ناصر اللحام يكتب : سعد والسعودية …
منذ سنوات يتحدث المراقبون عن حتمية وصول الهزات الارتدادية للربيع العربي الى دول الخليج. ومنذ بدأت احداث يناير مصر وليبيا وسوريا واليمن، توقعنا أن الامور ستصل آجلا او عاجلا الى قطر اولا، ومن ثم الى باقي دول الخليج وصولا الى السعودية. وهذا ما حصل ويحصل.
ولا يمكن لأي محلل مهما عظم شأنه وثقافته ومصادره، أن يفهم ما يحدث في السعودية وفلسطين والعراق ولبنان الا اذا رأى الصورة بشكل كامل، وعرف تسلسل الأحداث في الوطن العربي كلّه. لان أزمة قطر لا تنفصل عن انهيار ليبيا ووصول أسلحة القذافي الى اوروبا، وان ما يحدث في السعودية لا يمكن فصله عما يحدث في النيجر وشمال افريقيا ونشوء “بوكو حرام” وما آلت اليه الامور هناك. كما لا يمكن فصل ما يحدث في لبنان عما يحدث في اليمن وهكذا.
الامر واضح، ولكننا أحيانا نميل الى تعقيد الصورة حتى نتجاوز مرحلة الانكار ونبحث عن حيل دفاعية تساعدنا على المواجهة. أو الاختفاء والاختباء.
ان الحديث عن دول عربية غنية ودول عربية فقيرة، بدعة امبريالية استعمارية، فجميع الدول العربية غنية في حال حكمت نفسها بنفسها.
وان الحديث عن دول عربية قوية واخرى ضعيفة أمر مشكوك فيه. لان أقوى الدول العربية لا تملك قرارها السياسي والعسكري، فيما شاهدنا ان “أضعف” دول عربية واجهت أعتى الجيوش وانتصرت عليها.
ان الحديث عن (عدم التدخل في الشؤون العربية)، لا يعدو عن كونه (مجاملة دبلوماسية) مقبولة وليس أكثر من ذلك. فأمريكا لن تسمح بعدم التدخل وهي تفرض على الدول العربية أن تضغط على بعضها وتحارب بعضها وتقاتل بعضها وتقيم الحدود بين بعضها البعض.
كما أن الحديث عن أزمة عابرة، يعتبر هروبا من مواجهة الحقيقة، فالازمة العربية مستفحلة منذ ان انهزمت تركيا في الحرب العالمية الاولى وتركتنا فريسة لكل ناب، حتى اليوم. وحين تملك الحكومات العربية الجرأة على تشخيص أمراضها ومواطن ضعفها. يمكن بعدها ان نتحدث عن العلاج.
ان ما يحدث في لبنان ودول الخليج، هو جزء من ثمار الشر التي طرحتها شجرة ترامب حينما زار المنطقة، وان استقالة سعد الحريري تركت فراغا سياسيا سوف يخلق أزمات متدحرجة وصولا الى تدخل عسكري او الحوار بلغة السلاح.
كما ان المصالحة الفلسطينية نفسها هي ثمرة رؤية امريكية دولية عربية اسرائيلية، وأنا استغرب من الذين لا يزالون يستغربون ذلك.
قطر “المحاصرة” بذبذباتها. والسعودية المهمومة باموالها ونفطها. والامارات التي تبحث في بنك الاعداء، عن صديق. وفلسطين الضائعة. وغزة المنسية، ولبنان التي “تعاني من ذكائها” .. ما هي الا نتائج لما وقع من تدمير على سوريا والعراق وليبيا واليمن.
ماذا بعد !!
سوف تواصل ادارة ترامب تنفيذ ما بدأته ادارة اوباما وهيلاري كلينتون، وصولا الى نهب اموال العرب، وافقار ايران بالتوازي . وبعد أن تبيع جميع الاسلحة في مخازن الولايات المتحدة، ستطلب من الجميع الهدوء حفاظا على الامن العالمي.
وبعدها يتصالح القائد الشاب محمد بن سلمان مع حكام طهران .. وتبدأ الشركات الامريكية والاوروبية بأخذ عطاءات اعادة الاعمار لما هدمته اسلحتها.
لن تترك امريكا الخليج قبل ان تمتص دمه لعشرات السنوات القادمة واضعافه حتى تصبح اسرائيل اغنى منه.
ولن تترك امريكا قطر حتى تقوم امريكا بتركيع الامير تميم وتجعل اسرائيل هي انبوبة الاكسجين الوحيدة له.
لن تترك امريكا مصر حتى تتأكد أن جيشها لن يحارب اسرائيل.
ولن تترك اسرائيل الكويت الا بعد ان تصرف خزائنها على محاربة داعش والاسلام المتطرف.
ولن تترك اسرائيل الامارات الا بعد ان تسرق منها كل التكنولوجيا والرفاهية والتفوّق وتورطها في مناطق النزاع والاستنزاف.
ومن اليوم نستطيع الاعلان عن انتهاء (حل الدولتين) .. ومنذ هذه اللحظة سوف يبدأ كبار المسؤولين الفلسطينيين بالحديث علنا، عن دولة واحدة متساوية في الحقوق.