مدبولي محمود يكتب:التربية البخارية (1)

ما تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله مثل هذا الرجل كلمات قالها إمام الائمة ابن خزيمة ولكن من صاحب الفضل الأكبر والمؤثر في حياة الأمام البخاري .

إنها امرأه صالحه عندما توفي زوجها وفقد ابنها بصره لم تيأس لأنها مؤمنه بقضاء ربها ، فلنبدأ معها الرحلة التي كانت درسا لكل أم تريد أن يكون ابنها في المقدمة دائمًا ، وأن يترك بصمة في الحياة .

 المرأة التي بإصرارها وقوة عزيمتها في الإرادة وتحدي الواقع اخرجت لنا شخصية مازال كل مسلم يعلم اسمه إلى الآن .

فاليوم نتعلم منها دروسًا في التربية الصحيحة ، وأول الدروس هو “اللجوء إلى الله” ، عندما فقد ابنها البصر وظلت تدعوا ربها ليل نهار أن يرد علي ابنها بصره ، ويشاء الله أن يسمع دعاءها فيأتيها سيدنا إبراهيم عليه السلام في المنام يبشرها ، ويقول لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره من كثرة الدعاء .

وهنا رساله اولى لكل أم “قوي علاقتك مع ربك ولا تيأسي من الدعاء” ، درسًا قويًا مازالنا في بداية الرحلة .

وننتقل إلى الدرس الثاني وهو التحفيز والإيمان بقدرات ابنها: ظلت الأم تشجعه على طلب العلم وتزين له أبواب الخير فنشأ البخاري مستقيم النفس متين الخلق محبا للعلم مقبلًا على الطاعة حتى ما كاد أن يتم العاشرة إلا وحفظ القرآن ، وبعد فترة قصيرة اتم حفظ خمسة عشر ألف حديث .

يالها من أم عظيمة تصنع لأبنها بيئة للإبداع والتميز لا تسخر منه بل تقف بجانبه  .

لم تتكاسل بل تستمر في ضرب درسًا ثالثًا واقوى رحلة العلم الحقيقة: تعلم أن قوة ابنها في حفظ الاحاديث قوية ولكنها لا تريد أن يكون ابنها إنسان عاديًا بل تريد أن يعلم العالم وبالفعل اخذته وهو في سن السادسة عشر هو واخا له يدعى أحمد إلى مكة للحج ، كانت فرصة عظيمة عند البخاري الصغير ليحج وتتفتح له أبواب العلم ينهل منها ، وقد تم ذلك فلما أدوا جميعا مناسك الحج تخلف هو لطلب علم الحديث والإخذ عن الشيوخ ، ورجعت أمه واخوه إلى بخاري .

 وكانت رسالة الأم واضحه ان يتعلم ابنها الحديث بلسان العرب ومن منبع ورافده الأول ، فهي لا تريد أن يرجع ابنها ليعلم أهل بخاري فقط وإنما ليعلم الدنيا كلها.

وهذه هي الأم الطموحة التي تريد أن يكون ابنها صاحب بصمة في الحياة  ، رغم وفاة زوجها لم تيأس ولم تهرب من المسئولية ، لأن المرأة هي عقل الإسلام المفكر ، إن غاب فقد غاب شمس الأمة ، فرسالة اليوم إلى كل أم عليها أن تعلم أنها عقل الإسلام المفكر نريد للعقل أن يرجع لصوابة.

شكرا للتعليق على الموضوع