حكايات فى الفن:مسرحية ابناء النائب ومسرح المقهورين

التلغراف – العراق – بشار الاعرجي : عُرض بالمسرح الوطني في عيد الفطر المبارك والأيام اللاحقة المسرحية الشعبية ( ولد النائب ) تأليف حسين النجار واخراج سنان العزاوي وتمثيل نخبة من نجوم الفن العراقي ابتدائا من محمد حسين عبد الرحيم وخضير ابو العباس وكاظم القريشي وسنان العزاوي وميلاد سري ونجلاء فهمي واياد الطائي والشاعر صباح الهلالي والشاب حيدر عبد ثامر والجميلة اسراء العبيدي وغيرهم من الشباب المنتمي للمسرح .

 وقد بحث العرض عن مقاربات فكرية انسلخت من واقع وهموم المجتمع العراقي من حيث فساد السلطة والوعود الانتخابية الكاذبة وسعي السياسيين لتحقيق مصالحهم الشخصية لا اكثر .

اذ وصل الامر الى حد مقايضة الفقراء لبيع اجسادهم واعضائهم البشرية امام حفنة من الدولارات المسروقة ، فشراء قلب الفقير الباحث عن ابسط حقوقه وهو السكن في وطن انتمى اليه بالهوية فقط لتتم زراعة هذا القلب في جسد ابن السياسي او النائب المترف .

 وتسوم العرض بمقاربات فكرية وجمالية للمسرح الجاد من حيث الافكار المطروحة وسينوغرافيا العرض المسرحي والجمال التقني والتشكيلي فيها ، فهو مسرح للمقهورين كما نظر له المخرج البرازيلي اوجستو بوال في بحثه عن تسليط الضوء على الطبقات الكادحة في المجتمع ، والتي اصبحت تحت مستوى الحضيض وحثها الثورة والمطالبة بحقوقها والوقوف بوجه الديكتاتوريه والديماغوجيا السياسية والسلطة المقيتة .

 فالحقوق تحتاج دوما الى مُطالب بها ولا شيء مجاني في هذا العالم وهذه الثورة يكون منبعها الاساس هو هذه الطبقات الكادحة والمسحوقة في المجتمع .

 كذلك من الافكار الجميلة التي طرحها العرض هو التمرد على ما هو خاطئ  وغير انساني حتى وان كان هذا الشيء هو الأب او العائلة او المجتمع ، فالحق يعلى ولا يعلى عليه .

فعند زراعة القلب من جسد الفقير الى جسد ابن النائب وتغير صفات كل منهما واصبح كل شخص ينوب عن الاخر بكل شيء ، وبعد عناء واعادة قلب كل منهما الى جسده الاصلي فتكونت مفارقة جمالية صدمت الجمهور الذي توقع  ان النائب وابنه سيعيشون بسلام رغم ما اقترفاه من اخطاء ، والا نجد التمرد من ابن النائب على ابيه والتحاقه بموكب الفقراء والثائرين فيختار ما هو انساني دائم لا يزول على حساب ما هو مادي زائل ومؤقت ، ليكون اكثر رجولة من ذي قبل بعد ان كان بلا هدف ولا مصير ، عندما كان مع ابيه البرلماني الذي بعد ان كان يبيع انابيب الغاز ودون شهادة اصبح برلمانيا يقود مصير شعب بأكمله الى الهاوية ، وتطاولت يداه ومن يشابهه على قوت الشعب فاصبح الوضع مزريا ولا يطاق .

نقل العرض مآسي شعب لا يثور لأجل لقمة عيشه او ابسط حقوقه فكان  كالمرآة امام هذا الشعب لنقل مشاكله وعرضها امامه ليكون على قدر المسؤولية مما واجهه وسيواجه في المستقبل ، من حيث نقص الخدمات وانعدام اكثرها ووصل الامر الى اهم الامور وهو الصحة ، فبنى هذا النائب مستشفاه الخاص ليكون علاج لعامة الشعب فيها وبالدولارات، بينما هو وابنائه يتعالجون بارقي المستشفيات في الخارج وبأحدث الاجهزة والادوية ، بينما يكون علاج الفقير بأحذية استوردوها السياسيين بصفقات فساد وبألاف الدولارات .

 تمتع العرض بجمال ورقي ، فهو عرض عائلي بامتياز، ففيه الضحك لا يتوقف على طول فترة العرض التي استمرت ثلاث ساعات تقريبا .

 شكرا سنان العزاوي والشكر موصول لكل كادر العرض وبالتوفيق لنقل المزيد من الفضائح والمآسي لأناس اكل الدهر عليهم وشرب .

بشار الاعرجي - العراق
بشار الاعرجي – العراق

اقرأ للكاتب : 

حكايات فى الفن:الهجنة بين السياسة والفن

شكرا للتعليق على الموضوع