ناصر اللحام يكتب : نقطة نظام … هل هناك فرق بين بلفور وهتلر !
هذا السؤال ممنوع . وغير مسموح لاي انسان في العالم أن يسأله . ولو تجرأ أي مسؤول دولي او اجنبي أو اوروبي أو أمريكي ان يقول الحقيقة ، لخسر منصبه وغادر عمله وانتهت حياته السياسية والاقتصادية حتى ولو كان رئيسا لدولة .
انسان واحد فقط يمكنه ان ينبش التاريخ ويسأل كما يريد . وهذا الانسان ليس منكم ولا من باقي شعوب العالم ، انه المثقف اليهودي الحقيقي .
حين صافحني أمس أستاذ أكسفورد الأكاديمي الإسرائيلي البروفيسور آفي شلايم، في العاصمة براغ . وقف بفخر وقال لي انه سعيد لرؤية فلسطيني يدافع عن قضيته بايمان عميق ، وقال لي انه لم ينس اللغة العربية وأنه عراقي الأصل .ولم أتوقع أبدا أن اسمع ما قاله ضد الصهيونية .
ومعنا على نفس الطاولة جلس الكاتب الأيرلندي ديفيد كرونين، مؤلف كتاب “ظل بلفور: قرن من الدعم البريطاني للصهيونية وإسرائيل”، والكاتبة والمترجمة التشيكية المختصة بالشؤون الصهيونية، دانيلا باراتيكوفا، وأستاذ السياسة والاجتماع والفلسفة التشيكي، البروفيسور بافيل بارشا.
آفي شلايم كان يفيض ثقافة وفكرا مستنيرا مثل البحر الهادر ، وملأ قاعة الجامعة باصراره على أن وعد بلفور تمثيلية امبريالية من الدول الاستعمارية لاحتلال شعوب الشرق . وقال أمام الكاميرات : حسنا ان بلفور كان من أصل اسكتلندي ، واذا كانت فكرته مفيدة للبشرية وفيها كل هذه الحسنات ، فلماذا لم يعط اليهود وعدا باقامة دولة في بلده الأول اسكتلندا ؟ ولماذا اختار فلسطين وحارب أهلها الطيبين ؟ هل من أجل حل مشكلة وجودهم في اوروبا ؟
( كان اليهود هاجروا الى اوروبا وزحفوا اليها ما أثار غضب القادة وصولا للتخلص منهم والقائهم في البحر نحو فلسطين . اي ان اوروبا هي التي رمت اليهود في البحر وليس العرب !!) .
اما الكاتب الايرلندي كرونين فكان الأكثر اصرارا وتشددا، وقال ان ارثر بلفور انتهازي سياسي عميل لبريطانيا ، نسي أصله وفصله وكان هدفه الاول استرضاء الانجليز والدس على أبناء شعبه ليصبح رئيس وزراء، وقد فعل ما جعله يصل لهذا المنصب. وفي نهاية الثلاثينيات قامت عصابات يهودية تسمى ايتسيل وأرغون واطلقت النار على جيش بريطانيا وقتلت جنودها قبل انسحاب الانتداب الذي لم يفهم حتى الان أنه اعتدى على البشرية كلها بهذا التنصيب والتمليك السياسي.
وأكثر ما لفت انتياهي الكاتبة التشيكية دانيلا باراتيكوفا وهي مؤرخة وسألت بكل موضوعية : لماذا فعلت انجلترا ذلك بالشعب الفلسطيني ؟ لماذا نجح حاييم وايزمان في انتزاع هذا الوعد ؟
خلاصة القول .. ان غالبية اليساريين في اسرائيل قد تحولوا الى وحوش ضد الفلسطينيين ، ونسوا أخلاقهم وثقافتهم وصاروا يقلدون شارون ونتانياهو وباقي المستوطنين .
وان معظم اليساريين اليهود تركوا فلسطين ، وغادروها مثل فلاتسيا لانغر الشهيرة التي تعيش الان في المانيا ؛ ومثلها الاف الاسرائيليين وعشرات القادة .
على الثورة الفلسطينية والسلطة ومنظمة التحرير ودائرة المغتربين ان تستفيد وتنظم العلاقة الصحيحة مع هؤلاء اليهود الذين يقودون حركات مقاطعة اسرائيل وال B D S في أمريكا والعالم ، وليس مع أمثال السياسي التافه آفي جباي أو ضباط الادارة المدنية أو حثالة الأحزاب الاسرائيلية المهزومة التي تريد استرضاء المستوطنين ، وغيرهم من آفات الفكر الصهيوني .
مرة أخرى ، نحن بحاجة لتشغيل دائرة المغتربين بثقافة وفكر نافعين لقضية فلسطين العادلة .
د. ناصر اللحام
اقرأ للكاتب :