بابا الفقراء والسلام.. مواقف إنسانية مؤثرة

تقارير وحوارات-التلغراف

عرف الحبر الأعظم البابا فرنسيس، بالعديد من الصفات والألقاب، ولعل أشهرها “بابا الفقراء” و”بابا السلام”، إذ تؤكد سيرته حرصه الدائم على مساعدة الفقراء بغض النظر عن الدين والعرق والجنس، كما كانت له مواقف مؤثرة تجاه اللاجئين وفقراء المهاجرين لاسيما في السنوات الأخيرة التي شهدت العديد من الحروب والأزمات في أصقاع مختلفة من العالم.

وذكر أحد الصحفيين الأرجنتينيين أنه عندما عُيّن المطران خورخي برغوغليو كاردينالاً من قبل البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عام 2001، أرادت مجموعة من المؤمنين مرافقة بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى روما لمشاركته بهذا الحدث الاستثنائي، ولكنه طلب منهم البقاء في بوينوس آيرس، وتقديم الأموال التي كانوا يريدون تخصيصها للسفر إلى الفقراء، وهذا الأمر تكرر بعد انتخابه بابا حيث دعا المؤمنين للقيام بالأمر عينه وعدم السفر من الأرجنتين إلى الفاتيكان.

وبالإضافة إلى ذلك، عُرف عنه أنه لم يرد يوماً أن يحصل على سائق سيّارة، وكان يتنقل في وسائل النقل العامة أو في القطار، وعندما كان يسافر إلى روما بالطائرة، كان يختار دائماً الفئة السياحية.

واعتبر البابا فرنسيس أن مساعدة الفقراء وتقديم العون لهم هو “جواز سفر إلى الجنة”، وخلال قداس سابق أعلن أول يوم سنوي عالمي للفقراء، تحييه الكنيسة الكاثوليكية والذي أطلق البابا فكرته للفت أنظار كاثوليك العالم البالغ عددهم 1.3 مليار شخص إلى الناس الأكثر احتياجا.

وقال البابا فى عظته الدينية آنذاك (19 نوفمبر 2017ـ):  “إذا كانت لهم (الفقراء) قيمة قليلة فى أعين العالم فإنهم من يفتحون لنا الطريق إلى الجنة. إنهم جوازات سفرنا للجنة. بالنسبة لنا العناية بهم مهمة إنجيلية”، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.

وتابع مردفا: “عندما نقول إن الأمر لا يخصني، ولا شأن لي، إنه مشكلة المجتمع، عندما نتخلى عن أخ أو أخت فى حاجة، عندما نغير المحطة بمجرد ورود أسئلة مزعجة وعندما نستاء من الشر لكن دون أن نفعل أى شيء حياله فإن اللامبالاة خطيئة”.

وفي إحدى المناسبات دعا البابا فرنسيس فقراء روما للمشاركة في لقاء الألعاب الرياضية في الملعب الأولمبي للعاصمة الإيطالية، في إطار “تقديم أمسية للاحتفال والصداقة”، بحسب بيان صدر عن المكتب البابوي في 24 أيار 2018.

وبدعم من الاتحاد الإيطالي لألعاب القوى، تمت دعوة جميع الفقراء والمشردين والمهاجرين واللاجئين، باسم البابا، للمشاركة في “غولدن غالا” وهو حدث رياضي عالمي في 31 مايو  2018 بدورته الـ 38.

واعتبر مكتب الصدقات البابوي الذي يُعنى بالفقراء أنّ الألعاب الرياضية تمتلك “جمالا عالميا”، وهي قادرة على “إحياء قيم الضيافة والتضامن”.

وأضاف البيان ما يذكّر به البابا دائما: “الفقراء لا يحتاجون إلى المأكل والملبس والمأوى فحسب بل أيضا إلى كلمة ودودة وابتسامة وفرص للترفيه الصحّي”.

وبعد توليه منصب الحبر الأعظم، حرص البابا على مساعدة مشردي العاصمة الإيطالية روما من خلال تقديم خدمات الاستحمام وحلاقة الشعر والذقن لهم مجانا.

دعم اللاجئين في العالم

وحرص البابا فرنسيس على تعزيز قيم السلام، من خلال مناهضة الحروب والنزاعات الدموية في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى تسليطه الضوء على مآسي اللاجئين، والدعوة إلى استقبالهم واحترام إنسانيتهم وآدميتهم.

