يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

أتاها الليل ، ليعلن عن نهاية يوم مر ثقيلاً موحشاً فاستلقت بجسدها المنهك العليل على الأريكة تراجع الحوار الطويل الذى دار بين قلبها وعقلها فى الصباح …. إذن فلتكن هذه الليلة ليلة أخرى بلا نوم بلا راحة بلا هروب …..ولتكن ليلة اخرى تقضيها وحيدة مع خواطرها الشريدة المبعثرة داخلها هنا وهناك ….

تذكرت ان البداية كانت لعقلها حين قال ” كفاك يا قلب ركوعاً امامى …. الم تفعل ذلك مرات ومرات … كفاك … انهض … انهض”

“لا لن انهض … لن انهض حتى تعيد النظر فى امرى … وتراجع قرارك القاسى “

“بالله عليك … هل رأيتني يوماً أتراجع عن قرار اتخذته …. فلتكف الان عن الالحاح … لا فائدة “

“بل سأظل ألح عليك حتى تأخذ بعضاً منى … بعضاً مما احمل من عاطفة وحنان وشوق واحتياج”

“عّم تتحدث … تلك من شيم القلوب الضعيفة … اما العقل فمن شيمه الحكمة والقوة والاكتفاء “

“وهذا ما اوجعنى طيلة أعوامى الزائلة … انى انقدت وراءك … فخسرت من خسرت ورحل عنى من رحل … الم تكفيك خسائرى لليوم “

“اى خسائر …. لقد كسبت نفسك … فالخسارة الحقيقية ان تخسر كبرياءك ، كرامتك ، شموخك … فاحتفظت لك بهم … فعلت ما فعلت طيلة تلك الأعوام التى تتحدث عنها من اجلك انت … من اجل الحفاظ عليك “

“الحفاظ على !!!! فما هذا الحزن الذى يعيش بداخلى إذن !؟ وما هذا الانكسار الذى اصاب روحى!؟ وما هذه الوحدة التى أصبحت ونيسى الوحيد إذن !؟ ان كان هذا حفاظاً على فانا لا أريده”

“اترتضى ان تعيش بلا كرامة … بلا كبرياء … اتريد ان تمشى مطأطأ الرأس !؟ يملأك الخزى … اترتضى لنفسك الذل والمهانة “

“اى ذل واى مهانة … حتى وان اخطأ الغير فى حقى … حتى وان جرحونى واوجعونى وآلمونى … ربما كانت ذلة منهم لا اكثر … فلما لا اغفر واصفح… لما لا التمس الأعذار !؟ لما لا !؟”

“لان من يكن لك معزة ، احتراماً اًو حباً لن يخطئ فى حقك … لن يجرحك … لن يتغير عليك … لن يبتعد … لن ينسحب …. لن يتراجع خطوات للوراء… لن يستطيع”

“ربما اخطأت فى التفسير … اخطأت فى حكمك …

فلتعيد النظر … بالله عليك …. الألم يعتصرني”

“انهض … انا افعل ما فيه خير لك “

“ماذا عن الفرص الثانية … الا يستحق البعض منا فرصة ثانية … لعل وعسى “

“وماذا بعد الفرصة الثانية … حين تعود الى وقد خاب ظنك واتيتنى تحبو مجروحاً مكسوراً تنزف ذكرياتك السامة … كيف اداويك حينها … فجرح القلب وانكسار الروح لا دواء لهما … ماذا عسانى افعل ….”

“لن اعود إليك حينها … أعدك لن أعود … سأفعل ما يفعل النبلاء فى ارض المعركة لحظة الانهزام … سأزهق روحى بنفسىً … ساغرز خنجر اليأس داخلى وينتهى الامر … أعدك “

“التلك الدرجة !!!”

“نعم …. لتلك الدرجة … صدقنى افعل هذا من أجلى قبل اى شخص آخر …. اريد ان استرد إيمانى بكل شئ كنت قد فقدت الإيمان به والتصديق فيه … اريد ان اعود لأثق بالأشخاص … اريد ان اعود لأتكئ عليهم …. اريد ان أعود لأشعر بضعفى واستسلم ليدهم الممدودة الى …. تعبت من التظاهر بالقوة

” ليس تظاهر … انت قوى … لطالما كنت قلباً قوياً … لقد مر عليك الكثير ووقفت بعد كل كبوة شامخاً قوياً جسوراً عنيداً “

” فلتتركنى إذاً اعود الى الحياة … لاشعر بكل الاحاسيس التى انزويت بعيدا عنها وتفاديتها خوفاً ورهبة منها …. اريد ان اعود للحياة من جديد … فتفادى التجارب ليست حياة …. والخوف ليس حياة والمنفى الذى أعيش فيه ليس حياة …. “

صمت العقل … لم يعد لديه ما يقول

وصمت القلب …. فلم يعد لديه ما يقول أيضاً

فربما كان كلاهما صائباً !!!!!!

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة 

يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شكرا للتعليق على الموضوع