قصّتي مع العِلْم … كتاب ل ” جوزيف مجدلاني”
بيروت – تقلا ابراهيم : ضمن سلسلة علوم الايزوتيريك، علوم باطن الانسان، الكتاب الثاني والاربعون بعنوان: “قصّتي مع العلم” بقلم د. جوزيف مجدلاني (ج ب م ). يضّم الكتاب 208 صفحات من الحجم الوسط، منشورات أصدقاء المعرفة البيضاء-بيروت.
حقاً لم يترك الايزوتيريك باباً إلا وطرقه في شؤون الانسان وجلاء الغوامض عن البواطن الانسانية… وها هو في إصداره ” قصتي مع العلم” يقدّم مقارنة حيّة في قالب روائي تبين الفوارق بين علم الظاهر الأكاديمي أو الرسمي وعلم الباطن – الايزوتيريك الحياتي العملي.
يروي الكتاب سيرة ذاتية لطبيب قضى ثلاثين عاماً في التدريس والتطبيب، وفي البحث والتقصّي والتعمّق في حقول المعارف العلميّة حيث حقّق نجاح باهر والتمييز الفريد في مهنته، ما جعله يعتقد بأنه توصّل الى قمّة المعرفة الأكاديمية في حقل إختصاصه.
ولكنه عندما ابتعد عن التنظير والنظريات، وغاص في ميدان التطبيق العملي الحياتي، اعترف كما اعترف العديد من أسلافه العلماء، بوجود ” حلقة مفقودة ” تربط بين الباطن الخفي والظاهر-الجسدي… وبعد عناء مضنٍ ومعاناة دامت سنيناً طويلة، وجد ذاك العالم تلك ” الحلقة المفقودة ” في علوم باطن الانسان-الايزوتيريك. وفي خلال ثلاث سنوات فقط من البحوث المكثّفة والدراسات الايزوتيريكية التطبيقية، استطاع أن يتوصّل الى ما لم يستطيع التوصّل اليه طوال ثلاثين عاماً مضت وشهادته خير برهان على تفاصيلها.
من منطلق الحقيقة الساطعة التي تقول: ” إن العلم لا يطوّر نفسه، بل يطوّر الوسائل التي بها يتعرّف الى المعرفة”. يقدّم كتاب “قصّتي مع العلم” في سرد روائي مبسّط وأخّاذ… يقدّم الاجابات التي لطالما راودت الجسم الطبّي… تساؤلات في المرض والصحّة، في علم الأعصاب، في علم الوراثة الجينات، والأهمّ في ماهية العلاقة التي تربط النفس بالعقل والجسد وتأثير كل منها على الآخر، ودور الوعي في ذلك كله… ألخ… ألخ… يقدّمه الكتاب في منطق علمي متجانس مع المنطق الحياتي ومدعّم بالمنطق السامي، منطق الباطن، منطق الحقيقة، منطق المعرفة الخافية.
” قصّتي مع العلم” رواية إنسانية تبيّن السبب وراء تقصير العلوم الأكاديمية في اكتشاف الإجابات عن الاسئلة التي كانت ولا تزال تحّير البحّاثة حتى يومنا هذا، على الرغم من البحوث العلميّة المتعمّقة والتكنولوجيا المادية المتفوّقة، والسبب هو أن علوم الظاهر لا تنفكّ تبحث في القشور-الجسد بعيداً عن اللبّ-الباطن. ولا ترضى إلا بما هو ملموس ومحسوس. على الرغم من الظواهر العديدة حول العالم كتوارد الأفكار والحدس والمعرفة المسبقة، والأحلام الكاشفة… وغيرها. لكن السبب الرئيس يكمن في تردد العلم في الاعتراف بحقائق الباطن الكامن في كلّ انسان، والتي هي الجوهر أو العمود الفقري لكل ما قام عليه الجسد، فهناك تهجع الخفايا التي استعصت على العلوم. والى أن يعترف العلم بهذه الحقائق، سيبقى كمن يسير على قدم واحدة، وسيبقى قصيّاً عن الأسباب الجوهريّة، قصياًّ حتى عن نفسه من المعرفة-الأساس وان كان قصيّاّ عن نفسه، فأين سيكون من معرفة الحقائق الدفينة؟!
إنّ المختبر العلمي المادي لا يمكن له أن يتحقق من الباطن- اللامادة في الانسان، فاللامادة لا تختبر بواسطة أدوات مادية. على سبيل المثال الكهرباء بحدّ ذاتها هي عبارة عن ذبذبات تعمل من خلال المصباح فيرى المرء ضوءها، تماماً كما تعمل الأجسام الباطنية اللامادية من خلال الجسد فيرى الانسان تفاعلها من خلال الحواس والتعبير الفكري أو المشاعري. فهل يمكننا إذاً أن ندرك أو نرى الكهرباء إن نحن جلبنا مصباحاً أو لمبة وقمنا بتشريحها؟ فكيف إذاً نريد فهم الباطن في الانسان من خلال تشريح الجسد؟ من هنا يشرح الكتاب ماهية “تكنولوجيا الباطن” التي ستمكّن العلم الأكاديمي من التحقق من الامور اللامادية بوسائل المنطق العلمي.
“قصتي مع العلم” في النصف الأوّل من الكتاب هي قصة كلّ عالم بحث وعانى واستقصى، وفي نصفها الثاني هي قصّة كل باحث علم واستعلم فاستهدى، وتوصّل أخيراً الى نور الحقيقة الذي يبدد كل ظلام، والى المعرفة التي تروي ظمأ كل فكر رصين وتعبىء الثغرات التي خلفتها ” الحلقات المفقودة ” والأسئلة اليتيمة التي لم تلقى جواباً عليها في معاجم العلوم الأكاديمية.
ينتشي الفكر وهو يقرأ في صفحات ” قصتي مع العلم ” ما يقدّمه الايزوتيريك في سردٍ روائي يتخلله منطق عملاني يوازي بين الباطن والظاهر وفي بيان سلس مبسّط. الايزوتيريك لا ينقدُ، لا يناقد ولا ينتقد، بل يقدّم مسار المعرفة الذي انتهجه كلّ عظيم.
إنّ كتاب ” قصّتي مع العلم ” يشخذ التفكير ويوسّع الوعي بكل ما في الكلمة من معنى، إذ يقدّم معرفة خام كانت مقتصرةعلى النخبة فقط. فيدرك القارئ حقّ اليقين بأن المستقبل الواعد للعلم لن يحتمل وجود ما هو مبهم أو غير مفهوم أو مجهول ، بل على الانسان ألا يقبل بعد اليوم بإجابات غالباً ما تكون أشبه بـ ” المسكّن أو المخدّر” لما يحتقن في الفكر من تساؤلات تستغيث الإجابة… وسيدرك القارئ أيضاً بأن ما من صدفة أو حظّ أو عشوائية في نظام الحياة، لا بل سيعلم علم اليقين مع التعمّق والتطوّر في الوعي كيف ” تهندس الأحداس″ من حولنا!!!…