أسباب بداية نهاية “الجماعة الليبية المقاتلة”

غير نجاح الجيش الليبي في السيطرة على أربعة موانئ نفطية في ما يعرف بالهلال النفطي موازين القوى في البلاد لصالح الشرعية، لاسيما وسط الانقسامات التي تضرب الميليشيات المتشددة وقوات الأمر الواقع.

وتشير الانقسامات خاصة داخل “فجر ليبيا” إلى بداية نهاية “الجماعة الليبية المقاتلة” التابعة لتنظيم القاعدة، التي يقودها عبد الحكيم بلحاج، مع توالي التقارير حول تحول الحلفاء القدامى إلى أعداء بسبب الخسائر المستمرة.

وفجر ليبيا تشكلت عام 2014 من ميليشيات مدينة مصراتة، بعضها موالية لتنظيم الإخوان، والجماعة الليبية المقاتلة والفصائل التي شاركت في الحرب لأسباب مالية فقط، فالمسلح في ليبيا يتقاضى ضعف ما يتقاضاه الطبيب.

وشكلت الجماعات المتشددة “فجر ليبيا” لطرد قوات الجيش من طرابلس بغية بسط سيطرة الإخوان والتيارات الحليفة على العاصمة، وفرض سلطة الأمر الواقع بعد فشل جماعة الإخوان وحلفائها في الانتخابات البرلمانية في 2014.

إلا أن الانقسامات بدأت أخيرا تضرب هذه الجماعات التي نجحت في السيطرة على طرابلس ونشر الفوضى طيلة العامين الماضيين، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها في الأشهر الأخيرة عقب تحالفها مع المجلس الرئاسي.

وشنت فصائل مصراتة، قبل أشهر عدة، هجمات على سرت بهدف تحريرها من داعش، ونجحت في استعادت مناطق واسعة من المدينة، إلا أن الثمن كان باهظا، إذ قتل أكثر من 500 مسلح وأصيب 2000 على الأقل.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية التي تعد كبيرة جدا نظرا للتعداد السكاني في ليبيا ولأن أغلب القتلى من مدينة واحدة أي مصراتة، فإن الفصائل المتشددة بدأت تدرك حجم الخطر الذي يتهددها بعد تقدم الجيش الوطني.

وبعد انتصارات الجيش في بنغازي وأجدابيا وسيطرته على الهلال النفطي، ارتفعت وتيرة الخوف لدى المتشددين في العاصمة طرابلس، فحاولوا تشكيل قوة مشابهة لـ”فجر ليبيا” لتأمين العاصمة التي تعتبر ورقتهم الأخيرة في أي مساومة سياسية.

إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، فخرج المفتي المعزول، الصادق الغرياني، في لقاءات تلفزيونية، مطالبا بـ”رص الصفوف” لمواجهة الجيش الليبي، إلا أن أغلب الميليشيات رفضت ذلك.

وعقب دخول المجلس الرئاسي طرابلس حيث تحصن في قاعدة أبو ستة البحرية، ظهرت تحالفات وعداوات جديدة في العاصمة، وسط عجز حكومة الوفاق المنبثقة عنها في بسط سلطتها على الجماعات المسلحة.

وتقول المصادر إن آمر كتيبة “ثوار ليبيا”، هيثم التاجوري، وآمر قوات الردع، عبدالرؤوف كارة، يعبران عن استيائهما من احتضان حلفائهم، وخاصة خالد الشريف وعبدالحكيم بلحاج مقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي، المتكون من تنظيم أنصار الشريعة، وفق ما ذكرت “سكاي نيوز عربية”.

وقد شهدت الأسابيع الماضي اشتباكات بين هذه الأطراف، كان آخرها هجوم شنته ميليشيات هيثم التاجوري على فصائل تابعة للجماعة الليبية المقاتلة، وقتل فيها أشرف الغرياني، أحد كبار قادة الجماعة.

ورغم الخلافات والانقسامات، فإن جماعة الإخوان والتيارات المماثلة تحاول عرقلة تقدم الجيش، فقبل عدة أسابيع حاول قادتهم تحشيد الميليشيات المتشددة في مدينة الجفرة في سعي لشن هجوم على بنغازي، شرقي البلاد.

إلا أن الجيش استطاع ردع الميليشيات المتجمعة في الجفرة، وتمكن أيضا من التصدي لهجوم شنته على الهلال النفطي بمشاركة فصائل إبراهيم جضران، لاستعادة السيطرة على موانئ النفط.

واعتبر مراقبون أن هذه الهجمات ليست إلا محاولات يائسة من الجماعة الليبية المقاتلة لرص صفوفها لصد تقدم الجيش، لكن رفض الميليشيات التي كانت موالية لها في الماضي الدخول معها في المعارك ينذر باقتراب نهايتها.

وبعد أن كانت للجماعة الليبية المقاتلة أذرع عسكرية في بنغازي ودرنة وأجدابيا لم يتبق لها إلا وجود هش في طرابلس، ويبدو أن الميليشيات المتشددة الأخرى في العاصمة الليبية تستعد للانقضاض عليها.

شكرا للتعليق على الموضوع