أهلاً بكم في عصر الخير: نهاية المسؤولية الاجتماعية للشركات

دبي – الإمارات العربية المتحدة – التلغراف : خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، اكتسب مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات دفعاً قوياً، في مرحلة منحت فيها الحكومات كثيراً من الحريات في إطار تشجيع النمو الاقتصادي وتحقيق الربحية. ولسوء الحظ، أسهم ذلك في إتاحة المجال أمام عدد من رجال الأعمال لارتكاب عدد من المخالفات المبدئية وغير المسؤولة، مثل تصريف براميل المواد الكيميائية في البحار، وإلقاء كميات كبيرة من النفايات غير القابلة للتحلل طبيعياً في مدافن النفايات.

وحظيت المسؤولية الاجتماعية للشركات في عالمنا بأهمية معنوية كبيرة، إلى جانب كونها ضرورية في الوقت ذاته. وكانت هناك حاجة ماسة لمناقشة سلوك الشركات التي احتاجت أيضاً إلى البحث عن وسائل لتغطية تأثيراتها السلبية، وحماية سمعتها.

ومنذ ذلك الوقت شهدنا عددًا من التطورات. ومع حلول عقد التسعينات، ظهر على الساحة مصطلح خط الأساس الثلاثي، كإطار عمل بمقوماته الثلاث (المجتمع والكوكب والربحية).

وفي العقد الأول من الألفية الجديدة، حظي مصطلح “الاستدامة” بشعبية متزايدة. وفيما بعد، بدأت العديد من الشركات بإنشاء برامج فريدة خاصة بها، مثل الخطة “أ” من “ماركس آند سبنسر”، أو مبدأ “إنشاء القيمة المشتركة” من شركة “نستله”.

وفي وقتنا الحاضر، تسعى معظم الشركات إلى اللحاق بعربة أهداف التنمية المستدامة.

7-10

ويعتقد مارك سيريرا ، المؤسس والرئيس التنفيذي في “شركات من أجل الخير” أنه في نهاية المطاف، كانت المصطلحات الجديدة مجرد نسخ أحدث عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات نفسه، بما يعني أن الشركات ملتزمة قانونياً وأخلاقياً للعمل بطريقة معينة، ويتوقع منها رد الجميل لمجتمعاتها. وبالنسبة للمدافعين عن المسؤولية الاجتماعية للشركات، يكمن حل القضايا الأكثر إلحاحًا في العالم في أيدي تجمعات الشركات الكبرى والقوية.

والحقيقة هي، أنه على الرغم من محاولاتنا طوال عقود لتحقيق المسؤولية الاجتماعية للشركات، ما تزال التحديات نفسها قائمة، حيث يتم استنزاف موارد الكوكب بمعدل مرعب حقاً، وليست لدينا في الوقت الحالي أي خطط تعنى بكيفية تعاملنا مع التسارع الكبير لأعداد السكان في العالم. ومن الواضح أن الشركات قد وصلت إلى نهاية رحلتها مع المسؤولية الاجتماعية للشركات، وأن هناك حاجة للبدء بعصر جديد تسعى فيه الشركات إلى جعل العالم أفضل. بشكل حقيقي وفاعل.

الانتقال إلى عصر جديد

وكما يوحي به الاسم، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات تعني أساساً أن الشركات تتحمل مسؤولية تجاه المجتمع. ومع ذلك، فإن المسؤولية وحدها ليست حافزاً قوياً، كما نعلم جيداً. وعندما يتعين علينا القيام بشيء ما، فإننا على الأغلب، سنقوم به ضمن الحدود الدنيا. وتشعرنا هذه المسؤوليات أيضاً بعدم الراحة، لأننا لا نملك الخيار، ومع مبادراتنا الشخصية الخاصة لفعل شيء ما فإن موقفنا يتغير. ويمنحنا الاهتمام الصادق بإنجاز المهام شعوراً بالرضا، ولذا فإننا نبذل المزيد من الجهد في أعمالنا، وتلك حقيقة إنسانية أساسية تتجاوز مفاهيم العمل المجردة.

في هذا العصر الجديد، ستقوم أعمالنا على ما يجعنا حقاً سعداء. ويكمن الجانب الأكثر أهمية في أن مبادراتنا لن تكون مقيدة بالحكومات أو المؤسسات الخيرية أو الشركات، بل مدفوعة بدعم من الناس الساعين إلى إحداث التغيير. وبطبيعة الحال، ستسهم المؤسسات بدور أساسي في صياغة العصر الجديد، لكنها لن تكون المحرك لهذا التغيير. ومع تزايد مظاهر عدم المساواة، والتلوث، واستنزاف المياه، لا يمكننا الاعتماد بطبيعة الحال على الآخرين لإحداث التغيير. ولن تكفي جهود الحكومات والشركات وحدها لمواجهة الوضع الراهن. ومع أن المؤسسات الخيرية تسهم بعمل هام ونبيل، لكنها تعمل إلى حد كبير على إصلاح أنظمة اقتصادية تواجه الكثير من التحديات.

عصر الخير

في عصر الخير، لن نتخذ إجراءً إيجابياً لأنه ينبغي القيام به، بل لأننا نريد ذلك ويسعدنا تنفيذه. ولن نقوم بإعادة تدوير المنتجات لأن التشريعات تدعونا لذلك،، بل لأننا نريد ذلك حقاً، ولأن حماية كوكبنا تشعرنا بالسعادة. في عصر الخير، سيتطور هذا النموذج ببطء، وسيكون له تأثير متسلسل على العالم، بما يفتح لنا مجالاً لفعل المزيد من الخير، والشعور بحال أفضل.

ومن خلال اعتمادنا على نهج ثنائي يشمل الناس والبيئة، سنصل إلى تحقيق أثر إيجابي على البشر والكوكب. حيث سيكون وضع السيناريوهات المستقبلية الطريقة الوحيدة التي تسهم بإحداث التغييرات التي نحتاج إليها بشدة في عالمنا.

شكرا للتعليق على الموضوع