“انقلاب الحلفاء”.. الحرب اليمنية قد تخرج عن سيطرة السعودية والإمارات
ضخت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ملايين الدولارات في الحرب ضد جماعة “أنصار الله” بدعوى دعم الشرعية في اليمن، غير أن الحملة التي بدأها التحالف العربي قبل ثلاث سنوات تواجه مخاطر بعد أن تحول حلفاء محليون لقتال بعضهم.
تواجه مساعي التحالف عقبات بسبب احتجاجات مسلحة شنها الأسبوع الماضي مقاتلون في جنوب اليمن، ضد قوات الحكومة المعترف بها دوليا بعد أن كان الطرفان في صف واحد، وفق تقرير لوكالة رويترز.
شكل ذلك انتكاسة خطيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن الذي لم تتمكن ضرباته الجوية حتى الآن من تحقيق النصر على الحوثيين.
ويرى خبراء أن السعودية والإمارات بحاجة لإعادة النظر في الأمر إذا ما استمرت هذه النزاعات على الأرض.
وقال آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن “الكثير من القوى الأساسية اعتقدت أن بإمكانها فحسب تنحية المظالم السياسية لدى حلفائها والتركيز على قتال الحوثيين فيما كل الأمور الأخرى ستحل نفسها”.
وتابع قائلا: “هذا يظهر حماقة هذا التفكير.. بدون حل سياسي واسع النطاق ستنمو للصراع اليمني دائما أطراف جديدة”.
ويسعى الجنوبيون إلى إعادة دولة اليمن الجنوبي المستقلة التي اتحدت مع اليمن الشمالي في عام 1990. وبينما كانوا يقاتلون في صف قوات الرئيس هادي، انقلبوا ضدها هذا الأسبوع وسيطروا على مدينة عدن الساحلية جنوبي البلاد بعد رفض الرئيس إقالة رئيس وزرائه الذي يتهمه الجنوبيون بسوء الإدارة والفساد.
وفيما تقول الإمارات إنها تواصل مساندة الحكومة ومهمة هزيمة “أنصار الله” يتخذ قادة جنوبيون أبوظبي مقرا لهم كما حصلت قواتهم على تسليح وتمويل من الإمارات، وفقا لرويترز.
واتهم مصدر حكومي يمني، الإمارات بدعم الاحتجاجات المسلحة لتأكيد تفوق نفوذها في الجنوب وقال إن الانفصاليين الجنوبيين: “هم مجرد أداة في يد أجنبي مثل الحوثيين”. وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز عبر الهاتف: “رقابنا في أيدي الإمارات”.
وقال مسؤول كبير في صفوف الجنوبيين لرويترز إن من الواضح أن هادي والسعودية يحاولون تقليص النفوذ الإماراتي في الجنوب.
ووصف وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش موقف بلاده على تويتر في 28 يناير/كانون الثاني بأنه “واضح ومبدأي في دعمه للتحالف العربي الذي تقوده السعودية ولا عزاء لمن يسعى للفتنة”.
وقال بيان للتحالف يوم الخميس إن السعودية والإمارات موحدتان في مساعي التوصل لحل يحفظ الدولة اليمنية وقال العميد الركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف لرويترز إن التحالف يراقب الموقف في اليمن.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن الحرب في اليمن تخرج عن السيطرة في ظل انقلاب الحلفاء على بعضهم، عندما اشتبك الجنوبيون مع شركائهم المخلصين — القوات الموالية للرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي.
وينتمي الجانبان إلى نفس التحالف بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة الذى يقاتل “أنصار الله” في محاولة لإعادة هادى إلى السلطة.
وكشفت المعارك في عدن هشاشة هذا التحالف وسلط الضوء على أجندات متباينة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بحسب واشنطن بوست.
وقال محللون يمنيون وغربيون إن القتال الذي اندلع في مدينة عدن جنوبي اليمن يكشف أن هناك مظالم تاريخية يمكن أن تشكل عقبات خطيرة أمام إنهاء النزاع.
وقال أبريل لونغلي ألي، وهو محلل كبير في اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية، إن رواية (حكومة شرعية تقاتل الحوثيين المدعومين من إيران) تحجب الواقع المحلي المعقد الذي يؤكد وجود انقسامات تاريخية، وتعوق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام”.
وكان الكثير من الجنوبيين يتوقعون من حكومة هادي تحسين حياتهم. ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية لم تغير حكومة هادي من أوضاعهم، فأصابهم إحباط من ذلك، وفق ما يقوله جيرالد فيرستين، السفير الأمريكي السابق لدى اليمن: “لقد تم عمل القليل جدا لتحقيق الاستقرار في الوضع وإعادة العمل في الأمور، لقد أصبح الناس يشعرون بالإحباط بشكل متزايد هناك”.
ويقول السفير فيرستين: “وسط هذه الانقسامات في التحالف، هناك أسئلة حقيقية حول جدوى أو مصداقية حكومة هادي، وما إذا كانت فعلا تمثل الجانب الآخر من طاولة المفاوضات”.
وعن ذلك، قال الصحفي اليمني حسن الجلال لـ”واشنطن بوست”، إن “الإمارات لديها طموحات في الجنوب، ومن أهم طموحاتها ميناء عدن”، مضيفا أن “دعمها الحركة الجنوبية يُظهر هذا الطموح”.
في المقابل، قال هشام الغنام، الباحث السعودي في جامعة “إكستر”، لـ”واشنطن بوست”، إنّ “حكومة اليمن المنفية تتشاطر بعض اللوم على العنف في عدن، وينبغي أن تقدّم استقالتها إذا كانت غير قادرة على إدارة المعركة ضد الحوثيين، وتقديم الخدمات للمواطنين في نفس الوقت”.
وتابع أن “السلطات تلقت مليارات عدة من الدولارات كمساعدات من التحالف الذي تقوده السعودية.. أين ذهبت الأموال؟”، مضيفا أن “التحالف كان بحاجة لأن يضغط أكثر على الحكومة لتنفيذ وعودها للشعب”.
أما بالنسبة إلى الجنوبيين وآمالهم في الانفصال، فقال الغنام إن “عليهم الانتظار حتى تصبح الأمور واضحة”، كاشفا أنه “على الرغم من المقاربة المتعارضة بينهما حيال الجنوب، فإن الإمارات والسعودية اتفقتا على ضرورة القضاء على أيّ تحركات نحو الانفصال”.
وأضاف الغنام: “لا يمكنك بدء حرب أخرى في الجنوب. إنّ هذا الأمر سيكون مناقضاً للتحالف العربي”، خاتما بالقول إنه “من خلال اللجوء إلى العنف، كانت القوات الموالية للانفصال، عن علم أو بدون علم، تخدم الحوثيين”، وفقًا لما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء.