يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

استيقظت مبكراً رغم انه يوم عطلتى الأسبوعية ، لكى اصطحب ابنتى الى امتحان مادة اللغة العربية للمرحلة الإعدادية ، وحين عدت الى المنزل ادركت انه من الصعب بل من المستحيل كعادتى ان أَغط فى النوم مرة اخرى …

فقررت ان افضل ما يمكن ان أقوم بِه- بما ان كل اهل البيت يستمتعون بنوم عميق- هو ان أقضى بعض الوقت فى مشاهدة فيلم تشويقى حدثنى عنه بعض أصدقائى منذ فترة ليست بطويلة …. فيلم ” ذَا فروزن” اى “المجمدين” .

بدأ الفيلم بالزوجين “ايما” (التى اكتشفت فى أولى مشاهد الفيلم انها حامل ولَم تكن سعيدة بهذا الاكتشاف) و”مايك” وهما فى طريقهما لقضاء رحلة “تخييم” بمنطقة جبلية ثلجية .

وما ان وصلا الى نقطة معينه حتى اضطرا الى ترك سيارتهما، ليستقلا سيارة مخصصة للسير على الثلج ، فكانت اول تجربة لمايك فى قيادة مثل هذا النوع وبرغم عدم ثقة “ايما” فى قدرته على ذلك ، الا انه استطاع …….

او هكذا خيل لى !!!!!

ثم وصلا آلى رقعة هادئة ، فنصب “مايك” الخيمة بنجاح بالرغم من انه لم يقم بذلك فى السابق وبرغم انعدام ثقة “ايما ” في امكانياته مرة أخرى .

وهنا تساءلت ” هل من الطبيعي والمنطقى ان يختار احدنا شريكاً لحياته وهو لا يثق فيه الى هذا الحد …. هل من الطبيعي ان نحبط شريك الحياة و”نكسر مقاديفه”على هذا النحو .

أليس لزاماً علينا العكس !؟!؟ أوَليست الثقة فى الاخر والإيمان به وبقدراته احد أعمدة الحب الرئيسيّة ….

اوراق للنشر تصدر كتاب جديد للكاتبة دينا ابو الوفا

قاطعت سيل الافكار والاستنتاجات بهزة من رأسى … فلا زلت فى الأجزاء الاولى من الفيلم فلم التسرع ولَم محاولة التحليل من الأساس فهو مجرد فيلم تشويق ليس اكثر !؟ فأكملت المشاهدة وسط صمت فكرى وعقلى و تحليلى !.

قرر الزوجان الخروج فى نزهة بالسيارة الثلجية ، والتى سرعان ما انقلبت بهما اثر اصطدامها بشئ ما ، لكنهما افاقا بعدها وعادا الى الخيمة سيراً على الأقدام وهناك أخبرته انها حامل فاجابها ببساطة .

 “مش عارف اقول ايه “

فاستطردت “مش لازم تقول حاجه خالص لانى مش هكمل الحمل “

فاجاب بنفس البساطة “اوك ده قرارك “

فخرج عقلى عن صمته مرة اخرى وتساءل “اهذا هو الحب … !؟ أوليس الحب مشاركة … مشاركة فى الرأى … مشاركة فى الحوار …. مشاركة فى اتخاذ القرار !؟

فقلت لنفسى “ما علينا ….. لنشاهد ماذا يحدث بعد !؟ “

بدأت “ايما ” تلمح شخصاً يراقبهما من بعيد ، لكنه لم يكن “مايك” يصدقها ظناً منه انها تهيوءات ما بعد الحادثة .

حاولا العودة الى سيارتهما فتاها اثناء المحاولة وهنا تحدث عقلى مرة اخرى “اعتقد انهما كانا تائهين فى حياتهما معاً منذ البداية ” .

ولَم نقتصر فقط على طريق عودة !؟بل ضلا طريق الحياة معاً .

ثم دار بينهما حواراً حول مخطته للعطلة،  بعد ان أدركت انه اختار مكاناً غير مخصص للتخييم ، من باب ان تكون فكرة مجنونة، مختلفه ومغامرة شيقة .

فانقض على عقلى بأفكاره وتحليلاته مرة ثالثة وقال متحمساً “وهنا يكمن الفرق الجوهرى بين خطة ومخاطرة ، فالخطة تبنى على أسس صحيحة ودراسة وافية ومعطيات مؤكدة ولها خطوات محددة وبدائل واضحة .

اما المخاطرة فهى فكرة مجنونة طارئة طائشة غير مدروسة وليس لها بديل …

يوميات دينا ابو الوفا … الرجل المصرى العظيم “لحظة من فضلك”

فماذا ان عدنا بحياتنا الى الوراء واستحضرنا ما قد سلف منها ، فكم من تصرفاتنا كانت خطة موضوعة وكم منها كانت مخاطرة !؟”

وفى ليلة وبينما هم نائمان داخل الخيمة ، أحسا بحركة بالخارج ، فخرج مايك”ليتفقد الامر ولكنه لم يعد .. بحثت عنه فى كل مكان ولَم تجده …. بل وجدت فقط آثار دم غزير.

حاولت التماسك وقررت ان تحاول العودة للسيارة وحدها هرباً من الرجل الذى ظل يتعقبها طوال أحداث الفيلم وخصوصا بعد اختفاء “مايك” ….. فتكررت المحاولات الفاشلة واحدة تلو الاخرى آلى ان وصلت اخيراً الى منطقة سكنية ودخلت احد المقاهي وصاحت فى الجالسين….

 فتصورت ان الفيلم قد وصل الى نهايته ، فحدثت نفسى ” ليس بأروع الأفلام  .. لا بأس .. ربما لانه فيلم تشويق واثارة …. فما الرسائل المتوقعة من فيلم بهذه النوعية !!!”

وادركت كم كنت مخطأة حينما ظهرت المفاجاة …

فبعدما صرخت فى وجه الجالسين داخل المقهى لم يلتفت اليها احد ولَم يرها او يسمعها احد سوى الرجل الذى طاردها طوال احداث الفيلم !!!

فأدركت سريعاً انها شبح وأنها لقيت حتفها فى الحادث مع “مايك”  .

هكذا صارحها الرجل( الذى اتضح لى الان انه ملاك وقد أتى ليصطحبها الى العالم الاخر ”  .

وقال لها ان مايك اقتنع واتى معه بهدوء للعالم الاخر ليلة اختفائه ، اما هى فرفضت ان تصدق .

واستطرد قائلاً “عندما تكون الحقيقة اصعب من ان نتقبلها ،حينها نختار ان نرى فقط ما نريد ان نراه ، فنظل محبوسون فى منتصف الطريق ..: بين ما كنّا عليه وبين ما يجب ان ننتقل اليه

واعتقد ان تلك كانت على الأرجح أقوى رسالة فى الفيلم .

حقاً “عندما تكون الحقيقة اصعب من ان نتقبلها ،حينها نختار ان نرى فقط ما نريد ان نراه… ما نستطيع ان نراه .

فنظل عالقين بين ما يجب ان نتفهمه وندركه ونتقبله ونتركه وراءنا و بين ما يجب ان ندركه ونتقبله ونرحل اليه أمامنا !!!!

ان يرحل الجسد وتبقى الروح عالقة فيما مضى فيما ولى …

او ليس هذا ما نقوم به فى أغلب الأحيان …

أوليس هذا الموت بعينه ..

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة : 

مش كده ولا ايه

شكرا للتعليق على الموضوع