وقال الحبر الأعظم، خلال منتدى دولي عقد في الفاتيكان، في فبراير 2017 تحت عنوان “هجرات وسلام”، إن استقبال المهاجرين “يستند إلى القيمة المقدسة للضيافة الموجودة في مختلف التقاليد الدينية”، موضحاً أن الاندماج عملية تقوم على “اعتراف متبادل بالثراء الثقافي للآخر”.

كما دعا البابا فرنسيس من “يصلون (إلى) عدم عزل أنفسهم عن ثقافة البلد الذي يستقبلهم وعن عاداته، وأن يحترموا قوانينه”.

وشدد من جهة أخرى على أن “استقبال إخوتنا وأخواتنا بطريقة مسؤولة وتليق بهم يبدأ بتأمين الملجأ اللائق والمناسب لهم”، معتبراً أن حشر أعداد كبيرة في أماكن لطالبي اللجوء واللاجئين “لم تعط نتائج إيجابية”، وأن من أجل حماية هؤلاء الأشخاص والتصدي “لتجار البشر”، يحتاج ذلك كما قال إلى “أدوات قانونية دولية ووطنية واضحة وملائمة”.

وكان البابا قد قام بأولى زياراته إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بعد غرق سفينة للمهاجرين أسفر عن أكثر من 360 قتيلاً في أكتوبر عام 2013، معبرا عن آسفه الشديد لتلك المأساة البشعة.

كما أبدى البابا تعاطفا شديدا مع مأساة اللاجئين من أقلية الروهينغا المسلمة، الذين فروا من ديارهم بميانمار إلى بنغلادش خوفا على حياتهم.

وقال البابا بعد زيارة قام بها لمخيمات اللاجئين الروهينغا في بنغلادش أواخر العام 2017 أنه بكى بعد لقائه مجموعة اللاجئين، وأوضح للصحفيين: “بكيت، وحاولت أن أخفي ذلك. هم أيضا بكوا”.

السلام.. لخير البشرية

كما دعا الحبر الأعظم، زعماء العالم إلى التراجع عن “حافة الفناء المحتمل للبشرية”، وقال إن بعض القادة يتبعون توجها “غير عقلاني” تجاه الأسلحة النووية.

وفي نوفمبر الماضي، أبدى البابا استعداده لتشديد لهجة تعاليم الكنيسة القائمة منذ عقود، والتي تعتبر امتلاك أسلحة نووية وسيلة ردع مقبولة. طالما أن الهدف النهائي هو التخلص منها.

وأضاف البابا أن ثمة ضرورة للمراجعة، بعدما بدأ أن قادة العالم لا ينوون على الإطلاق أن يقلصوا ترسانتهم النووية.

وبمناسبة الذكرى 52 اليوم العالمي للسلام في 1 يناير من العام الجاري، قال الحبر الأعظم: “بعد مرور مائة عام على نهاية الحرب العالميّة الأولى.. نعرف أكثر من الأمس، الدرسَ الرهيب الذي تعلّمنا إياه الحروب بين الإخوة، أي أن السلام لا يمكنه أن يقتصر أبداً على توازن القوى والخوف”.

وأضاف: “إن إبقاء الآخر تحت التهديد يعني تحويله إلى مجرّد سلعة وحرمانه من كرامته. ولهذا السبب نؤكّد من جديد أن التصعيد في الترهيب، فضلًا عن انتشار الأسلحة الخارج عن السيطرة، يتعارضان مع الأخلاق ومع البحث عن وفاق حقيقيّ”.

وأردف: “فالترهيب الذي يُمارَس على الأشخاص الأكثر ضعفًا، يساهم في نفي شعوب بأكملها في بحث عن أرض السلام. وبالتالي لا يمكن قبول الخطابات السياسيّة التي تميل إلى اتّهام المهاجرين بجميع الشرور وتحرم الفقراء من الرجاء. هناك طفل من بين ستة أطفال في العالم يعاني من عنف الحرب أو عواقبها، وهذا إن لم يتمّ تجنيده ليصبح جنديًّا بدوره أو لم يصبح رهينة للجماعات المسلّحة. إن شهادة الذين يعملون للدفاع عن كرامة واحترام الأطفال هي ثمينة للغاية من أجل مستقبل البشريّة”.

المصدر: سكاي نيوز عربية

شكرا للتعليق على الموضوع