الزمن وأبعاده المجهولة ( في منظار الايزوتيريك)
بيروت – تقلا ابراهيم : ضمن سلسلة علوم الإيزوتيريك، كتاب بعنوان “الزمن وأبعاده المجهولة (في منظار الايزوتيريك)” بقلم د. جوزيف مجدلاني (ج ب م)، مؤسس مركز علوم الإيزوتيريك في لبنان والعالم العربي. يضم الكتاب 80 صفحة من الحجم الوسط، منشورات أصدقاء المعرفة البيضاء، بيروت.
لقد بات يقيناً لدى العديد من القرّاء أن ينبوع معرفة الايزوتيريك فيض لا ينضب تدفُّقه. جديده نبْش مستديم في كل ما هو لامعلوم يصل الظاهر بالباطن لإغناء حياة الانسان بكشف المجاهل الخافية في منطق عملاني يربط الواقع بالحقيقة الخالدة.
كُتِبَ الكثير عن الزمن، فلْسَفوه، ناقشوه، ودرّسوا مفهوم اينشتاين لنظرية النسبيّة… لكن لا يبدو أن أحداً تطرّق إلى الزمن في أبعاده الفضائية – حتى لا نقول في مطلقه… فإلى أي حدّ نجح هذا الكتاب في كشف المجاهل؟!
حقائق “الزمن وأبعاده المجهولة” تميط اللثام عن الغوامض والأسرار التي تحيط بعنصر الزمن من بداياته، فيقول: “العقل الكلّي ابتكر عنصر الزمن ليحتضن فيه طفولة الوعي البشري. فالهدف من وجود الزمان والمكان هو استكمال حال الوعي في الانسان”.
سِمة الايزوتيريك أنه يعود في كل بحث إلى الأصول المجهولة، يعود تنقيباً وتقصّياً مسترشداً بالمنطق العلمي المتجانس مع المنطق الحياتي، والذي يغور في غياهب الزمن، ثم يسهِّل المفاهيم بالرسوم البيانية… وأخيراً يقدِّم روائعه طبقاً عقلياً شهيّاً تستسيغه مدارك كل قارئ في حياته العملية.
ينتشي الفكر وهو يستمتع ببلاغة المقطع التالي من “الزمن وأبعاده المجهولة”: “الزمن انعكاس برهة من الأبد في عملية الخلق. هذه البرهة تكتّلت نقطة في الفضاء، وصارت لحظة مكان في عرف اللازمن-أبدية المطلق”.
يجيب الكتاب عن الأسئلة التي لطالما راودت الفكر البشري:”ما هو مفهوم اللابداية واللانهاية في الوحدة الزمنية؟ ما هو مفهوم الوحدات الزمنية خارج نطاق الأرض؟ لماذا الإنقسامات الزمنية (ماضٍ- حاضر- مستقبل… ثم ثوانٍ، دقائق، ساعات، الخ… الخ)”، ويستطرد الكتاب: “… فلا الماضي مضى، ولا المستقبل آتٍ، ولا الحاضر هو اللحظة التي تفصل بينهما… لأن الثلاثة تكامُل في وحدة زمنية”. ويسأل أيضاً: “هل المقاييس الزمنية المعتمدة دقيقة؟ وماذا عن الساعة الذريّة؟ كيف يُوزَّع الوقت الذي يضيع هباءً؟ مَن ’يمرّ على الزمن‘ ومَن ’يمرّ الزمن عليه؟‘”.
يفسِّر كتاب “الزمن وأبعاده المجهولة” أن “الزمن هو قانون الوقت في العُرف العملي… فبعد عبور مرحلة السيادة على الوقت، تأتي مرحلة تخطّي الزمن! “.
إن طبيعة الزمن قائمة على تتالي الصور العقلية على شاشة الوعي، سواء تتالت عبر حواس الجسد أو عبر حواس الباطن. ولولا هذا التتالي للصور العقلية لما تواجد الحسّ بالزمن.
الفكر أداة الوعي. الإدراك الحسّي للظواهر هو نتيجة الإنطباعات التي تتوالد في الوعي بفعل تعاقب الصور العقلية. تعداد هذه الصور العقلية يقرِّر مدة الظواهر التي ندعوها بالزمن أو الوقت. علماً أنه أينما توجد حركة، فالزمن منخرط فيها. والحركة تُقاس بتعبير الوحدة الزمنية المتعارف عليها في كل الأعمال العلمية، وهي الثانية. هذا وأينما يوجد تغيُّر، فلا مفرّ للزمن من الوجود… وهكذا ما من طريقة للإحساس بالزمن إلا عبر تغيّرات الأشياء في محيطنا… وما من طريقة لوعي أسرار الزمن ومفاعيله إلاّ في وعي دواخل نفوسنا.
