محسن عقيلان يكتب : وهم الازمة القطرية
دار في هذه الأيام لغط شديد و قلب للحقائق وشيطنة الحق و تجميل للشر حتى وقع القارئ العربى في حيرة من امره بالنسبة للازمة القطرية ومعه حق لان ما يحدث صعب الفهم وشديد التعقيد بسبب التداخل بين الحق و الباطل لذلك سنحاول في هذه المقالة إزالة بعض الشوائب في محاولة لتوضيح الحقيقة .
ونبدأ أولا بالجدل الدائر حول قطر وماهو الوصف الدقيق لها وهل هي مظلومة ام ظالمة معتدية ام معتدى عليها هل هي وطنية تحمل لواء المقاومة بدعمها لحركة حماس ام إرهابية لدعمها لداعش ، ام مشبوهة ومحط اتهام بسبب علاقاتها الوثيقة بإسرائيل ام دولة غير متزنة لجمعها علاقات مع ايران الشيعية و الاخوان السنية ام امتداداتها إسلامية لوجود قاعدة عسكرية تركية و دفاع مشترك ام امتداداتها غربية لوجود اكبر قاعدة أمريكية على أراضيها .
اذن لم نصل لحل اللغز بل زاد تعقيد كيف لدولة صغيرة قزمية مساحتها 11,571كم بعدد سكان 2,200 مليون مواطن 350الف منهم فقط قطرى ان يكون لها هذا الصيت و الشهرة و سعة الانتشار في المحافل الدولية ، و امساكها بملفات مهمة و حساسة و مركزية في المنطقة على حساب الدول العربية المحورية .
السر في كل ذلك هي الولايات المتحدة و كانت بداية ظهور قطر من خلال قناة الجزيرة التي كانت اول قناة عربية تكسر القواعد و المحرمات و تستضيف إسرائيليين على شاشاتها بحجة الاعلام الحر .
فهى دولة وظيفية استُغلت لادخال إسرائيل الى البيت العربى ومن ثم مهدت لما يسمى الربيع العربى بتحطيم هيبة الحكام العرب المنوى عزلهم من خلال برامجها الهادفة واسعة الانتشار ، و كان لها دور كبير في تسهيل دخول المقاتلين الإسلاميين الى سوريا من خلال تركيا طبعا تحت نظر و بعلم أمريكا وامدتهم بالمال و السلاح وكان لها الكلمة العليا في سوريا الى ان تم عزل رئيس الوزراء حمد بن جاسم الذى صرح من حينها انه سيتم استبدالنا بقوى أخرى ، و صادق في كلامه مع بعض التاخير في الوقت .
و أيضا استغلت قطر لفتح قنوات مع طالبان وعقد صفقات و تبادل لجنود غربيين و نفس الشئ مع داعش و جبهة النصرة على يدها تم الافراج عن مختطفين أجانب و سوريين و عرب اذن هي وكيل مصالح بالباطن الى هنا اعتقد اننا وصلنا للغز الصعود و الانتشار ، اذن من قلب الموازين في هذا التوقيت بالذات ؟
انه الرئيس الامريكى المثير للجدل دونالد ترامب الذى يعتبر ان عنوان دول الخليج هي السعودية ، وللعلم هو يحتفظ بعلاقات تجارية جيدة مع السعودية قبل فوزه برئاسة أمريكا ، لذلك كانت اول زيارة خارجية له للسعودية وقد ابتزها بصفقة خيالية بمبلغ 450 مليار دولار موزعة بين اتفاقيات تجارية و صفقات سلاح و استثمارات، مقابل ذلك اعطى الضوء الأخضر لتسليم الزعامة للسعودية لاعادة ترتيب أوراق المنطقة لتقليص نفوذ ايران و الحد من وجود تركيا و تضييق الخناق على حركة حماس .
كل ذلك تمهيدا لتطبيق رؤية ترامب لحل القضية الفلسطينية او ما يسمى صفقة القرن ، وللتوضيح اكتر سنتعرف على ماذا تقوم الرؤية السعودية ؟!
تقوم على استغلال الضوء الأخضر الامريكى قصير الاجل بالضغط على قطر و تقزيمها و ارجاعها الى بيت الطاعة وليس كما يبدو في وسائل الاعلام ان السعودية غاضبة من قطر بسبب التصريحات المسربة لامير قطر بخصوص موقفها من ايران او علاقاتها مع الاخوان او دعمها لحركة حماس .
لان السعودية و الامارات لها علاقات تجارية مع ايران اضعاف قطر خاصة الامارات بينها وبين ايران تبادل تجارى ب6مليار دولار واذا كانت المشكلة علاقاتها بالاخوان المسلمين فالسعودية تدعم الاخوان المسلمين في اليمن في حربها ضد الحوثيين .
