عبير نافع تكتب : ضرورة الثقة بالنفس

 بداية، أحب أن أذكر قيمة الإنسان في الحياة، بل أزيد قولاً بأن الحياة بِرُمَّتِها، يجب أن تكون ذات قيمة ووزن عند كل نفس تواجدت في هذه الدنيا والتي أتت إليها يقيناً لسبب ما، حيث نتذكر قول الله تعالى: 《وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ》 لكن ما هي العبادة المقصودة؟ عبادة الله قد تأتي في صور كثيرة لا حصر لها، فهي ليست فقط مقصورة على العبادات المعروفة كالصلاة والصوم والزكاة، بل نأخذ بعين الاعتبار بأن العمل وتعمير الأرض عبادة، والإخلاص والأمانة والصدق في كل أمور الحياة عبادة، وجبر الخواطر ومد يد العون عبادة، وإماطة الأذى عن الطريق عبادة، وهلم جرا.

إذن، لكي نكون على أتم الاستعداد لأداء العبادة بأشكالها المتعددة، على أكمل وجه، لابد من تنشئة جيل قادر على تحمل هذه المسؤولية المنوطة به، وذلك بديهياً، من خلال غرس القيم الأخلاقية وتطبيقها مع ممارسة الشعائر الدينية وتعلم العلوم المختلفة واكتساب المهارات المتنوعة، ولكن قبل كل هذا، يجب تسليح النفس بكل ما يعينها على خوض معارك الحياة الضارية، وذلك عن طريق زرع الثقة بالنفس في داخلها، حتى تترعرع وتشب معها طوال الحياة من المهد إلى اللحد، مع استمرار تغذية هذه الثقة حتى لا تجتث من جذورها يوماً ما، في إعصار مدمر يهدم كل ما بناه الإنسان في جولات حياته، وكما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز: 《وخُلِقَ الإنسان ضعيفاً》 فيهتز كثيراً عند التعرض لإغراءات وفتن الحياة، ويوسوس له الشيطان ويزين له فساد كل ما يحيط به في الحياة، لذا، ومن الضرورة الحتمية تثبيت الثقة بالنفس وجعلها من الأساسات المتينة في بناء التركيبة النفسية والروحية للإنسان.

عبير نافع : التلغراف تحاور الفنان أسامة عباس

وفي المقابل، نتذكر كذلك، إنه لا يخلو أي إنسان من عيوب لأن الكمال لله وحده، ولن نجد أيضاً، إنسان معصوم من الخطأ، بل لكل إنسان نقطة ضعف قد تؤثر على انفعالاته وقراراته، وتلك هي الطبيعة البشرية جمعاء، والتي يجب أن نعييها جيداً، حتى لا نرهق أنفسنا ونٌحَمِّلها فوق طاقتها في تعذيبها وصولاً إلى المثالية المطلقة التي نبتغيها، وحتى لا نشعر بالدونية أو الخجل لنقص شئ ما في أنفسنا، وبالتالي، كل إنسان مهما يكن ما يعيبه في نظر الأخرين، لابد له من صفات أخرى مميزة، تجعله بارزاً وذا قيمة في مجال يفيد البشرية ويحتاج إلى هذه المميزات، ولهذا، ومن الأهمية القصوى بمكان أن نبحث عن هذه المميزات الخاصة به فقط في محاولة لاكتشافها حتى نُدَعِّم ثقته بنفسه، فيتوق إلى التفوق والإبداع في سبيل خدمة البشرية بأعماله ومجهوداته.

ونختم القول، بإنه لزاماً علينا إدراك هذه الحقيقة الجلية التي لا تقبل الشك، بإنه لم تُخلَق كل نفس عبثاً دون أي فائدة تذكر، بل خُلِقَت ونفخت في روحها الحياة وقد حملت معها داخل جيناتها الصفات التي تناسب دورها في الحياة، والتي خُلِقَت من أجلها، ومن هنا، يأتي دور تعزيز الثقة بالنفس بإبراز أهمية وجودها في الحياة.

اقرأ للكاتبة 

عبير نافع تكتب : التفاؤل نبض وعصب الحياة (1)

شكرا للتعليق على الموضوع