نانسى فتوح تكتب :آه .. ثم.. آه .. يا خريج التوكتوك …

في مشهد مؤثر وبالفطرة المصرية الأصيلة الموروثة، علت صرخة “خريج التوكتوك” في سماء مصر لتقتحم في ساعات قليلة قلوب كل المصريين في بساطة وتلقائية ، لتلخّص وجيعة كل شاب مصري بل وكل مواطن مصري من مرارة وهموم الوضع والمعيشه ، فقد عبر بكلمات بسيطة مالا تكتبه مقالات عديدة .

فلا يستطيع حتى كبار السياسيين وإعلاميين مصر وصف مشاكل مصر وتلخيصها بتلك الطريقة التلقائية التي اخترقت مسامعنا واستثارت حماسنا وحبنا لمصر، فكلامه يوضح حجم المأساة التي تعاني منها الطبقات الفقيرة والتي بدأت الطبقات المتوسطة تستشعر بها بشكل كبير.

فقد أثبت أن الثقافة ثقافة وعي وفكر أياً كان مصدرها .. وأن المهم هو قدرته على التحديد والإلمام بعمق عما تحدّث عنه .. فوضّح وضع مصر الأليم وقدّم الحل من وجهة نظره لكن بشكل محدد ومنطقي متمثلاً في التعليم والصحة والزراعة.

فكلنا نملك تلك الوجيعة التي عبّر عنها سائق التوكتوك والتي وصفت المرارة في حلق كل مصري، والحال الأليم التي آلت به مصر في وقتنا الحاضر ، فمصر الآن بحالتها الراهنة أشبه بقطار معطل ، تقف جماهير الشعب ملتفين حوله .. منتظرين أن تحدث معجزة وينطلق بهم من تلقاء نفسه .

ولما طال الانتظار .. وفرغ الصبر بدأ بعض الأفراد في السعي ليأخذ له من محتويات القطار ما تصل إليه يده ويمضى بها إلى أقرب تاجر لبيعها، وبثمنها يعيش منه .. والبعض الآخر لم يستطع أن يسرق أو عجز بشرفه أو بصدقه ، وبقى مع القطار إلى أن أصبح “ كومة من الحديد الخردة “ ولم يبقى لديه إلا الدعاء أملاً في الصبر والسلوان .

نحن فى الوقت الحاضر، شعب فقير .. يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة ولا هناك معجزات تنقذه .

فالشعب موضوع بين “ نارين “.. إما أن يبقى نظيفاً جائعاً شريداً في وطنه، وخائفاً أن يدوسه قطار الانحراف.

وإما أن يسرق ما يمكن سرقته من وطنه الذى أصبح مصنعاً متهالكاً.

فليس هناك شعوب بطبيعتها فقيرة وشعوب أخرى بطبيعتها غنية .. بل هناك شعوب تعمل وتنتج وتنهض وهذا هو سبب غناها .. وشعوب لا تعمل ولا تنتج، وتفقد همتها وقدراتها ويقتصر نشاطها على الإعانات واستهلاك كل ما تصل إليه يدها، وهذا هو سبب فقرها ومأزقها في حياتها .

للأسف هذا هو الوضع المؤسف المفجع ، الذي نراه في وطننا مصر الآن .

 فمشكلتنا الحقيقية هي وجود نظام عقيم لا يمتلك الفكر الاقتصادي الجيد الذي يمنحها القوة في الوقت أيضاً الذي لا نملك فيه القانون الذي يطبق على الناس جميعاً .. بالرغم من أن الحكم السلطوي يغرقنا في مئات بل الألوف من القوانين، وطوال الوقت يعدّل في كافة الدساتير ولكن دون تفعيل لتلك القوانين.

فقد تكاثرت الأورام الخبيثة والأزمات الطاحنة بوطننا .. التي سببها ليست مشكلة فقر الموارد والإمكانيات أبداً.. فكم من شعوب ودول مرت بأزمات أعنف بكثير من أزمتنا الحاضرة، ولكن المشكلة الأساسية في الإدارة والنظام الحالي الذي يفتقر في كيفية النهوض بالوطن بالتنمية الحقيقية باستغلال كل الموارد.

 ومن الأهداف الملحة والذكاء أن نعمل على سد تلك الثقوب العميقة قبل فوات الأوان ..

 وللإعلاميين نقول : التنمية الحقيقية ليست في التطبيل والتمجيد لصالح شخص ما أو نظام ما ، إنما هي لصالح الشعوب والأوطان، ولكننا للأسف لا ننتقد إلا القليل مما يجب أن ننقده ولا نسمح بتناول أي عيب فينا إلا برفق وحنان ومن بعيد، مع الاعتذار الشديد والتبرير الهائل مقدماً على الحقيقة ومصلحة الوطن .

والنتيجة إننا نهوى ولا نتقدم، ولا نرى عيوبنا، ولا نصلحها ولو بخطى السلحفاة .. بينما هناك دول كانت فى غياهب الزمان مثلنا يعبرون الآن الحواجز .. ويغزون المستقبل بسرعة الصواريخ .

فالحل والمخرج من هذا المأزق وكل مأزق، هو تحقيق حلمنا ، والذى هو التنمية الحقيقية والعدالة في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية .. وعلى أن تكون الحلول حادة وقاطعة كحد السيف.

فمصر تستحق أن تكون في وضع يليق بها وبتاريخها وبمكانتها المحورية ويعيش أبناءها في واقع أفضل.

شكرا للتعليق على الموضوع