أحلام العرب تتهاوى بفوز ترامب.. التخلي عن المعارضة السورية وانهيار حلم فلسطين

مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب تجاه قضايا الشرق الأوسط، في حال نفذها، ستؤدي إلى مزيد من التقلب في المنطقة الأكثر قابلية للاشتعال في العالم. وإلى جانب تعهده برفض الاتفاق النووي مع إيران، قال ترامب إنه سيكثف الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي. وقد يجعل ترامب الفلسطينيين أكثر يأسا، بالوقوف مع اليمين الإسرائيلي المتشدد.

كان ترامب في معظم خطاباته التي ألقاها في حملته غامضا ومتناقضا تماما في بعض الأحيان عن نواياه في الشرق الأوسط. ومواقفه قد تتغير. ودعوته إلى فرض حظر على دخول المسلمين في الولايات المتحدة تثير قلق الكثيرين في المنطقة، لكنه لم يتراجع عن موقفه هذا، والكثير من صناع الرأي العام في الخليج على الأقل يصفون ذلك بخطاب الحملة.

إجمالا، أظهر ترامب تركيزا على المتشددين وتأييده لقيام رجال أقوياء بهذه المهمة. ولم يبد اهتماما كبيرا بحقوق الإنسان أو التفاصيل المعقدة للكثير من الفصائل والمصالح في الشرق الأوسط.

هذا موقف أكثر بساطة ووضوحا بالنسبة للبعض، لكنها قد تثير الانتقادات.

“داعش” وسوريا:

تعهد ترامب مرارا بتكثيف الحرب ضد “داعش” في العراق وسوريا، مؤكدا أن سحق التنظيم الإرهابي يأتي في مقدمة أولوياته. لكن ما لم يتضح هو كيفية وتأثير ذلك على الحرب في البلدين، والتحالفات المعقدة التي حاولت إدارة أوباما موازنتها. ولم تقدم إدارة ترامب سوى رؤية محدودة بشأن الحربين سوى تعهده بهزيمة التنظيم.

وفي سوريا، ربما تكون المعارضة الخاسر الأكبر. ففي مقابل دعم إدارة أوباما للمعارضة، قال ترامب إن المعارضة ربما تكون أسوأ من بشار الأسد، وأن هزيمة “داعش” أكثر أهمية من إسقاط الرئيس السوري. هذه الاقتراحات قد تسقط أي دعم. الأهم من ذلك، قوله إنه يريد تعاونا أكبر في الحرب ضد “داعش” من روسيا، الداعم الرئيسي للرئيس بشار الأسد.

وقال ترامب إنه سيكثف الغارات الجوية، متعهدا بقصف المسلحين. كما انتقد ترامب تباطؤ القتال، وفي إحدى خطاباته قال إنه سينشر نحو 30 ألف جندي أمريكي في العراق، وهذا العدد ستة أضعاف العدد الحالي. لكنه تراجع في وقت لاحق قائلا، إن هناك حاجة إلى عدد قليل من القوات.

لكن كثافة القصف يمكن أن تواجه بانتقادات، إذا تسببت في مزيد من الضحايا من المدنيين. وقد تعرض رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي لانتقادات من خصومه السياسيين، بشأن وجود بضعة آلاف من القوات الأمريكية في العراق.

وتعرض تنظيم “داعش” الإرهابي للهزيمة بالفعل في العراق، وتلقى هزائم متتالية في سوريا، قبل أن يتسلم ترامب منصبه في يناير. وخلال العام الماضي، نجحت حملة إدارة أوباما من الغارات الجوية، إلى جانب التدريب على الأرض، في مساعدة القوات العراقية والكردية على استرداد معظم الأراضي التي استولى عليها التنظيم في العام 2014. وتشن هذه القوات حاليا حملة على آخر معاقل التنظيم الرئيسية في العراق، الموصل.

وإذا تحالف ترامب مع روسيا في سوريا ضد “داعش”، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى الابتعاد كثيرا عن دعم المعارضة.

تراجعت محاولات إدارة أوباما للتعاون بشكل أوثق مع روسيا نتيجة لقصف موسكو المعارضة. ومن المرجح أن يسقط ترامب أي شكاوى أمريكية بشأن الحملة الروسية.

