نانسى فتوح تكتب : نزيف لا يتوقف..

تتغير الحياة في مصر على مدار الأعوام، ويتغير الوضع الاقتصادي وتتغير الأنظمة السياسية والأحوال الاجتماعية، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو حوادث الطرق.

فنزيف الدماء من ضحايا حوادث السيارات يتدفق على الطرق ولم يتوقف يوماً، حتي أصبحت مرضاً خبيثاً مزمناً لا علاج له رغم معرفة أسبابه الواضحة.

فقد اعتاد المصريون الاستيقاظ صباح كل يوم على أخبار الكوارث المرورية، بل والبعض منا يشاهد تلك الكوارث أمام عينيه .

فكما يروي أحد أصدقائي الذي شاهد إنقلاب سيارة أمام عينيه 5 مرات في الرابعة من فجر يوم السبت أثناء عودته من أكتوبر إلى المهندسين على دائري”طريق الواحات”  .

يقول: عند طلعة جامعة القاهرة والطريق فاضي لقيت عربيه بتتقلب أكثر من 5 مرات قدامي، ركنت نزلت جري على الحادثه وحاولت أطلع الشاب لحد ما ربنا يسر الأمر، واتلم ناس كتير وطلّعنا الشاب، لقيناه فاقد الوعي تماماً وغرقان في دمه ، طبعاً أنا كنت أول واحد شاف الحادثه فكان عيني على الشاب وممتلكاته عشان قطاع الطرق اللى على الدائري اللى بتقلب الناس والحمد لله قدرنا أنا وكام واحد من ضمن الموجودين نحافظ على حاجات الشاب من موبايل ومحفظة ، لحد ما وصلت الشرطة واستلمت حاجته كل ده والشاب مستمر في النزف والإسعاف مجتش …!

سبب الحادثه إنه في طلعة جامعة القاهرة أقصى اليمين هنلاقي رصيف عامل زي “الخازوق” في نص الدائري وبعد تحقيقات الشرطة اتضح أن الشاب من المنصورة وجديداً في شوارع القاهرة فلم ينتبه إلى ذلك “الخازوق”   لأن ليس هنالك علامات تحذيرية لتهدئة السرعة.

ويكمل حديثه : وبعد مرور ساعة من الحادثة جت الإسعاف شالت الشاب ، ومحدش عرف يفتح تليفونه عشان يكلم حد من أهله،  فالمسعف قال “هو مين معاه؟” فكان الرد مفيش حد.

فردّ المسعف : “ده كده هيتبهدل لوحده في المستشفى”.

وبعد وصولنا مستشفى الهرم دخلت المستشفى ثم وجّه ليه أحد المسؤولين سؤال : أنت أهله؟ فكان جوابي ” لا يا عم أنا مش أهله أنا واحد جي من عند ربنا أأقف جنبه ” .. فين الدكاتره والأجهزه! فين الناس اللى بتجري تلحق الروح .

وبعد الانتظار ساعات بقي الوضع كما هو عليه ومفيش فرق لما كان الشاب على الدائري وقت الحادثه وبعد وصوله للمستشفى !!

واختتم كلامه: ” حسبي الله ونعم الوكيل إهمال وتلاعب في أرواحنا” .

 ولكن السؤال .. ماذا فعلت ـ الدولة والمسؤلين ـ للقضاء على حوادث الطرق؟!

فلا يوجد في مصر شبكة طرق مطابقة للمواصفات، حيث أن حالة الطرق في مصر سواء القديمة أو الحديثة لا يرثى لها، نتيجة لانتشار الحفر والمطبات عليها وعدم وجود أعمدة إنارة بمعظمها، هذا بالإضافة إلى مشكلة الفواصل التي تعاني منها معظم الكباري سواء داخل المدن أو خارجها، بالإضافة إلى تدنى مستوى الأسعاف على الطرق وخدمات السلامة، كذلك مشكلة نقص الارشادات المرورية على الطرق.

 أما المشكلة الأخرى التي تعد أحد أسباب زيادة معدلات الحوادث فى مصر، فهي مشكلة المرور نتيجة لغياب الرقابة المرورية على الطرق، وعدم تطبيق القانون، ويكفي أن نذكر أن مصر الدولة الوحيدة التى وصل فيها الفساد للعب بأرواح الناس عن طرق منح رخص قيادة لأشخاص لا يجيدون القيادة لأن لهم واسطة في المرور أو عن طريق دفع مبالغ لإنهاء الاجراءات، وبعد الحصول على الرخصة تبدأ الكوارث في الوقوع.

فكثير من مسئولي المرور في مصر يتهم المواطنين بأنهم السبب الرئيسى في هذه الحوادث، ونسمع تصريحات من عينة أن قادة المركبات فى مصر يفتقرون الثقافة المرورية، وأن سوء سلوك السائقين، هو الذي يتسبب في الحوادث، وكلها أسباب صحيحة وتسهم بشكل كبير في وقوع حوادث الطرق..

لكن.. أين دور المحافظين وإدارات المرور ووزير النقل حيث يوجد الكثير من هذه الخوازيق بجانب نقاط المرور أيضاً، ولا أحد يعير الاهتمام!

أين هي أقل المطالب البسيطة للمواطن كي يحيا  بأقل احتياجاته ليشعر بأنه بشر وليس بحيوان!

 مقارنة هنا بالدول الكبرى التي تحفظ رعاياها وترعاها رعاية شامله من أقل الحقوق إلى أقصاها في حق العيش على أرضه، فالحيوان في هذه الدول الكبرى أكرم منه في وطننا.

فهل توجد دولة أكثر ظلاماً مما نحن نعيش فيه؟

بالتالي علينا أن نعمل سوياً على عدم استمرارية ذلك النزف بأمور بسيطة فلنحترم قوانين المرور فهي ليست تحكمات ومقيدات حرية فنخترقها بعنجهية فلقد وضعت لسلامة الجميع، ولنشدد المراقبة على مدارس السياقة وسائقي التريلات الذين يتعاطون المنشطات أثناء القيادة وتفعيل القوانين الصارمة عليهم،  إضافةً إلى إنشاء بعض مراكز الإسعاف على الطرق السريعة والاهتمام بالطريق من حيث السفلتة والإنارة واللوحات الإرشادية.

وأخيرا رسالة أوجهها إلى المسؤولين “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.

اقرأ للكاتبة :

روح أكتوبر

شكرا للتعليق على الموضوع