زيارة غائب ” قصة قصيرة “

هاهي الشمس ترسل شعاعها الذهبي من بعيد وبدات نسمات الصباح تصحبها ، اصوات العصافير تشق الصمت المخيم علي المكان وهاهو صباح يوم جديد .

هل سياتي اليوم ام تراه سيتغيب اليوم ايضا كما فعل في اليومين السابقين ، هو زائري الوحيد ياتي لزيارتي يوميا في الصباح ويقضي النهار باكمله علي سور نافذتي يغيب ساعة وياتي ساعة – كانني ولده ياتي ليطمئن عليا ، اخرج له اصابعي من ثقوب في النافذه واضع عليها بقايا خبز ناشف قمت بتكسيره ثم بطحنه بكلتا كفي يديا ليكون حبات صغيره ليسهل له التقاطها بمنقاره الصغير وياتي هو ويقف علي سور النافذه ليبدا في التقاط حبات الخبز المطحونه من علي اطراف اصابعي واحيانا يصعد علي اطراف اصابعي ويقف فرحا مطمئنا بما صنعته له وما ان ينتهي من وجبة الطعام تلك حتي يبدا في التحرك سريعا علي سور النافذه ذهابا وايابا كانه يمارس رياضة ما ثم يطير وياتي ثانية ويقوم بحركات في الهواء وهو طائر تبعث في نقسي السرور فتحرج من فمي ضحكات يسمعها هو فتعلي اصواته وهو يغني ليعلن لي انه يشاركني الضحك  .

وقبل ان يحل الظلام يقف علي اطراف اصابعي وينظر اليا مودعا ويطير .

منذ اكثر من عام وهذا يحدث يوميا واحيانا يصحب معه بعض من اصدقائه او اخوته بل انه اتاني زائرا ومعه – اظنها وليفته – ليعرفها

علي صديقه الساكن في تلك الغرفه التي لها – نافذة حديديه لاتفتح – ولها باب يفتح فقط ليدخلوا اليا منه ما يسمونه طعام ولايوجد بها الا تلك القطع القديمه من – الخرق – يسمونها مرتبه وخرقة اخري يسموهنا – مخده – واخري يسمونها غطاء وحيطان يغلفها السواد هي وارضية الغرفه وبعض من الاشياء علي الارض – يسمونها اواني – واشياء معلقة علي مسامير مثبته علي الحائط يسمونها ملابس ومكان هو لايراه – من حسن الحظ انه لايراه – او يشتم رائحته المنبعثه منه – والا لما اتي الي هنا ابدا زائرا – .

منذ متي وانا هنا ، لم اعد اتذكر ، ولا لماذا انا هنا ، ولا الي متي سابقي هنا ايضا ، الذي اعلمه ان صديقي الذي يزورني كل يوم غاب منذ يومين وهذا هو اليوم الثالث ولم ياتي ايضا ، وهاهي بقايا حبات الخبز الذي طحنته خصيصا له لاتزال موجودة علي سور النافذه .

ماذا لو هبت رياح شديده وازاحت طعامه الذي اعددته له  ؟!

قد يظن انني نسيته بعد غيابه اليومين الماضيين ولم اكن اعد له الطعام من حبات الخبز الناشف كما عودته سابقا  .

مدتت بصري لابعد مكان يمكن ان يصل اليه بصري قد يكون هنا او هناك  .

اين انت ياصديقي  ؟!!

هكذا كنت اتسائل واحدث نفسي ، صديقي الذي يزورني ويتحدث معي ونضحك سويا ويسمعني الحانه منذ يومين لم يزورني الا هذا الذي يفتح عليا الباب ، ويلقي اليا بهذا الذي يسمونه طعاما ليبقيني علي قيد الحياه .

ماذا حدث هل توجه الي احد النوافذ المجاوره لنافذتي واصبح صديقا لاحد سكانها ؟!!

ساقترح عليه ان يطلب من اشقائه واصدقائه ان يكونوا اصدقاء هم ايضا لساكني الغرف المجاوره لغرفتي  ، مثلما هو اصبح صديقا لي ويزوروهم مثلما يزورني هو ، وساقول انا لساكني تلك الغرف ان يكسروا الخبر الناشف ويطحنوه ليكون حبات طعام لهم مثلما افعل انا .

هل هو مريض ومنعه مرضه من زيارتي ؟!!

اذا كان الامر كذلك فمن المفروض ان اقوم بزيارته، ولكن كيف سازوره فاصابعي لاتستطيع ان تصل الي ابعد من سور النافذه وبيته بعيد علي الشجره العاليه التي اراها ولااري عشه الذي يقيم فيه مع وليفته – وعصافيره الصغيره  -قد يتهمني بانني لست صديقا مخلصا في صداقتي اذا كان مريضا ولم اسال عليه فهو لايعلم انني لااستطيع ان اصل لابعد من ثقوب النافذه وانني لست مثله فهو يستطيع الذهاب حيث يريد ، في اي وقت يريد ، وان بصري لايصل الا الي اوراق الشجر امام نافذتي الحديديه المغطاه باسلاك .

حل الظلام ولم ياتي زائري وصديقي اليوم ايضا ، قد ياتي غدا ، سانتظره ، واخرج له من ثقوب النافذه تحمل له الخبز الناشف الذي طحنته بكف يدي ليكون طعاما له ، وانتظره مع اشراقة صبح جديد ليحدثني ويسمعني لحنه الجديد ، ويسعدني بحركاته في الهواء ويسلم عليا بمنقاره من خلف نافذة حديد .

عزت الخضري
تاليف : عزت الخضري

شكرا للتعليق على الموضوع