«سد النهضة» صراع بدأ منذ عصور الفراعنة ولا يزال مستمر

شيريهان أشرف – التغراف : منذ قيام الحضارة الفرعونية المصرية القديمة، أرتبط المصريون منذ قديم الأزل بنهر النيل الذي كان بمثابة شريان الحياة لهم والمحور الأساسي التي قامت عليه الحضارة المصرية العريقة التي أبهرت العالم أجمع، فمنذ البداية أدرك الملوك الفراعنة أن ماء النهر هو أساس الحياة وهي المورد الطبيعي الذي لا غني عنه ولابد من الحفاظ عليه والاستفادة منه بكافة الطرق لقيام الزراعة.

وقام الانسان المصري القديم بتسطير صفحات زاخرة في تطوير المجال الزراعي من خلال ابتكار واختراع الات للري وشق القنوات وتحسين وسائل الزراعة، فكان المصريون القدماء يطلقون على النيل الرئيسي من أسوان إلى القاهرة، اسم «أترو -عا» وهى كلمة مصرية قديمة معناها «النهر العظيم»

وكان الإله آمون يصرح على لسان كهنته: «إن البلد الذى يفيض فيه النيل هو مصر فكل من يشرب من النيل فى مجراه التحتانى بعد جزيرة ألفنتين فهو مصري»، وكان دائمًا ما يطالب المصريين بالحفاظ على مياه من هضبة الحبشة.

«حرب المياه بين مصر وإثيوبيا بدأت في عهد مينا»

ولم تكن الحرب الدائرة على المياه في وقتنا الحالي وليدة انشاء إثيوبيا لسد النهضة أو قبل ذلك بسنوات، بل إن أزمة المياه الافريقية وسد النهضة هي أزمة متواجدة منذ عصر الملك مينا مؤسس مصر الموحدة، فيعد سد “قوشيه” أقدم السدود في مصر وأقدمها في العالم على الإطلاق، وتم إنشاؤه قبل 2900 عام قبل التاريخ على يد الملك مينا مؤسس مصر الموحدة في عصر الدولة الفرعونية الأولى، ويهدف ذلك لحماية مبنى عاصمة الدولة الأولى “ممفيس” من الفيضانات، وبلغ ارتفاع قمته 15 مترًا بطول 450 مترًا، وفي ذلك الوقت اعترض أهالي الحبشة خوفًا أن يأخذ السد كميات الأمطار التي تهطل سنويًا إلا ان الملك مينا وقتها أكد أن المياه ستكون زائدة عن الحاجة ولن نحتاج لمياه أمطار الحبشة فانتهت الازمة سريعًا دون حروب.

«اللاهون سد مصري منعته إثيوبيا باحتجاز المياه »

وفى ظل العصر الثانى لمصر القديمة وأقام الملك أمنمحات الثالث أحد ملوك الأسرة الـ 12 سد “اللاهون” لتنظيم المياه وتخزينها في بحيرة موريس لحماية المدينة من خطر الفيضان ولزيادة مساحة الرقعة الصالحة للزراعة، لكن بسبب ترسب الغرين “الطمى” الذي كان يحمله الفيضان كل عام تقلص حجم بحيرة موريس، بعد بناء أهالي الحبشة «اثيوبيا قديمًا» خزانات لحجز بعض المياه لديها، وتُعد بحيرة قارون الحالية بمحافظة الفيوم جزءا متبقيا من هذه البحيرة القديمة.

«الجيش الإثيوبي يهدد الدولة العثمانية وسعيد باشا حل الأزمة»

وهدأت الأمور حتي عام 1856 حدثت مناوشات بين الجيش المصري والجيش الإثيوبي، ولما زادت الأمور على حدها ولاحت الحرب مع اثيوبيا في الأفق أوعز الباب العالي العثماني الى خديوي مصر سعيد باشا بان يوفد البابا كيرلس الرابع الى اثيوبيا للتوسط وحل المشكلة ورغم خطورة الأمر وافق البابا كيرلس ومضى في رحلة استغرقت مئة يوم حتى وصل إلى مشارف اثيوبيا وكان السفر خطرا في تلك الأيام.

وكان وقتها إمبراطور اثيوبيا رجلا صارما وعنيفا واسمه ثيودورس ولكن عندما سمع بقدوم البابا كيرلس استقبله على بعد ثلاثة أيام من قصره وقبل يديه ومشى خلفه وكان كريما جداً معه، وأكد له ان الخلافات الحدودية والخلافات حول المياه قد انتهت.

وقد انتهت أزمة المياه بين مصر وإثيوبيا في تلك الأوقات وظلت علاقات تجمع بين البلدين دينية فقط إلى ان جاءت العصور الحديثة واشتعلت الأزمة من جديد ووصلت إلى خطر «سد النهضة» الذي بات يهدد المياه الإقليمية لمصر.

شكرا للتعليق على الموضوع