إيفانكا ترامب… بوصلة أخلاقية أم مجرد صوت آخر لوالدها
لا تحمل إيفانكا ترامب أي صفة رسمية في البيت الأبيض، ولكن بعد 50 يومًا فقط أصبحت واحدة من أبرز الوجوه في إدارة ترامب.
ووفقًا لـ”التليغراف” البريطانية، فقد تم تعيين إيفانكا في العديد من المناصب غير الرسمية، أثناء وجودها في قاعات الجناح الغربي من البيت الأبيض (المبنى الذي يضم مكاتب الرئاسة)، وكان يطلق عليها لقب “السيدة الأولى الفعلية”، ولها تأثير مهدئ لصفات والدها الهوجاء. ويشيد مسؤولون في البيت الأبيض بها باعتبارها القوة الدافعة للسياسات التي تدعم المرأة في سوق العمل.
إيفانكا ليست غريبة عن الأضواء، إذ تطورت على مر السنين من نموذج لعارضة أزياء في سن المراهقة، إلى شخصية اجتماعية بارزة ورائدة أعمال في مدينة مانهاتن. ولكن في حين سعيها إلى الحصول على مقعد في الطاولة الأكثر قوة بأميركا، تكتسب الابنة الكبرى لدونالد ترامب سمعة بأنها بوصلة أخلاقية محتملة، تخلق على الأقل تصوراً بأنها ربما تكبح جماح بعض السياسات المتطرفة للإدارة الأمريكية الجديدة.
والسؤال كما يقول مراقبون هو: هل ستتمكن إيفانكا من صياغة مسار يثبت في نهاية المطاف تأثيره على السياسات، أم أنها سوف تكون بوقاً لعرض نهج والدها المتشدد بقشرة أكثر ليناً.
ليز ماير، وهي مستشارة استراتيجية تابعة للحزب الجمهوري، قالت: “إنها الشخص الوحيد الذي أعتقد أن دونالد ترامب يستمع إليه باستمرار. لا أعتقد أن هناك أحداً في العالم يمكن أن يحل محل ابنته وزوجها فيما تم إيكاله إليهما”.
الهيمنة الواضحة لإيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، الذي عين في منصب كبير مستشاري الرئيس، كانت واضحةً حتى قبل تشكيل الإدارة الجديدة.
فبعد 9 أيام فقط من الانتخابات، جلسا هناك جنباً إلى جنب مع الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في برج ترامب، في أول لقاء للرئيس المنتخب مع رئيس دولة أخرى. وقوبل الأمر بردود أفعال عنيفة سريعاً، خصوصاً بعد ظهور تقارير تفيد بقيام إيفانكا بإبرام صفقات تجارية لخط الأزياء الخاصة بها في اليابان.
وتمثل هذه اللحظة بداية العديد من المناقشات حول ما إذا كان قربها من المكتب البيضاوي هدفه الترويج للعلامة التجارية التي أسستها قبل وقت طويل من التخلي عن عروض الأزياء من أجل التركيز في الحملة الانتخابية.
ولكن منذ ذلك الحين، ووسط المراحل الفوضوية المبكرة من إدارة ترامب، أصبح وجود إيفانكا في الاجتماعات رفيعة المستوى متوقعاً. في الشهر الماضي، كانت إيفانكا سعيدة أثناء جلوسها وراء المكتب البيضاوي للرئيس، حيث جلس والدها على جانب، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على الجانب الآخر.
وعقدت إيفانكا اجتماعاً مع عدد من رائدات الأعمال، ورافقت والدها إلى قاعدة دوفر الجوية في ولاية ديلاوير لتكريم جندي القوات الخاصة، الذي قتل في غارة فاشلة في اليمن.
مؤلفة كتاب “First Women: The Grace and Power of America’s Modern First Ladies” الكاتبة الأميركية كيت أندرسون برور، قالت: “أصبحت إيفانكا أكثر من مجرد سيدة أولى. إنها تحضر بالفعل أي اجتماعات رفيعة المستوى بطريقة اعتادت السيدات الأوليات على تلقي الانتقادات بسببها. في أي إدارة أخرى، شيء مثل ذلك ربما كان سيلفت النظر بشكلٍ أكبر”.
وفي حين اختارت ميلانيا ترامب، زوجة الرئيس الأميركي، الإقامة بشكلٍ أساسي في نيويورك كي يتمكن بارون، أصغر أبناء ترامب، من البقاء في مدرسته، يمكن القول إن إيفانكا أصبحت المرأة الأكثر ظهوراً في الإدارة الأميركية بجانب كيليان كونواي، كبيرة المستشارين القانونيين لترامب ومديرة حملته الانتخابية السابقة. وفي الوقت الذي تظهر فيه كيليان على شبكات التلفزيون، فإن إيفانكا، على عكس ذلك، ابتعدت عن الإعلام.
وتقول بعض التسريبات المصاغة بعناية إن إيفانكا وزوجها هما الصوت المعتدل في إدارة مدعومة من رجال قوميين يمينيين. وإذا صحت بعض التقارير، فإن الثنائي تصديا لمرسومٍ تنفيذي ضد المثليين، وأقنعا ترامب بالاحتفاظ باتفاق أوباما بشأن مواجهة تغير المناخ.
ولكن إيفانكا تحرص وبشكل علني على إبداء آراء مقاربة ومؤيدة لوالدها، على الرغم من خطاباته التي أثارت الجدل بسبب العدائية تجاه المهاجرين، والمسلمين، والنساء، والأقليات الأخرى.
وبسؤالها عن تأييدها لحقوق الإجهاض، قالت إيفانكا لمحطة راديو بولاية بوسطن العام الماضي: “لا أتحدث عن آرائي السياسية. لا أشعر أن هذا دوري”. وأضافت: “أنا الابنة. لا أعتقد أن آرائي السياسية تستحق بالمناقشة”. ولكن محاولات إيفانكا وتصدرها المشهد كانت لها كلفتها.
بعد أن كانت تتصدر إيفانكا أغلفة أكبر مجلات الأزياء في أسلوب حياة النساء في البلاد، لم تعد إيفانكا مادة خصبة لهذه المجلات؛ إذ يحاول المحررون تجنب إبراز شخصيتها المرتبطة بواحد من أكثر الرؤساء استقطاباً في التاريخ الحديث.
ونتيجة لانخفاض مبيعاتها، أعلنت متاجر “Nordstrom” و”Neiman Marcus” في الشهر الماضي عن خططٍ لاستبعاد منتجات إيفانكا من تشكيلاتها. وتسبب هذا القرار في إشعال الغضب داخل البيت الأبيض، واستغل الرئيس منبر البيت الأبيض للهجوم على متجر “Nordstrom” في سلسلة تغريدات، ثم تجاوزت كيليان قواعد الأخلاق عندما استغلت مقابلة تلفزيونية على شبكة “فوكس نيوز” للترويج لخط أزياء إيفانكا، بينما استخدم شون سبايسر، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، منصة المؤتمر الصحفي لتسليط الضوء على انتقادات الرئيس للمتجر.
وهذا الأسبوع، كانت هناك مؤشرات على أن حملة الضغط التي مارستها الإدارة الأميركية قد أتت ثمارها. إذ سجلت شركة إيفانكا مبيعات قياسية، رغم أنها لم تُلزم بالإفصاح عن الأرقام كونها شركة خاصة.
وقال نقاد إنَّ إيفانكا، التي تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق المرأة، تجاوزت كثيراً عندما وقفت في صف والدها بعد التسجيلات المسربة من هوليوود في 2005، والتي تفاخر فيها بتحرشه بالنساء.
سبوتنيك