صحيح أن الزمن حركة إيقاعية في الفضاء… إلاّ أن الفكرة التي تقول إنّ الإيقاع يتضمّن قياساً محدّداً للزمن استناداً إلى وجود علاقات رياضية محدّدة بين مختلف أنواع الإيقاعات ومقاييس الزمن، لا تنطبق مقاييسها حتى على كوكب الأرض! ليس لأن مقياس الثانية غير دقيق بما فيه الكفاية… بل لأن المقاييس المادية لا تستطيع قياس الأبعاد غير المادية في الفضاء من منطلق الآية الكريمة “إن يوماً عند ربِّك كألف سنة مما تعدّون”.
الزمان والمكان يؤلفان الركيزة الأقوى لازدواجية وجود الكوكب الأرضي. هذه الازدواجية هي الـمِنْوَل وشبكة النسيج التي حيكت عليها فسيفساء الظواهر عموماً، وهي علّة وجودها. الزمان هو العنصر الديناميكي لهذه الازدواجية، فيما المكان هو عنصرها الساكن. هذا وآلية الظواهر ترتكز على تواتر الزمان والمكان، واللذين لا يمكن إدراكهما إلاّ حين يتجاوز الوعي هذه الآلية، عابراً نطاق العقل والظواهر إلى عالم الحقيقة العارية. وحتى ذلك الحين تبقى ’نقطة‘ المكان و’لحظة‘ الزمان وحدتيْن كونيّتيْن أساسيّتيْن لتفعيل آلية دوران الكوكب الأرضي.
يمكننا القول إن عنصر الزمن هو حالة وعي تتناوب بين الواقع والوهم. الواقع هو ما يتوجّه الوعي إليه – سواء عبر التأمّل والرؤيا أو الحلم… وكل ما عدا ذلك الواقع – ولو لبرهة خاطفة – يصبح وهماً في منظور الوعي. وهذا ما يجعل الوهم واقعاً لوعينا عندما يتوجّه إليه… فيما الواقع الذي كان فيه الوعي سابقاً، يصبح وهماً! حالة التناوب هذه تشابه من يجـلس في الـشمس (في الواقـع) ويرى ظلّه وهماً أمامه… ثم، بعد حين، يبدِّل مكانه إلى حيث كان ظلّه، فينتقل الظلّ إلى المكان الذي كان مستنيراً قبلاً. وعلى هذا التواتر يتفتَّح الوعي، يعمق، يرتقي ويتوسّع عبر تجارب الحياة واكتساب الخبرات إلى أن يصل إلى النور من دون ظلّ، إلى الحقيقة المجرّدة، فيرى صنواها أو ازدواجيتها – الواقع والوهم – ذكرى في البال، لولاهما لما بلغ مراده.
في ضوء ما تقدّم، هل نستطيع الإستنتاج، بحذر، أنه لا وجود للزمن المتعارف عليه خارج نطاق مداركنا؟ لأنه، عندما تنتفي الصور العقلية من العقل نفسه، يتوقف المكان والزمان، وينكشف السرّ… ولا يظهر غير الحقيقة فقط لا غير، حقيقة الوعي، وعي الحقيقة! والحقيقة لا تتغيّر ولا تتبدّل. لأنها ليست عرضة للزمن. لأنها خارج مدار فعل الزمن.
على صعيد آخر، هل تساءلنا مرة لماذا اتخذ علم الفلك أهمية بالغة إبّان حضارات بابل ومصر القديمة؟! ما هو دور الكريستال في تقريب الأبعاد الزمنية الهاجعة في وعي الباطن؟ هل سيشهد المستقبل اكتشاف “مخطوطة الزمن”… يليها مخطوطات أخرى تتعلّق بتكنولوجيا قياس الزمن في أبعاده؟! وماذا عن ’جهاز الزمن في الوقت‘، وهو آلة يدخل في تصنيعها الكريستال؟! إنها من جملة الأسئلة التي يجيب عنها هذا الكتاب بشروحات علميّة وافية.
وأخيراً يكشف كتاب “الزمن وأبعاده المجهولة” صورة ناطقة بالتعبير الحسّي عن كيفية ممارسة الحياة التطبيق العملي على نفسها!!