محمد النقلى يكتب : إصطباحه ” 1977 ” ( 3 )

 إستكمالاً لما بدأناه سابقاً حول حالة مصر الإقتصاديه عقب خوضها حربى 1967 – 1973 ، قلنا إنه إتضح تماماً للرئيس السادات إنه ليس في مقدور مصر المضيّ في الإعتماد على الدعم المقدم من الإتحاد السوفييتي وقتها ، لذا كان عليه إعادة التفكير في إيجاد البديل لذلك ، في ضوء المستجدات الإقليميه والدوليه وما نتج عن معركة إكتوبر1973 .

ولمزيد من توضيح لما كان عليه الحال في فترة مابعد إكتوبر1973 ، أقول ..

– كان النظام السياسي المصري في حقبة الستينيات وخصوصاً بعد حرب 1967 قد إعتمد سياسة إصدار البنكنوت كآلية لتمويل الانفاق العام فيما يعرف ” بالتمويل بالعجز ” ، وتلك السياسه النقديه تعتبر إحدى العوامل الرئيسيه المغذيه للتضخم الذي كان مكبوتاً في الفتره مابين حربى 1967/1973 بسبب سياسة التسعير الجبري للسلع الأساسيه ، لكنه إنفجر بعد حرب إكتوبر 1973 مع إتجاه لتخفيف سياسة التسعير الحكومي للسلع ، تمهيداً لإلغاءها .

– بلغت ديون مصر الخارجيه في نهاية الربع الثالث من عام 1975 حوالي 6.8 مليار$ وذلك طبقاً لتصريح السيد/ زكي شافعي ” وزير الإقتصاد ” وقتها .

     تلك كانت نبذه مختصره لما كان عليه الحال ” إقتصادياً ” منتصف السبعينيات .

وفي تلك الأثناء ، وعقب حرب 1973 ، وإجراء مفاوضات ” فصل الإشتباك ” الأول والثاني بين مصر وإسرائيل ، والرحلات المكوكيه للسيد/ هنري كسينجر ، وزير الخارجيه الأمريكي وقتئذٍ ، تبين للسادات .. وبوضوحٍ تام ، إن مفاتيح حل الصراع العربي الإسرائيلي كلها بين يدى أمريكا والغرب ، شاء ذلك من شاء ، وأبى من أبى ، لذا .. كان على الرئيس السادات التفكير في كيفية التعامل مع المستجد من المعطيات ، إقتصادياً وسياسياً ، وقد كان ..

   في غضون عام 1974 إتجهت مصر إقتصادياً إلى سياسة ” الباب المفتوح ” في إشاره واضحه تماماً للعالم ببدء تخليها عن الإقتصاد الإشتراكي الموجه وإتجاهها لتحرير إقتصادها ، وإتخذت في سبيل ذلك حزمه من الإجراءات ، لتحديث الإقتصاد المصري ، بما يسمح بدفع عجلة النمو الإقتصادي ، وتم إصدار القانون 43 لسنة 1974 والخاص بإستثمار رأس المال العربي الأجنبي ، وكان يشتمل على .. إعفاءات ضريبيه ، وحصانه ضد التأميم ، وخروج الأرباح دون حدود .. ألخ ، وذلك لجذب المزيد من الإسثمارات الأجنبيه ، ودوران عجلة الإقتصاد ككل .

     إلى أن جاء ” عام 1977 ” يحمل معه الكثير من الأحداث ، والتي تركت آثارها إلى يومنا هذا .. كيف ؟

كانت المجموعة الاقتصادية برئاسة الدكتور “عبدالمنعم القيسونى” ، وهو من أشهر الاقتصاديين الذين عرفتهم مصر، قد وجدت أنه أصبح ضروريا إجراء عملية إصلاح اقتصادى يدفع فيها المواطنون الأسعار الحقيقية للسلع على أساس أن حالة الحرب قد انتهت حيث عرفت مصر دعم السلع منذ الحرب العالمية.

وإذا كانت حالة الحروب تتطلب تدخل الحكومة لدعم السلع الرئيسية وهو أمر حدث فى مختلف الدول خلال الحرب، فمن الطبيعى وقد انتهت الحرب مع إسرائيل عودة الحياة إلى طبيعتها وبيع السلعة بقيمتها الحقيقية .

     كلام منطقي ولا غبار عليه .. لايرفضه عاقل ، خصوصاً إذا صدر عن مجموعه وزاريه متخصصه ، يترأسها رجل مثل الدكتور ” عبد المنعم القيسونى “مشهود له بالكفاءه دولياً ، ولكن .. ماذا حدث عند خروج تلك السياسات إلى حيز التنفيذ ؟ هذا موضوع مقالنا القادم إن شاء الله .

 ” والحديث موصول .. مالم يُكتب للعمر إفول “

” إستقيموا يرحمكم الله “

تنويه : كان من المفترض ان يكون مقالنا اليوم هو الجزء الأخير من سلسلة مقالات “1977” ولكن .. كثرة أحداث تلك الفتره،  وتشعبها ، وإرتباطها ببعضها البعض ، ولإمانة العرض .. كل هذا ألزمنا بأن يكون مقالنا القادم هو الأخير في تلك السلسله .

بقلم .. محمدعلي النقلي

Elnokaly61@gmail.com

تابع سلسلة مقالات الكاتب عن العام 1977 :

إصطباحه” 1977 ” (1)

إصطباحه ” 1977 ” (2)

تابعونا : الجزء الرابع والاخير 

شكرا للتعليق على الموضوع