واذا كان المشكلة وجود حركة حماس في الدوحة فهناك تحركات لجذبها للامارات من خلال وفد من حماس سيزور الامارات حسب ما تناقلته وسائل الاعلام واذا كانت علاقاتها بإسرائيل فاللواء السعودى المتقاعد أنور عشقى يجاهر بعلاقاته بإسرائيل و يطالب بالتطبيع معها دون اى اعتراض من حكام السعودية .
اذا هذه الازمة وهم وستار لامور أخرى أولها الزعامة ومن يقود المنطقة خاصة ان الأيام القادمة لا تستطيع قطر ان تقود او تدير احداث كبيرة او ما يسمى بصفقة القرن هذا بالنسبة للسعودية لكن لو انتقلنا لدور ترامب ما هي ابعاد تدخله ولماذا قلب موازين الخليج الإجابة على ذلك من خلال ثلاث محاور يرتكز عليهم ترامب .
أولا
الابتزاز :استطاع ترامب التلاعب بدول الخليج و حاز على صفقة ضخمة كما قلنا 450 مليار دولار و ليظهر انه مع مخاوف السعودية من قطر خالف التقاليد المتبعة في الولايات المتحدة مؤقتا و قام بالسماح للسعودية باستعراض عضلاتها بالتنفيس عن غضبها من تصرفات قطر وذلك لسببين : إرضاء السعودية و مكافئتها على سخائها و عطائها و السبب الاخر اخافة قطر و تذكيرها بانها امارة تسير تحت مظلة الحماية الامريكية وهذا ليس مجانا بل بمقابل كما حدث مع السعودية ، وقد أتت هذه السياسة اكلها لكن دون المطلوب عندما وقعت قطر على صفقة طائرات f15 بمبلغ 12 مليار دولار وقد اعتبرها ترامب خطوة أولى للوصول للسيولة القطرية المقدرة 370 مليار دولار وكان مقابلها مناورة صغيرة مع بارجتين امريكيتين و البحرية القطرية اذن قطر ستظل تحت الضغط حتى تبتز بالمليارات نظير حمايتها باثر رجعى وبعد ذلك سيتم رجوعها للصفوف الخلفية .
ثانيا
الضغط : يستغل ترامب تحركاته الخليجية و تغريداته على تويتر التي يتابعها 100 مليون شخص للضغط على المنظومة المعارضة لسياساته والكابحة لجموحه لانهم يعتبرون امن الخليج خط احمر يمنع العبث به لذلك هناك تناغم بين مستوى و حدة الهجوم الاعلامى على ترامب سواء في قضية اقالة جيمس كومى و قضية علاقاته بروسيا و تدخلها في الانتخابات بتحركاته في ازمة قطر و هي تعتبر ورقة رابحة بيده كان بداية ثمارها إعادة النظر بقراره عدم دخول مواطنين ست دول إسلامية للولايات المتحدة .
ثالثا
التغيير : يهدف ترامب من ازمة قطر إعادة ترتيب أوراق المنطقة بعودة السعودية لاستلام زمام الأمور من قطر و تضييق الخناق على حركة حماس للعودة للاحضان المصرية و مصر تلقفت هذه الفرصة الذهبية بخنق و تكبيل قطر المتهمة بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة في سيناء و عودة ملف الانقسام الفلسطيني حيث تمت تفاهمات بين المخابرات المصرية وو فد من حركة حماس لتبريد جبهة غزة واستغلته مصر للتقريب بين حماس و النائب محمد دحلان كخطوة أولى لعمل صلح تنائى بعد ذلك بين جبهة الرئيس أبو مازن من جهة و جبهة غزة (حماس دحلان ) من جهة أخرى لتهيئة الأجواء و التمهيد لمفاوضات السلام القادمة .
ملاحظة :
بسبب أهمية الموضوع و تفرعاته و عدم إمكانية اختصاره في مقالة واحدة بسبب كثرة الأطراف و اللاعبين السياسيين سنقوم بالتعريج عليهم في مقالات قادمة منفصلة لكن سنحاول اظهار مواقفهم في كلمات مختصرة وهم :
1 – الولايات المتحدة مال –تغيير – خطوط حمر
2 – روسيا تحويل الأنظار عن سوريا
3 – الصين تعتبرها غمامة صيف عابرة و تتحفظ
4–مصر عقاب و فرصة لتكبيل وخنق قطر
5-إسرائيل – الأخ الوالد خير من الأخ الأصغر
6-تركيا اذا لم يجدى الصلح فمصالحنا أولا
7-ايران –تفكيك مجلس التعاون أولوية
8- الامارت تقزيم قطر ضرورة
9- الأردن هذا احبه و هذا اريده
10 – الكويت الصلح خير
بقلم: د . محسن عقيلان
الكاتب : باحث فى العلاقات الدولية
اقرأ للكاتب :
اليوم الاستفتاء الدستورى “أردوغان ينافس أردوغان”