أحمد شاهين يكتب : خطاب السيسي ومؤتمر باريس

انطلاقاً من الدور المحوري والتاريخي لمصر تجاه القضية الفلسطينية على مدار التاريخ والمسؤولية العربية والأخلاقية التي توليها مصر تجاه القضية الفلسطينية ورغم ما تمر به من أحداث مؤلمة ومحاولات لجهات معادية ومدعومة من اطراف خارجية بهدف زعزعة الاستقرار لإضعاف مصر وحصر دورها الإقليمي والعربي، إلا أن مصر لم ولن تتخلى عن دعمها للقضية الفلسطينية ومساندتها للشعب الفلسطيني، فكان خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عدة أيام بمثابة خطوط عريضة وقاعدة أساسية للعملية السلمية بين فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وفرصة لإمكانية إحلال السلام العادل والشامل والذي سيفضي في نهاية المطاف إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 في حال اخضاع إسرائيل لتنفيذ القرارات الدولية 242-283 الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذا لن يتم إلا بجهود دولية مكثفة إلى جانب الجهود العربية وخاصة جهود مصر، وهذا لابد أن يتزامن مع ضغط دولي فاعل يجبر إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية بعيداً عن الفيتو الأمريكي.

خطاب الرئيس المصري لم يستثني حالة الانقسام الفلسطيني فكان حريصاً على انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية ونال تأييد جميع الفصائل الفلسطينية وخصوصاً حركتي فتح وحماس قطبي الانقسام، وبما أن هذه المبادرة حظيت بهذا التأييد فلابد من الشروع بوضع استراتيجية وطنية فلسطينية تكون قادرة على معالجة أسباب الانقسام ووضع السبل الكفيلة لإتمام المصالحة وعدم العودة لمربع التفكك الفلسطيني الذي ألحق الضرر الجسيم بمستقبل القضية الفلسطينية.

جاء خطاب الرئيس المصري تزامناً مع الحراك الفرنسي نحو عقد مؤتمر دولي للسلام في باريس والذي رحبت به كل الأطراف عدا إسرائيل التي رفضت عقد هذا المؤتمر وحاولت التملص والالتفاف عليه بطرحها على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عقد لقاء ثنائي مع الرئيس محمود عباس والذي جوبه بالرفض الفلسطيني، وهذا يعبر عن تمسك الطرف الإسرائيلي بالرعاية الامريكية لعملية السلام بشروط إسرائيلية ودعم أمريكي قوي لموقفها تجاه عملية السلام.

وفي الآونة الأخيرة نسمع عن تحركات دبلوماسية لعقد لقاء ثلاثي في القاهرة يجمع الرئيس المصري والرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بهدف تحقيق تقدم في عملية السلام ، فيما أبدت جميع الأطراف موافقتها على عقد هذا اللقاء، ولكن نتنياهو سيحاول في هذا اللقاء جر الفلسطينيين الى لقاءات ثنائية والمراوغة في عقد مؤتمر باريس وكذلك إعطاء مصر دور محوري في القضية الفلسطينية للمحافظة على حسن العلاقة معها وعدم احراجها في ذلك الموضع، ولكن باعتقادي أن مصر لن تغير في موقفها وستكون أكثر حزم وتمسكاً بموقفها الداعم للموقف الفلسطيني والمبادرة المصرية.

على الصعيد الفلسطيني وبعد تأييد جميع الأطراف الفلسطينية لخطاب الرئيس السيسي ، فهنا يتحتم على هذه الأطراف استغلال هذه الفرصة الذهبية وكسب ثقة مصر والدول العربية ، مما سيساهم في تعزيز الموقف الفلسطيني ويعيد طرح القضية الفلسطينية بقوة في الساحة الدولية والعربية، وكذلك سيؤدي إلى حل جميع المشكلات التي يعاني منها الفلسطينيين في قطاع غزة من اغلاق للمعبر وانسداد أفق الحياة اليومية وحالة التشتت التي يعيشونها  بسبب اغلاق المعبر وهنا لا أقف في موقف الدفاع عن الموقف المصري تجاه قضية معبر رفح وانما لكل دولة شانها في التعامل مع حدودها خاصة ان موقفها واضح وهو عدم التعامل مع فصيل أو حزب في الطرف الآخر وانما التعامل يجب أن يكون مع سلطة أو جهة رسمية بالإضافة إلى حالة الاستقرار الأمني في سيناء والتي تؤثر على وضع المعبر.

نامل من جميع الأطراف الفلسطينية تغليب المصلحة العليا لشعبنا الفلسطيني على المصالح الحزبية الضيقة.

شكرا للتعليق على الموضوع