وكما هو الحال مع أوباما، ينظر ترامب إلى حرب سوريا عبر عدسات قتال “داعش”. لكن الصراعات متشابكة. والابتعاد عن المعارضة سيغضب تركيا والسعودية وقطر، التي تعهدت بالإطاحة بالرئيس الأسد ودعم المعارضة – وهو ما قد يشكل عاملا رئيسيا لإفشال أي صراع.

وسيواجه ترامب أيضا نفس الصراع الذي واجهه أوباما، وهو الموازنة بين تركيا وبين منافسها اللدود، الأكراد السوريين، الذين كانوا القوة الرئيسية التي تدعمها الولايات المتحدة في القتال. واشتبكت القوات التركية والكردية في وقت سابق من هذا العام شمال سوريا – لكن الوساطة الأمريكية حدت من هذه الصراع.

إسرائيل والفلسطينيون:

يبدو ترامب متعاطفا بشكل أكبر بكثير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مقارنة بتعاطفه مع الفلسطينيين. وهذا نذير سوء للحلم الفلسطيني بالحصول على الاستقلال بعد 50 عاما من الاحتلال الإسرائيلي، وأدى إلى بعض التحذيرات بأنهم قد يزدادون يأسا لدرجة تحول الأمر إلى انتفاضة عنيفة كاملة.

وفي حين قضى نتنياهو السنوات الثماني الماضية مشتبكا مع أوباما بشأن البناء الاستيطاني الإسرائيلي والجمود في جهود السلام، أعرب ترامب عن انجذاب كبير لنتنياهو، ووصف أوباما بأنه “كارثة” للدولة اليهودية.

وتعهد ترامب بعدم فرض أي حلول على إسرائيل، ووعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهي خطوة من شأنها تقويض المطالبات الفلسطينية بالجزء الشرقي من المدينة. إضافة إلى معارضته للاتفاق النووي مع إيران، ووعوده باستخدام حق النقض ضد قرارات مناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة لها صداها أيضا في القدس.

وإضافة إلى ذلك، أحاط ترامب نفسه بمجموعة من المستشارين المقربين من الجناح اليميني المتشدد في إسرائيل. ومن بين هؤلاء نيوت جينجريتش، ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، وسفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، والملياردير المحافظ شيلدون أديلسون وهو صديق مقرب من نتنياهو.

وصف جينجريتش الفلسطينيين بأنهم شعب “تم اختراعه”. وأوصى جولياني مؤخرا ترامب بالتخلي عن هدف الولايات المتحدة بإقامة دولة فلسطينية كجزء من اتفاق سلام. كما أن برنامج الحزب الجمهوري لم يأت على أي ذكر لدولة فلسطينية، وهي فكرة حتى نتنياهو أجازها.

السياسيون المؤيدون للمستوطنين الذين يهيمنون على مجلس وزراء نتنياهو رحبوا بحرارة بفوز ترامب. ووصف وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت الأمر بأنه فرصة لإسقاط فكرة إقامة دولة فلسطينية.

ومع ذلك، أثار ترامب الذي لا يمكن التنبؤ به أيضا، بعض المخاوف في إسرائيل خلال الحملة، بإشارته إلى أنه سيبقى “محايدا” بشأن الصراع، وأنه يجب على إسرائيل سداد مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي تتلقاها من الولايات المتحدة. فيما ينتظر الفلسطينيون ويترقبون.

وكان مسؤولون يأملون في أنه إذا فازت كلينتون، فإن أوباما قد يستغل الأشهر الأخيرة في منصبه لتقديم بيان سياسة عامة أو الترويج لقرار للأمم المتحدة، والذي يمهد الطريق لخليفته للمضي قدما في جهود السلام. مع انتصار ترامب، يبدو أن الفرص بعيدة.

وقال وزير الخارجية رياض المالكي، إن الفلسطينيين ما زالوا لا يعرفون سياسات الرئيس المنتخب ترامب، لكنه يأمل في “أنه سيدفع لتحقيق حل الدولتين”.

أ ب

شكرا للتعليق على الموضوع