الفانوس “قصة قصيرة”

لم يكن يتوقع،أن يختاره الله ، من بين خلقه جميعا، ويلقى في طريقه ، بالفانوس السحرى، الذى ربما يستطيع ،أن يغير حياته ، ويحوله إلى شاب غني ،أو وسيم ، أو حتى محبوب ، بين أفراد عائلته ، التي تتهمه دائما بالكسل.

جلس على إحدى الأرصفة ، وهو يلتفت يمينا ويسارا، حتى إطمئن قلبه، لعدم وجود أحد بالمكان، وأخرج الفانوس من بين طيات ملابسه ، وبدأ يدعكه بقوة وشغف، وكل مايدور برأسه ، المال الذى سوف يحصل عليه، والشكل الذى- سوف يجعل كل البنات- تتهافت عليه ، وفرح أهله بنجاحه وثراءه الذى سوف ينقلهم من حياتهم المستورة إلى حياة الطرف والرخاء، ورده عليهم بأنه أبدأ لم يك كسولا ولا فاشلا ، كما كانوا يصفونه.

لحظات من الترقب والحذر معا ، بعدها ترك الفانوس على الرصيف وابتعد قليلا حتى خرج دخان كثيف.

أيقن أنه قد حصل على مطلبه،وها هو صديقه المنتظر،يخرج إليه حتى يحقق له أماله في الحياة.

ما خرج له ، كان عفريتا قصيرا قبيح المنظر،هزيل الجسم، يتثاءب كثيرا، ولكنه كان مصرا، على أن يطلب منه كل شيء، فمن غير المعقول، أن يظهر له عفريتا، ولايحقق من خلاله  أحلامه وأماله.

ولماذا هو، من دون خلق الله ،يظهر له عفريتا خربا!

-ماذا تريد؟!

أريد مالا.

لم يرد عليه، وحاول الدخول للفانوس مرة أخرى، فجذبه من يده ،وعاود عليه طلباته، مرة أخرى.

أريد أن أكون وسيما.

قال العفريت:أنه لايستطع أن يحقق، له شيئا من طلباته، وأنه حُبس في هذا المصباح لأنه أصبح عفريتاً هرماً.

بدأ الحزن يغمر وجهه، وقلبه يعتصره اليأس، والألم.

خطر في باله فكرة، أن يتبادلا الأدوار معا، فيدخل مكانه الفانوس، ويسافر إلى عالم العفاريت، فهناك يستطيع أن يحقق أحلامه ، ومن المؤكد أنه سوف يقابل هناك حبيبته التي طالما حلم بها، وبالتأكد لن يحتاج إلى عمل ليأكل منه، ولن يجد من يقول له : أنه فاشل كسول!

ربما إستطاع هناك أن يجد نفسه التائهه.

فهو بشبابه يستطع أن يحقق له الكثير، ويجعل أهله يغيرون فكرهم عنه، وهكذا يكون، قد خدمه خدمة العمر، وهذا الشىء، الذى جعل العفريت يوافق على التبادل.

استعد الشاب لدخول الفانوس وقبل أن يغلق عليه الباب ، أعطاه كلمة سر العودة للحياة، ولكن الشاب سأل بديله:كيف يحل له مشاكله مع أهله؟

وهو هرم ولا نفع منه.

ابتسم العفريت وهو يغلق باب الفانوس والشاب المحبوس يصرخ ، وينهر العفريت محاولا استخدام كلمة السر التي قالها عندما اتفقا.

تعالت ضحكات ملئت المكان كله ، والشاب المحبوس يحاول جاهدا الخروج ، ولكن الكلمات التي كان يرددها جعلته يطير بعيدا، بعيدا حتى تلاشى .

السيد شليل

تاليف : السيد شليل

قاص وروائى ” مصر- دمياط “

اقرأ للكاتب :

الفستان “قصة قصيرة”

شكرا للتعليق على الموضوع