في بابوا غينيا الجديدة الخنازير تؤدّي دورًا رئيسيًا ثقافيًا واقتصاديًا

تقارير – التلغراف

تؤدّي الخنازير دورًا رئيسيًا في بابوا غينيا الجديدة، ثقافيًا واقتصاديًا. ويوفر الطلب العالمي المتزايد على لحم الخنزير فرصًا جديدة للتصدير، لكن فقط إذا استطاع المزارعون إثبات جودة منتجاتهم.

وبالتعاون مع وحدة الاتصالات الدولية، تقوم منظمة الأغذية والزراعة بإنشاء نظام دفاتر الأستاذ الموزعة – المعروف باسم النظام القائم على أساس سلسلة السجلات المغلقة- يمكن من خلاله تتبع الثروة الحيوانية والسماح للمستهلكين بالشراء بارتياح من خلال التحقق من تاريخ خنازيرهم.

وباستخدام هذا النظام، يمكن للمزارعين تسجيل معلومات مهمة عن الخنازير، بما في ذلك نسبها، وما هي الموادّ التي يتمّ إطعامها بها، وعندما تمرض ما هي ألأدوية التي كانت تلقّن لها. وقبل تنفيذ هذا النظام، لم يكن لدى المستهلكين أي وسيلة للتحقق من هذه المعلومات. ويعد تنفيذ نظام التتبع الجديد أمرًا حيويًا لإنشاء ثقة المستهلك وضمان قدرة المزارعين على توسيع أسواقهم وتحقيق عائد عادل على استثماراتهم.

في بابوا غينيا الجديدة، لا يكتمل أي احتفال بدون شواء الخنازير. باعتبارها إحدى الثدييات القليلة التي تعيش في الجزيرة، تؤدّي الخنازير دورًا مهمًا في ثقافة البلد واقتصاده. وتقليديًا، يقوم المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة – الذين يربون الأغلبية العظمى من الخنازير – ببيع ماشيتهم محليًا، لكن زيادة الطلب العالمي على لحم الخنزير تعني فرصًا جديدة للوصول إلى الأسواق الدولية. ونتيجة لذلك، يبحث المزارعون عن طريقة لإثبات أن مواشيهم تلبي المعايير الدولية — لذا فهم يتوجهون الآن إلى تقنية السجلات المغلقة، وهي تقنية تسجيل البيانات غير القابلة للتغيير.

وبناءً على طلب سلطات محافظة جيواكا، قامت منظمة الأغذية والزراعة والوحدة الدولية للاتصالات بتصور وتصميم نظام جديد لتتبع الماشية لصالح المزارعين من أصحاب الحيازات الصغرى. وباستخدام تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو وتطبيق على الهواتف الذكية، يمكن للمزارعين الاحتفاظ بسجلات رقمية عن تربية الخنازير-حيث يثبتون أن الخنازير تلقت نظامًا غذائيًا من البطاطا الحلوة، أو على سبيل المثال، أو قتم تلقين اللقاحات المناسبة. وبفضل هذا السّجّل الرقمي المتين، يمكن للمشترين أن يطمئنوا من جودة حيواناتهم، بينما يمكن للمزارعين كسب عائد أكثر إنصافًا من استثماراتهم.

وتتمّ تجربة هذا النظام حاليًا في جيواكا، حيث كان أفراد المجتمع المحلّي متحمسين لاختبار المبادرة. وقامت سلطات المقاطعة بتمويل الهواتف الذكية لـ 25 مزارعًا من أصحاب الحيازات الصغيرة، إلى جانب التدريب على كيفية استخدام التطبيق. وفي الوقت نفسه، تعمل هيئات الاتصالات الوطنية بالبلاد على تحسين الموصلية العالية السرعة المحلية، حتى يتسنّى للمزارعين استخدام هواتفهم الذكية بسهولة أكبر لتحديث سجلات الماشية في نظام التتبع، الذي يقع في السحابة.

يوهانس باكانج، وهو مزارع من أصحاب الحيازات الصغرى، يزرع الليمون والماندرين ويربّي الخنازير، ويتطلع فعلاً إلى رؤية التكنولوجيا الجديدة تؤتي ثمارها. وهو يقول “إنني سعيد للغاية لأن المنظمة تقوم بوضع نظام التتبع هذا في جيواكا”. “فقد وضعت علامات على الخنازير، وعندما تنمو إلى 100 كيلوغرام، سأتمكّن من بيعها، ويمكن للناس الوصول إلى المعلومات المتعلقة بكيفية تربية الخنازير”.

بالإضافة إلى تقنية السجلات المغلقة، تعمل المنظمة على تطوير مبادرات أخرى متعلقة بالثروة الحيوانية. وإلى جانب إدارة الزراعة والثروة الحيوانية في بابوا غينيا الجديدة، تقدم منظمة الفاو تدريباً على تربية الحيوانات حتى يتمكن المزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة من تحسين صحة خنازيرهم وقيمتها. كما تقدم الفاو والاتحاد الدولي للاتصالات المساعدة التقنية في تطوير الاستراتيجية الوطنية للزراعة الإلكترونية في بابوا غينيا الجديدة، والتي ستساعد البلد على الاستفادة من تكنولوجيات الاتصالات لمواجهة التحديات الزراعية.

والأهم من ذلك أن المنظمة تعمل مع مسؤولي قطاع الصحة في المحافظات لرفع مستوى الوعي بمقاومة مضادات الميكروبات وأهمية تربية واستهلاك الحيوانات الصحية. ففي بعض الأحيان تعطى الخنازير المضادات الحيوية المخصصة للاستخدام البشري، والتي يمكن أن تؤدي إلى تطوير مقاومة للعقاقير. وعند استهلاك هذه الخنازير، يمكن أن تنتقل هذه المقاومة إلى الإنسان، مما يسهم في خطر حدوث “خلل كبير” لا يستجيب لأي علاج. ونتيجة لذلك، تشجع الفاو المزارعين على اتّباع نهج متكامل للصحة الواحدة يتطلع إلى حماية صحة الإنسان والحيوان للحدّ من تهديدات الأمراض وضمان الإمدادات الغذائية الآمنة.

تتمثل الخطوات التالية للمشروع في تحسين التطبيق وإتاحته لمجموعة أوسع من المزارعين. وتعمل المنظمة أيضًا مع البنوك ومشغلي شبكات الهاتف المحمول لتمكين المدفوعات عبر الإنترنت. ويمكن أن يخلق المشروع أيضًا فرصًا جديدة للناقلين في المناطق الريفية، والذين يمكنهم نقل الخنازير من البائع إلى المشتري مقابل رسوم رمزية.

نظرًا لأن برنامج تقنية السجلات المغلقة يزيد الثقة والفرص في الأسواق المحلية، فإنه يعمل أيضًا على إرساء الأساس للأنظمة المستقبلية التي يمكن أن تمكن المنتجين من أصحاب الحيازات الصغيرة من تلبية المعايير الدولية لتصدير المواشي. لكن في الوقت الحالي، تساعد الفاو المزارعين على زيادة دخلهم ومحاربة مقاومة مضادات الميكروبات وخلق فرص جديدة عبر سلسلة القيمة وتكون جزءًا من الهدف العالمي لتحقيق عالم خالٍ من الجوع.

شكرا للتعليق على الموضوع