الخوف من الموت يؤزم ولا يزيد في العمر

الظاهر… الكل تقريبا متوجس من فيروس كورونا. ففي ظرف وجيز، أصبح هذا الوباء البعبع الذي يخيف العالم بأسره. وهذا الخوف هو في حد ذاته أمر عادي وعادي جدا. فلا أحد منا يريد أن يمرض. لا أحد منا يريد أن يعاني من أعراض كورونا. بالتالي الوقاية منه وما تستلزمه من حظر للتجول وغيره من الإجراءات الاحترازية خير من العلاج.

لكن الشيء الغير عادي هو هذا الربط الحاصل بين العدوى بهذا الفيروس والموت وما تولد عنه من خوف. هذا الربط يتماشى مع عقلية الملحدين والربوبيين وغيرهم ممن لا يؤمنون بالقضاء والقدر. لكنه مخالف تماما لمعتقدات المسلمين.

فالموت قدر محدد الزمان والمكان. تقدم الطب ووجود العلاج لن يحمي الإنسان من الموت ولن يؤدي إلى انخفاض عدد الموتى في المغرب وكذا العالم. وتخلف الطب وعدم وجود العلاج لن يتسبب في ارتفاع عدد الأموات لا بداخل المغرب ولا خارجه. فالموت قدر لا دخل للمقدرة والإرادة الإنسانية فيه. التقدم الطبي فقط يساهم في علاج بعض الأمراض أو التخفيف من حدة ما تسببه من أوجاع وآلام. هو فقط يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على صحة وراحة الإنسان. أما عمر الإنسان على سطح هذه الأرض فلا يزيد فيه ولا ينقص منه شيء.

كوفيد 19، هذه القيامة والزوبعة القائمة بسببه اليوم مردها أننا لم نجد له لحد اللحظة علاج. وهنا تكمن مدى خطورته. فعندما يغيب الدواء يلعب الداء ويتنقل في الفضاء بكل حرية. أما هذا الربط بين عدم وجود علاج لهذا الفيروس والموت فهو مبالغ فيه. فالأعمار بيد الله. لكل نفس أجل ؛ إذا جاء أجلها لا تستأخر ساعة ولا تستقدم.

كما أنه وفقا للأرقام المتوفرة لحد اللحظة، من بين 845.526 حالة إصابة، 41.429 ماتوا من جراء هذا الداء و176.504 تعافوا منه. أي أن نسبة الموت بهذا المرض لا تتجاوز 5%. في حين نجد أن أمراضا أخرى كأمراض السرطان، قدر عدد المصابين بها في سنة 2018 بحوالي 18.100.000 حالة إصابة، حوالي 9.600.000 مصاب توفوا جراء هذه الإصابة. أي أن نسبة الموت بهذا المرض هي تفوق 53%.

كما أن النسبة التي تقارب 5% هي نسبة مضخمة. لأنه ليس كل من ماتوا وهم حاملين لهذا الفيروس، هذا الفيروس هو السبب المباشر لموتهم. فأغلب من ماتوا وهم حاملين لفيروس كورونا كانوا يعانون من أمراض أخرى أو كانوا في سن جد متقدمة. بالتالي المرء عليه ألا يعيش في خوف من الموت بسبب هذا الفيروس.

هذا الخوف لن يزيد في عمره ثانية واحدة. فقط سيؤزم أحواله النفسية ويمنعه من الاستمتاع على نحو جيد بما بقي له من لحظات على سطح هذه الأرض، والتي وحده الرب يعلم إن كانت ستكون طويلة، متوسطة أم قصيرة. ليستغل هامش الحرية الذي لديه أحسن استغلال. ليتخوف من زيادة وزنه وبالتالي لينتبه لكمية وكذا نوعية وجباته وليحرص على ممارسة الرياضة بشكل منتظم. ليتخوف من انخفاض معارفه ومعدل ذكاءه وبالتالي ليكثر من القراءة والبحث. أما العيش في هستيريا بسبب التخوف من الموت فلن يفيده في شيء.

– كمال ازنيدر : كاتب إسلامي، مؤلف كتاب “Islam : meilleure religion au monde” (2014) و كتاب “Islamisme, terrorisme et autoritarisme… Des liens réels ou fictifs” (2017)، إصدار EDILIVRE الفرنسية

شكرا للتعليق على الموضوع