قمة ترامب السيسي.. الأولوية للإخوان و”إرث أوباما”
أعاد وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الدفء إلى العلاقات المصرية الأمريكية، إلا أن إعادة بنائها ينتظر، على ما يبدو، اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي ونظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي يزور الولايات المتحدة.
وكان ترامب، الذي هزم وزيرة الخارجية الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، واضحا في تحديد أولوياته في الحرب على الإرهاب، فالحسم في التصدي للجماعات المتشددة كان العنوان الأبرز في تصريحات الرئيس الأمريكي.
وترامب الذي أكد مرارا أن إدارته الجديدة ستضع خطة أكثر حزما لاستئصال الإرهاب، انتقد، في الوقت نفسه، تساهل إدارة سلفه باراك أوباما في حربها على الجماعات المتشددة وعلى رأسها داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات.
ورغم أن الديمقراطي أوباما قاد تحالفا دوليا ضد داعش، فإن هذه الاستراتيجية، وفق ترامب وإدارته، لم تكن فعالة، لاسيما أنها كانت متساهلة مع جماعات تصنفها دول عربية عدة إرهابية إلا أنها تعمل بحرية في الولايات المتحدة.
ونعني هنا جماعة الإخوان، العابرة للحدود، والتي تعتبرها عواصم عربية، بينها القاهرة، إرهابية وعلى علاقة مباشرة أو غير مباشرة بداعش وغيرها من التنظيمات، وكانت إدارة اوباما تضغط على الكونغرس لعدم إدراجها على لائحة الإرهاب.
ولم يقتصر “حماية” أوباما للإخوان على هذا الملف، بل عمد إلى تجميد الدعم العسكري لمصر طيلة عامين عقب عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013، الأمر الذي سمح للجماعة في تصعيد عملياتها الإرهابية على الأراضي المصرية.
وما يؤكد ارتباط الإخوان بالإرهاب في مصر، تصاعد وتيرة أعمال العنف في سيناء وغيرها من المناطق المصرية بعد عزل مرسي إثر احتجاجات شعبية حاشدة في يونيو 2013، أعادت إلى الذاكرة “الانتفاضة الشعبية” على حسني مبارك يناير 2011.
وأثار تجميد المساعدات العسكرية شكوكا حول جدية أوباما في محاربة الإرهاب، فقد أقدم على هذه الخطوة في وقت كان الجيش المصري وقوات الشرطة يعانيان لفرض الأمن والتصدي للعمليات الإرهابية في البلاد.
وفي فترة تجميد المساعدات التي امتدت من 2013 إلى 2015، تمكنت الجماعات المتشددة، وعلى رأسها جماعة “أنصار بيت المقدس” التي بايعت داعش، من ترسيخ أقدامها في محافظة شمال سيناء.
وصحيح أن داعش لا يجاهر بعلاقته مع الإخوان، إلا أن الوقائع تؤكد أن الجماعتين ترتبطان بـ”حبل سري”، فعمليات “أنصار بيت المقدس” الإرهابية ترافقت دوما مع حملة إعلامية إخوانية تهاجم تعامل العهد الجديد بإدارة السيسي مع الملف الأمني.
كما أن الجماعة لم تلعب هذا الدور فقط، بل انخرطت، بدورها، في شن العمليات الإرهابية، عبر حركات رأت النور عقب عزل مرسي، على غرار حركة “حسم” و”لواء الثورة” الذي ثبت، عبر اعترافات قيادات نجحت القوات الأمنية في اعتقالهم، ارتباط الحركتين بالإخوان.
وهذا ما يبرر وجهة نظر الحكومة المصرية التي تؤكد عدم صحة مزاعم الإخوان بأنها جماعة سلمية، فحاضرها “الإرهابي” وماضيها الذي اتسم بالعنف المسلح يؤكدان عكس ذلك.
وحول هذه النقطة بالذات كان السيسي يختلف مع أوباما، إلا أنه يبدو حاليا على توافق تام مع ترامب، الذي شهد بداية عهده تقديم مجموعة من المشرعين الأميركيين في يناير الماضي، وللمرة الخامسة، مشروع قانون لإدراج الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية.
وفي حين سقط المشروع نفسه إبان حكم أوباما، فإن دوائر القرار في القاهرة وواشنطن تعول على نجاحه بعد وصول ترامب، وهو الأمر الذي قد يحاصر الإخوان ويحد من فعاليتها لاسيما أنه سيجمد مصادر تمويلها.
وهذا الملف سيكون حتما على جدول أعمال ترامب والسيسي يوم الاثنين في البيت الأبيض، لاسيما أن مصادر في الإدارة الأمريكية أكدت أن الرئيس الأمريكي مهتم بسماع آراء نظيره المصري بشأن تصنيف “الإخوان” جماعة إرهابية.
والسيسي، الذي كان قد اجتمع في نيويورك في سبتمبر الماضي بترامب حين كان لايزال مرشحا الحزب الجمهوري، يحمل معه إلى البيت الأبيض هم محاربة الإرهاب في مصر والمنطقة ومحاصرة جماعة الإخوان خارجيا.
وترامب الذي، حرصت مصادر البيت الأبيض على التأكيد أنه يؤيد استراتيجية السيسي في التصدي للإرهاب، يحمل الهموم نفسها، وهو الأمر الذي يؤكد أن “القمة المصرية الأمريكية” ستخرج بنتائج فعالة في هذا الصدد.
ولاشك في أن ترامب سيعمل جاهدا، في المرحلة المقبلة، على رفع القيود التي لاتزال مفروضة من الكونغرس على المساعدات الأمريكية لمصر منذ إدارة أوباما، وتمرير مشروع تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.
سكاي نيوز عربية