الطيب الشكري يكتب : مصر مرة اخرى خارج السياق

على مدى عقود من الزمن العربي بما له و ما عليه ظلت العلاقات العربية عربية محط  تجاذبات بين عدد من الدول العربية التي كانت تتأجج مع و اثناء القمم العربية  ، و الجميع هنا يتذكر السجال الذي كان يقع عند افتتاح كل قمة عربية بين عدد من ملوك و رؤساء الدول العربية و التي وصلت حد اتهام دول بعينها بالخروج عن الاجماع العربي في كثير من القضايا العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية ، و مع هبوب رياح ما اصبح يعرف بالربيع العربي الذي اسقط  أنظمة و جاء بأخرى فيما يعرف بثورات الشعوب على حكامها و التي كان من نتائجها  سقوط أنظمت حكمت بقبضة من حديد و بروز أسماء جديدة خرجت من رحم هذه الثورات لتأسس لواقع جديد و مختلف و ان بنسب ضئيلة ، فكانت الشقيقة مصر اول الدول التي عصف بنظامها الربيع العربي  ، بدأت معه ملامح مصر جديدة بقيادة جديدة مدنية مغلفة بطابع عسكري ، تسلمت فيه مقاليد السلطة في ظرفية صعبة للغاية ظلت خلاله المملكة المغربية على مسافة بعيدة من كافة الاطراف تراقب التطورات الحاصلة بحذر دون ان تتدخل قيد انملة فيما حدث أملها هو أن تخرج مصر المحروسة من هذا الانتقال السلطوي بأمان و بأقل الخسائر و ذلك من منطلق انتمائها الى وطن عربي ما يوحدنا فيه اكبر مما يفرقنا و برغبة اكيدة من القيادة المغربية في التأسيس لعلاقة مغربية مصرية مبنية على الاخوة و الانتماء القومي و العربي و الافريقي و على الاحترام الكاملة لسيادة البلدين ، علاقات تتطور وفق رغبة الدولتين في ذلك ، لكن الامر انقلب فجأة و بدأت معه تطورات لم تكن في حسبان احد على الاقل من الجانب المغربي ، ابتدأت اعلاميا شن خلالها الاعلام المصري حملة مسعورة على المغرب ، و الكل هنا يتذكر الخرجة الاعلامية للمذيعة المصرية اماني الخياط التي استغلت دخولها الى المغرب لتغطية أشغال احد المنتديات العربية بمراكش وجعله منطلقا لتوجيه اتهامات رخيصة للمغاربة الذين انتفضوا ضد هذه التصريحات الرعناء التي كانت مقدمة لاستفزازات اخرى محسوبة بدقة يهدف مروجوها ومن يقف وراءها الى جر الشعبين الشقيقين الى مواجهة غير محسوبة العواقب ، جاءت بعدها الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الجزائر مباشرة بعد تنصيبه رئيسا لمصر و التي خرجت عن المألوف و كانت بمثابة رسالة مشفرة الى الرباط مفادها ان القيادة المصرية تسير في اتجاه تعكير العلاقة الاخوية بين الشعبين الشقيقين ، تلتها زيارة أخرى لوفد اعلامي مصري لمخيمات تندوف و التي تمت بتنسيق كامل مع المخابرات الجزائرية ، ثم جاء بعدها اللقاء الذي تم بين الرئيس السيسي و الدمية محمد عبد العزيز زعيم مرتزقة البوليساريو على هامش اشغال القمة الافريقية الاخيرة بكيغالي الرواندية و التي لم تتجاوب فيها مصر مع الرسالة الملكية للقادة الأفارقة و التي طرحت في حينها العديد من التساؤلات حول الموقف المصري من قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية ، و بدلا من أن تراجع القيادة المصرية موقفها و تعود الى جادة صوابها و تفعيل مبدأ العمل العربي المشترك بين كافة الدول العربية و تساير المغرب في سعيه الجاد و الحثيث للتأسيس لعمل عربي مشترك حقيقي يليق بتطلعات و انتظارات الشعوب العربية و الافريقية كما حددتها و رسمت معالهما الرسالة الملكية الى الزعماء و الرؤساء الأفارقة في القمة الافريقية الاخيرة ، استمرت القاهرة في استفزازاتها للمغرب و المغاربة بالسماح لوفد من البوليساريو لحضور احتفالية ” 150 سنة برلمان ” التي اختضتنها شرم الشيخ المصرية ، أحداث متواترة اججت التساؤلات حول الغرض منها و دوافعها خاصة  و ان المغرب يستعد لاسترجاع مقعده بالاتحاد الافريقي .

فعبر التاريخ العربي المعاصر الذي يمتد لأزيد من قرن من الزمن كانت المملكة المغربية ملكا حكومة و شعبا الى جانب الشقيقة مصر و لم تتخل عنها في يوم من الايام رغبة منها و من المغاربة في علاقات اخوية حقيقية صلبة لا يمكنها ان تتأثر او تهتز مهما كان الامر ، لكن ما حدث خلال الشهور الاخيرة يجعلنا نخاف عن مصير هذه العلاقات و نتمنى ان تكون مجرد سحابة صيف عابرة تراجع من خلالها القيادة المصرية مواقفها اتجاه المملكة المغربية و في مقدمتها موقفها من قضية وحدتنا الترابية التي تعرف مصر و غيرها من الدول انها خط احمر بالنسبة للمغاربة و ان اي مساس بها هو مساس و استهداف لأربعين مليون مغربي لن يسمحوا لاين كان بالمساومة على حق من حقوقنا التاريخية المشروعة او بجعلها ورقة ضغط رخيصة لتحقيق مصالح اقتصادية تقدمها بسخاء الجزائر من اجل استهداف امن و استقرار المغرب

فيدنا ممدودة بالأمس كما اليوم لكل من يريد خيرا لوطننا العربي و لعمقنا الافريقي و المغاربي و نقولها اليوم بالفم المليان كما يقول اشقائنا في مصر الشقيقة ان الصحراء المغربية قضية حياة او موت بالنسبة لنا و ان لا تنازل عن حبة رمل منها.

المغرب – ziripress

شكرا للتعليق على الموضوع