محسن عقيلان يكتب : إستقالة أوغلو زلزال فى الهواء
عندما قدم رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو استقالته من رئاسة حزب العدالة و التنمية الحاكم في تركيا و تأكيده عدم ترشحه مجددا لرئاسة الحزب فى المؤتمر الاستثنائى القادم المقرر عقده 22 مايو الجارى يعتبر بمثابة استقالة من رئاسة الحكومة التركية كون النظام الداخلى للحزب ينص على ان يتولى رئيس الحزب رئاسة الحكومة . الكثير اعتبر ذلك زلزال وكثرت التساؤلات حول الاسباب الحقيقية و حول مستقبل تركيا و كأن الموضوع جديد و مفاجئ لكن فى الحقيقة الحدث عبارة عن تراكمات كان يتم السيطرة عليها فى الغرف المغلقة لكننا اشرنا اليها فى مقالة سابقة بعنوان (عاد فيدان و ربح اردوغان)بتاريخ 17-3- 2015م وتناولنا فيها كيف يسيطر اردوغان على مفاصل الدولة و الحكومة و هو فى القصر الرئاسى من خلال حكومة الظل التى انشأها بزيادة إدارات القصر الى 13 إدارة من المستشارين المقربين منه لرفع تقارير شهرية عن حكومة اوغلو و أيضا تراسه إجتماعات الحكومة و مجلس الامن القومى وبدأ الخلاف يظهر الى السطح عند اعتراض اردوغان على ترشح هاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية للانتخابات النيابية وبعد ذلك الحكومة الائتلافية التى كان يرفضها اردوغان و يتجه ناحية الانتخابات المبكرة و قد زاد الخلاف عندما احس اردوغان بتقاعس متعمد من قبل اوغلو فى اجراءات التحول للنظام الرئاسى الذى يعتبره اوغلو بمثابة سحب لصلاحياته ومما زاد الخلاف اصرار اوغلو على طرح قانون رفع الحصانة البرلمانية و قانون الشفافية الذى يعتبره اردوغان انه موجه ضده لذلك قام اردوغان بالايعاز لقادة الحزب بتقليص صلاحيات اوغلو بسحب حقه فى تعيين قيادات الاقاليم الحزبية .
الخلاف كما ذكرنا فى المقالة السابقة انه موجود و مسيطر عليه لكن ما الذى دفع اردوغان بالاستعجال للاطاحة باوغلو و ان حاول اظهار ها بانها بناءا على طلب اوغلو لان ذاكرة اردوغان مليئة بالمخاوف من المؤامرات و الانقلابات خاصة ان اوغلو بدأت اسهمه فى الصعود و اصبحت شعبيته تؤثر على نجوميته .
فاردوغان فى عصره تعرض لعدة محاولات انقلاب سواء عملية (ارجينيكون) او تنظيم (الضباط الشبان) او قضية المطرقة (بليوز) و عندما يخرج الجيش التركى عن صمته فى اخر ابريل الفائت على موقعه الالكترونى و ينفى انه كان ينوى تنفيذ انقلاب ضد ارودغان هذا التصريح لم يأتي من فراغ وممكن أن يكون هناك تحرك ما تم السيطرة علية .
إذن ارودغان يعيش في بيئة مليئة بالأخطار عليه وعلي حكمه وهو شخصية حذرة لا يتوانى عن ازاحة القريب أو البعيد وخير مثال صديقه الشخصى عبدالله غول وفتح الله كولن رئيس حركة خدمة و يطلق عليه الكيان الموازي الذي كان جزء من الداعمين لحزب العدالة والتنمية في فترة ما.
والان اسمحوا لنا ان نغوص قليلا فى النفسية و مكنون الشخصية و و نقول هل صحيح ان اردوغان يريد إقصاء صديقه من الواجهة ليحمل رقم ثلاثة بعد سابقيه عبدالله غول و فتح الله كولن .
ام ان مهندس سياسات الحزب و الاكاديمى الناجح قرأ الاحداث واستشرف المستقبل وفضل الهرب مبكراً ليترك اردوغان يغرق في مشاكلة الداخلية والخارجية وحيداً فاذا فشل اوردغان يكون هو الوجه المقبول الذي رفض التماشي معه واذا نجح اردوغان و بقي مسيطر يكون ايضاً الشخصية التي ساهمت في بناء تركيا والحفاظ عليها ولم يقبل أي انشقاقات تؤثر علي مستقبل تركيا.
أنا اميل الي هذا التفكير لعدة اسباب تتعلق بشخصية اوغلو :
1- أن شخصية داود اوغلو غير صدامية.
2- خلفيته اكاديمية ولم يدخل معتركات سياسية حقيقية قبل دخوله حزب العدالة والتنمية.
3- تياره في حزب العدالة رقم ثلاثة بعد تيار اردوغان و عبد الله غول اى لا يملك رصيد كافى للانشقاق
4- لا يتمتع بكاريزما قيادية تصل لمستوى كاريزما اردوغان
5- أي مواجهه مع اردوغان مغامرة غير محسوبة لان ارودغان يسيطر علي الغالبية العظمي من مفاصل الدولة.
6- هناك حاجز نفسي يعاني منه اوغلو ان ارودغان بالنسبة له قائد وله الفضل في نقله من سلك التعليم الجامعي وتعينه مستشار له عام 2003.
اذا هو خلاف بين المعلم والتلميذ وما بالك لو كان التلميذ غير مشاغب يصبح الخلاف زلزال في الهواء .
الكاتب : باحث فى العلاقات الدولية