متاجر تتيح لعملائها نوم ليلة فيها تشجيعا للتسوق

مع تزايد أعداد الأشخاص الذين يتسوقون على الإنترنت، أصبح تجار التجزئة يستخدمون وسائل غريبة لجذبنا مرة أخرى إلى شوارع التسوق الرئيسية. ولكن هل ينجح هذا الأسلوب؟

بالنسبة للكثيرين، تعد فكرة قضاء ليلة في متجر فارغ أمرا مروعا، لأن الأجواء ستكون هادئة بشكل مخيف، لكن متجر جون لويس البريطاني يعتقد أن عددا كبيرا منا يفكر عكس ذلك ويوفر لزبائنه تلك الفرصة في فروعه في ليفربول وكامبريدج وفي فرع شارع أوكسفورد في العاصمة البريطانية لندن.

وفي كل حالة، يقضي مقدم الطلب الذي يجري اختياره عشوائيا ليلة في “مكان الإقامة”، وهو عبارة عن شقة فخمة وسط المتجر.

وبإمكان المقيم في الشقة في تلك الليلة أن يجلب أصدقاءه لتجربة المنتجات والملابس ومشاهدة الأفلام، والقيام بجولة تسوق خاصة. كما يقدم لهم موظف الاستقبال وجبتي العشاء والفطور.

وتأمل إدارة جون لويس بأن يخلق مكان الإقامة انتعاشا في متاجره، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد المتسوقين على شبكة الإنترنت وتهجر شوارع التسوق الرئيسية. لكن بعض المتسوقين خارج جون لويس في شارع أوكسفورد تنتابهم الريبة حول هذا الأمر.

تقول المتسوقة فيونا: “إنه أمر يعكس حالة اليأس التي وصلوا إليها. إنه أمر مادي جدا ومحزن”.

أما المتسوقة الأخرى شيرين فتقول إنها تجد فكرة النوم في المتجر “سخيفة ولا تتسم بالخصوصية”، رغم أن روبن يقول إنه سيسعد بمثل هذه التجربة.

ويضيف روبن: “إنها فكرة غريبة لكنها ممتعة جدا. أعتقد أن هذا النوع من الأفكار جيد لشوارع التسوق”.

وبدءا من دروس اليوغا وصولا إلى محاضرات الضيوف ورؤية المشاهير وركوب الدراجات، يقدم تجار التجزئة في جميع أنحاء العالم “تجارب” في مبانيهم لكي ننفق أموالنا عليها.

ويشير بحث أجرى في الآونة الأخيرة إلى أن أكثر من ثلث تجار التجزئة في المملكة المتحدة ينظم الآن مثل هذه المناسبات، في حين أن 19 في المئة منهم تخطط لفعل ذلك في السنوات الثلاث القادمة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي لجأ فيه الأشخاص للتسوق عبر شبكة الإنترنت وهجروا شوارع التسوق التقليدية، ما إدلي إلى إفلاس علامات تجارية كبيرة مثل جايجر، ودفع متاجر مثل “أميركان أباريل” و”ماركس آند سبنسر” إلى إغلاق العديد من أسواقها.

ولا تسمح إدارة جون لويس لنا بالتحدث إلى أي شخص بات ليلة في متجرها، إلا أن مدير تجارب العملاء، بيتر كروس، يقول إن “الآلاف” تقدموا بطلبات للحصول على هذه الفرصة.

ويشير أيضا إلى قائمة طويلة من التجارب الغريبة للزبائن التي تقدمها متاجر جون لويس الآن، بما فيها دروس في الملاكمة وخدمة تصفيف الشعر للرجال وورش عمل للتدريب على المنتجات وحانات للعناية بالأظافر والحواجب.

ويقول كروس: “أعتقد أن هذا نابع من الاعتراف بأن دور المحال التجارية يجب أن يتغير، ويجب أن تكون المتاجر أكثر من مجرد طريق لبيع المنتجات. وعلى تجار التجزئة أن يفكروا في الأسباب الجديدة التي قد تجعل الزبائن يرغبون في القدوم إلى المتاجر”.

يعتقد البعض أن توفير تجارب جديدة في المتاجر يدفع إلى الإقبال عليها، ويشجع الناس على البقاء في المتاجر فترة أطول، ويجعل العملاء أكثر ولاء للمتاجر، وكل ذلك يرفع نسبة المبيعات.

