محسن عقيلان يكتب : اليوم الاستفتاء الدستورى “أردوغان ينافس أردوغان”

ساعات قليلة تفصلنا عن حدث مهم جدا في تركيا اليوم الاحد 16 – 4 – 2017 موعد الاستفتاء الشعبى على تعديل الدستور التركي لينقل تركيا من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي  ليضمن للرئيس رجب طيب اردوغان ان يستمر في الحكم لغاية 2029 و كرئيس كامل الصلاحيات .

لكن ما الذى يجعل اردوغان شبه واثق بالنصر في ظل وجود معارضة  من جانب و اتحاد اوروبى و  موقف غربى من جانب اخر  . في الحقيقة كما يتفق اغلب المتابعين للشأن التركى  ان اردوغان مهد الطريق بخطوات استباقية  خطيرة و غير قانونية  كما تقول المعارضة و هي على الشكل التالى :

1 – دبر انقلاب 15 – 7- 2016 للتخلص من معارضيه

2- إعلان حالة الطوارئ ليحكم قبضته على البلاد

3 – انهى نفوذ المؤسسة العسكرية و مؤسسة القضاء   بإقالة و حبس عشرات الالاف  بتهمة المشاركة في  الانقلاب  او الانتماء لجماعة الداعية فتحالله كولن

4 – السيطرة على 80% من الصحف وو سائل الاعلام  وغلق  الصحف المعارضة  للتاثير على الشعب  و الترويج لحملته

5 – اتهام من يعارض التعديلات الدستورية بانه مساند لتنظيم داعش و الإرهابيين

6 – استغلال اى نشاط رئاسى او افتتاح مؤسسات حكومية للترويج للتعديل الدستورى

 7 – القيام بحملات توعية بنفسه مستغلا منصبه و أيضا الكاريزما الخاصة بشخصيته في الاقناع

لكن في المقابل هل كل ما قام به غير قانونى ام  هناك تقصير من جانب المعارضة  فنجد على سبيل المثال استطاع اختراق حزب الحركة القومية و جعله يدور في دائرته مما اضعف موقف المعارضة  لكن في نفس الوقت لم يستطع ان يكسب جميع اصواته  لانه ببساطة احدث شرخ داخل حزب الحركة القومية  بين مؤيد للتعديل الدستورى و بين معارض  بالإضافة الى ان هذا التوافق افقد حملة اردوغان بعص أصوات الاكراد من القوميين و اليساريين الذين يرون الحركة القومية حجر عثرة في طريق حريته و كسب حقوقه القومية  بالإضافة لتداعيات الحرب الدائرة في جنوب شرق تركيا مع حزب العمال الكردستانى  وزيادة وتيرة العداء لاردوغان .

اما حزب الشعب الجمهورى اكبر حزب معارض في البرلمان ما دوره لماذا لم نرى له حراك ملحوظ في الشارع الا في الأيام الأخيرة عندما اقترب موعد التصويت مستندا على شماعة الظلم الواقع بحقه من قبل الحزب الحاكم  بسبب سيطرتهم على وسائل الاعلام الرئيسية  بواقع 80% وانهم لا يتركون لهم  المجال  بالتواصل الحر و النزيه مع الشعب  لكن كل ذلك لا يمنع  من حراك تنظيمى  على مستوى الأطر الحركية  في الحزب وهذا ماخذ خطير حاولوا تجاوزه من أيام قليلة  ليس من باب الصحوة المفاجئة او النشاط الزائد انما من باب الغيرة  والاحراج لان لان عناصر حزب العدالة و التنمية انتشروا في الميادين  و المقاهى  الثابتة و المتحركة .

اما حزب الشعوب الديمقراطى  هو الوحيد الذين التمسوا  له العذر لانه مسلوب الإرادة و الحقوق لان كثير من قادته و أعضاء برلمانه  اما محتجز او يواجهون تهمة دعم الإرهاب  ومرفوعة عنهم الحصانة بالإضافة الى ان الحزب سلم بفرضية تراجع شعبيته بسبب الحرب الدائرة مع حزب العمال الكردستانى  الذى يتهم الذراع العسكرىلهم مما احدث شرخ بين الاكراد و الاتراك و بين الاكراد انفسهم  , كل ما سبق قراءة في الوضع الداخلى لتركيا .

اما على سبيل الوضع الخارجي فقد قطع اردوغان الطريق عليهم من خلال  قوانين الطوارئ و التشديد و تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدنى  خاصة العاملة ضده بالإضافة الى مهاجمة أوروبا و اتهامها مسبقا انها ضد التعديلات الدستورية  مستغلا رفض هذه الدول باستقبال وزرائه لعمل مهرجانات انتخابية  لدغدغة عواطف الاتراك و إظهار أوروبا بانها ضد تركيا المسلمة  و التركيز على ظاهرة الاسلاموفوبيا  وقد نجح في ذلك وجعل أوروبا في حالة الدفاع و تبرير افعالها  اما بالنسبة لامريكافهى ليست بوضع يسمح لها بالمراهنة  على خسارة شريك او المراهنة على مكانة و موقع تركيا الاستراتيجي الهام  واقترابها اكثر من روسيا لذلك  ارسل ترامب  رسائل مطمئنة  له .

اذن اردوغان تقريبا يسيطر على مجرى الاحداث  الا ان  نقطة واحدة  تشغل باله ومن اجل ذلك اسستنفر قواعد الحزب و أعضائه في محاولة التاثير  عليهم  وهم شريحة المترددين او الصامتين  ومن شملهم التصويت لأول مرة  وقد استعان الاتراك لأول مرة باساليب الأحزاب العربية في التاثير  على الناخبين من خلال شراء أصواتهم  بايصال  الهدايا الى المنازل  وهى عبارة عن سلة من الشاي و الحلويات  مكتوب عليها  عبارة نعم  و هم المؤيدين  للتعديلات او عبارة لا وهم المعارضين للتعديلات وقاموا بصراع اللحظات الأخيرة من خلال إقامة المقاهى  الثابتة و المتحركة  كما قلنا سابقا  في الميادين العامة و التجمعات الهامة بحيث كل مقهى أيضا معنون بنفس السلة عبارة نعم او عبارة لا  لان هذه الشريحة مهمة جدا في حسابات الانتخابات لان 10% المترددين  تقلب الموازين  فاذا تجاوز اردوغان هذه الإشكالية  التي يصارع أنصاره الزمن لكى يتخطوها  سيشكو اردوغان من ان الميدان لا يوجد به منافس له او خصم الا اردوغان .

الكاتب : باحث فى العلاقات الدولية

Tamaly200552@gmail.com

اقرأ للكاتب :

لغز (ال 36) صاروخ توما هوك المفقودة

شكرا للتعليق على الموضوع