يوميات دينا ابو الوفا … عارفين
شاهدت بالامس مع اولادى الثلاثه مباراة مصر و الكاميرون فى نهائي كأس الامم الافريقية …
و يجب ان اعترف انه و بالرغم من احساسى القوى الدفين غير المفسر، بأننا لن نحصل على البطولة ، الا أننى لم أتوقف للحظة واحدة عن تشجيع الفريق القومى بقلب يملأه الحماس …
ربما عاد ذلك، لحبى الشديد لوطنى و احساسى بالواجب تجاهه و ربما كان محاولة منى لنقل ذلك الحماس لأولادى …
مر الشوط الاول ، و نجح الفريق فى احراز هدف جميل أسفر عن انطلاق صرخات الفرح و هرج و مرج و رقص و ضحك داخل المنزل …
لم يكن فقط من اجل الهدف بل من اجل فريق ، يسعى جميع أعضائه للفوز وعن جدارة بالبطولة فشهدت منهم جدية و مهارة و ثقة فى محلها …
ثم أتى الشوط الثانى ، على عكس الشوط الاول ….
رأيت فريقاً قد ازدادت ثقته بنفسه فأصبحت زائفه مما أدى الى بعض الغرور اذا صح القول ، نتج عنه استهتاراً و اخيراً خسارة ….
هذا ما حدثت به نفسى فى اللحظات الاولى التى تبعت انتهاء المباراة كرد فعل تلقائي و لكن سرعان ما أفقت من دور الحكم والواعظ على بكاء ابنى الأصغر و ابنتى الكبرى بسبب الهزيمة ….
حاولت تهدئتهم بكلمات تقليدية مثل ” اللعب مكسب و خسارة ، خيرها فى غيرها ، “
ثم تركتهم ليخلدوا الى النوم يتملكنى الشعور بأنى لم أقم بعمل جيد فى التعامل مع الموقف !!!!!
استيفظت فوجدت اولادى امامى يبكون مرة اخرى بسبب نتيجة المباراة ووجدت ابنتى الكبرى تقول بعنف و غضب شديد ” هو احنا مَش عارفين ننفع فى حاجة او ننجح فى حاجة ، ليه مصر كده !!!!! “
و هنا و فى تلك اللحظة ، حضرتنى فجأة الحجة القويه للرد و استقطبت الوجه الايجابى للتجربة …. فكنت اذكرنى و إياهم بحقائق لا يجوز الغفلان عنها …
فرحت أطلق العنان لفكرى فأجبت …
عزيزتى ابنتى ، أولاً يسعدنى بكائك اكثر من كونه يحزننى ، لانه لدليل قاطع على حبك لوطنك و غيرتك الشديدة عليه ورغبتك الحقيقيه فى نجاحه و ارتقائه …
و لكن تذكرى ان حب الوطن كحب الام لأولادها يجب ان يظل حباً غير مشروط …. أياً كانت الظروف ، فأنت تحبيه ، تتنفسى هواءه ، تتذوقى خيره ، تختلط بدمائك مياه نيله …
فأنا كأم احبكم فى كل أحوالكم و حبكم غير قابل النقاش او المزايدة او التفاوض …. هكذا يجب ان يكون حبك لوطنك …
ثانياً ، من قال اننا خسرنا ، لم نخسر …
بل فزنا بالمركز الثانى ، تماماً كما يحدث فى نتائج امتحاناتكم بالمدرسة .. قد تحصلون على امتياز تارة و جيد جداً فى تارة اخرى … و فى الحالتين افتخر بكم طالما تقومون بكل ما فى وسعكم …
و يجب ان نتعلم ان النجاح معادلة معقدة تحتوى على كثير من المتغيرات و العوامل التى تؤثر فيها و نحن لا نتحكم سوى فى أقل القليل منها اما البقية المتبقية فهى خارج سيطرتنا …
فقط علينا السعى و لَيْس علينا ادراك النجاح ….
ثالثاً ، لولا وجود المركز الثانى لما كان للمركز الاول مذاقه الخاص و احساسه الفريد ، فالحصول على المركز الثانى يمنحنا احياناً كثيرة الفرصه لكى نصلح من أنفسنا و نتعرف على مناطق التحسين و التطوير فينا ….
فبالآخير امتحانات الحياة لا نهائية …
اقرأ للكاتبة :