في سبتمبر/أيلول الماضي، أجرى بنك باركليز دراسة على 250 شركة بريطانية، ووجد أن تلك الشركات التي نظمت مناسبات ووفرت وسائل ترفيهية شهدت زيادة في مبيعاتها السنوية بنسبة 14 في المئة، رغم أنها تقر بأنه لا يمكن الجزم بأن التجارب التي وفرتها كانت السبب في هذه الزيادة.

وكانت إحدى الشركات المؤيدة لهذا الاتجاه هي شركة إيفانز سايكلز، التي تبيع الدراجات الهوائية. وقد بدأت في تنظيم فعالية لركوب جماعي للدراجات من متاجرها هذا العام، وتخطط لتوسيع المبادرة في عام 2018.

ويقول جيمس باكهاوس، مدير التسويق في الشركة البريطانية: “يمكن أن يهيمن الذكور على ركوب الدراجات، إلا أن الأمر اجتذب عددا من الإناث أكبر مما توقعنا، ومن راكبي الدراجات الذين بدأوا للتو في ممارسة هذه الهواية”.

إضافة إلى ذلك، فإن أكثر من نصف الذين شاركوا في ركوب الدراجات أنفقوا أموالا في المتاجر مباشرة بعد هذه الفعالية.

وقد نظمت شركة إيفانز سايكلز فعاليات لركوب الدراجات في 28 متجرا تابعا لها العام الماضي. ويقول باكهاوس: “إذا كان لديك متجر متوسط المظهر يقدم منتجات متوسطة، فإن هذا النوع من المناسبات لن ينقذك. ولكن إذا كنت تفعل كل شيء آخر بشكل جيد، فإن ذلك سيساعدك. إذ أن استئجار مساحة في شارع رئيسي يعد أمرا مكلفا، لكن الشيء الوحيد الذي لا يمكن فعله على الإنترنت هو الالتقاء بالناس”.

ويقول بيتر فادار، أستاذ التسويق في كلية وارتون للأعمال في ولاية بنسلفانيا، إنه في حين أن عددا أكبر من المتاجر ينظم فعاليات ويقدم وسائل ترفيهية، إلا أن معظمها لا يفعل ذلك على نحو جيد.

وتدعو شركة نايكي المشاهير بانتظام إلى متاجرها. وقد التقى لاعب الغولف روي ماكلروي بمشجعيه في متجر الشركة في لندن في يوليو/تموز الماضي.

ويضيف فادار: “الكثير من هذه المبادرات في مرحلة جديدة، وقد يتلقى المستهلكون الطُعم، لكنهم سيملونه، والعديد من هذه المبادرات قد لا ينجح”.

ويشير إلى أنه في الماضي، كانت المتاجر عبارة عن مراكز اجتماعية في وسط المجتمعات المحلية، ويحاول تجار التجزئة إعادة خلق ذلك الأثر مرة أخرى. لكن توفير ذلك النوع من العلاقات مع العملاء على نطاق واسع “صعب للغاية”.

ويقول فادار: “يتحول تجار التجزئة الذين يحسنون فعل ذلك إلى مستشارين موثوقين لعملائهم حول جميع الأشياء، وليس حول المنتجات وحسب. فهم لا يحاولون حثك على الشراء بشكل فج”.

وتعتقد لوليمون أثليتيكا، التي تبيع ملابس رياضية مستوحاة من اليوغا حول العالم، أن شركتها حققت هذا الهدف وحققت مكاسب جيدة.

وكل أسبوع، يقدم أحد متاجر لوليمون فعاليات تتراوح بين اليوغا والتأمل والتدريب الذي يشمل سلسلة من التمرينات المتكررة التي تفصلها فترات راحة. وقد ارتفع صافي إيرادات هذه الشركة الكندية العام الماضي بنسبة 14 في المئة ليصل إلى 2.3 مليار دولار.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، لوران بوتديفين، لبي بي سي: “نعلم أن الناس يريدون اتصالا بشريا، لذا نعمل على إعادة تشكيل تجربة التجزئة لتعكس ذلك في متاجرنا”.

إلا أن البعض انتقد العلامة التجارية لأنها مكلفة للغاية، وشكك في أصالة صورتها المستوحاة من اليوغا.

وقد تجد بعض العلامات التجارية أنه من الأسهل تقديم تجارب هادفة أكثر من غيرها. ففي نهاية المطاف، كم منا يريد “التسوق والبقاء” في أحد المصارف أو محلات السوبر ماركت؟

بي بي سي

شكرا للتعليق على الموضوع