الاسرة وترك مبلغ للفتاة المسكينة لتحافظ لهم على الفيلا، تداهم الشرطة المكان وتقبض على الفتاة بتهمة السرقة ، انها ذروة القسوة فالفتاة التى رفضت السرقة وتحملت المشقة والتعب من اجل حياة كريمة ، كافئها القدر بكل قسوة ، وليهرب المفسدون والمرتشون والقتلة وليسجن الشعب وتستمر المعاناة .

  عيش – حرية – كرامة انسانية ، كانت كل احلام الثوار …………….

استخدمت المخرجة كل ممكن لتعميق المشاهد وايصال الفكرة .

كاستخدام الجمل الحوارية فى اكثر من مشهد ككلمة نوارة فى الختام وهى بالاسوار فى عربة الشرطة ” ليه كده يامصر ” او الحوارات الاذاعية والتلفزيونية التى صاحبت الثورة  والتى كانت مخجلة لاعلام مضلل منافق ، او العلاقة الرائعة بين الكلب والبطلة ، فكلامهما عوقب من اجل المبادئ والقيم ، او حتى باداء الممثلين الصامت احيانا والذى كان اكثر من معبر ويكفى نظرات محمود حميدة او لقاء العشاق قبل النهاية .

اسامة بيومى
Osama Bayoumi

شكرا للتعليق على الموضوع