فريد لفتة يكتب: سؤال بريء (2)
ضد قانون المرأة
لطالما كان تمثال العدالة والذي هو عبارة عن سيدة عمياء معصوبة العينين تمسك ميزاناً بيد وسيفاً بالأخر ويرجع أصولها للميثولوجيا الرومانية والألهة إوستيسا ومنها أشتق كلمة جوستيسا الأنجليزية وتعني العدل، سؤال ألح على تفكيري لماذا سيدة ربما لأنها الأم ولتحكم بين أبنائها تحتاج إلى أن لا تراهم بعيونها لكي لا تنحاز وتكون العدالة للجميع، مما تقدم يفترض بالعدالة أن لا تميل للون أو دين أو مذهب أو جنس وأن يكون الجميع أمامها سواسية.
فإذا بدأنا بقانون للمرأة سيطالب الأبيض بقانون خاص به واليهودي أو المسيحي أو المسلم أو غيرهم بقانون يميزهم أو يفرض الأغنياء أو العشيرة الفلانية أو العرق السامي مثلاً قانوناً يرفعهم عن الغير، وهي ببساطة قوانين فصل عنصري.
البشرية اليوم متخمة بإختلافات جمة بدأً بإختلاف الجنسيات والأديان والألون والمذاهب والأنتماءات السياسية فأصبح من المتعذر عد أو إحصاء عدد الفرق وصراعاتها لدرجة أن الأنسانية تعيش دائماً في دوامة من الأستنزاف والحروب لا طائل منها ولا نهاية لها فإضافة حزب الرجال وحزب النساء وإشعال حروب بينهم أمر لن يخدم أي طرف ويزيد الطين بلة.
لنأخذ السيناريو الآتي: لنفترض أن رجلاً يدعى أحمد أعتدى باللفظ والضرب على رجلاً أخر يدعى ليث وإمرأة تدعى عبير فحسب قانون سيدة العدالة المعصوبة العينين فإنها لاترى الفروقات وستحكم على أحمد بعقوبة واحدة مثلاً سنة من الحبس المشدد لضرب ليث وسنة أخرى من الحبس المشدد لضرب عبير، أما لو كان هنالك قانوناً منحازاً للرجل فسيكون سنتين لضرب ليث وسنة واحدة لضرب عبير والعكس صحيح.
بل أن حتى بعض الأدباء والإعلاميون صاروا يعتاشون على خلاف الرجل والمرأة فألفت الكتب وأنتجت البرامج وبدأ البعض إما بالهجوم على الأخر أو بالتملق للأخر وتعميق مفهوم الأخر وكأن الرجل من كوكب والمرأة من كوكب أخر أو أنهما فصيلتين مختلفتين.
بل أن المطالبة بقانون خاص بالمرأة يعارض منطقياً المطالبة بالمساواة فقانوناً يصور المرأة أضعف وبحاجة لحماية هو إعتراف ضمني بدونية المرأة لا بمساواتها.
نحن فقط بشر لا فرق بيننا ويفترض أن تكون الأختلافات البايلوجية التي لدينا هي فقط لغرض التكاثر لا أكثر ولا أقل ولا يجب لهذه الأختلافات البايلوجية أن تمتد وتطال الكينونة أو الشخصية أو الصفات أو الذكاء … ألخ.
أن من يمارس عنفاً ضد المرأة هي صورة مجتزأة وغير مكتملة فالحقيقة أن الشخص العنيف يمارس العنف تجاه الجميع مثل: أبناءه، والديه، زوجته، أخوته، أصدقائه، شركائه، الغرباء أو حتى الحيوانات او الجمادات كالألعاب أو الأثاث … فالعنف مرض سلوكي نفسي دائم أو بسبب تأثير مواد مخدرة أو كحول أي مؤقت ولا دخل له بنوع المستهدف.
إذا لم نستطع حل خلاف الرجل والمرأة وهو الأبسط وأضحينا مختلفين في البيت الواحد عندها لن نقدر على حل مشاكل أكبر كالأختلاف الإثني أو الديني أو المذهبي أو الفكري.
أنا لا أقول أنه لا يوجد أشخاص مريضون لديهم كراهية وعنصرية إتجاه المرأة لكنهم لا يختلفون عن العنصريين من البيض أو المتطرفين الدينيين وغيرهم من المهووسين والراديكاليين والعلاج لا يكون بالتعميم ورد الفعل لأن رد الفعل غالباً عشوائي لا عقلي وسيعمق الهوة.
الأختلاف بين الرجل والمرأة هو يشبه أي خلاف إنساني كالخلاف بين الرجل والرجل والخلاف بين المرأة والمرأة ولا يستدعي للتعميم أو التخندق أو الدراما فقط تجاوز هذه الخلافات ومحاولة رأب الصدع أو المضي في الحياة وإيجاد شريك أخر أو الأستمتاع إلى حين.
اقرأ ايضا | فريد لفتة يكتب: تساوت الرؤوس
لنرى الأن ما أضرار سن قوانين تمييزية لصالح المرأة:
ستعمق الشرخ وتضر الطرفين وتزيد من حالات الأنقسام والطلاق.
ستزداد الوحدة والكآبة وأرتفاع معدلات الأنتحار للطرفين.
سيتضرر الأطفال وتنشأ أجيال فاقدة للدفء والحب كما ولديها عقد ونقص ثقة تجاه الأخر.
في المستقبل بسبب أنعدام الثقة ستكون الزيجات كالشركات تنظمها عقود ومحامين والعلاقة ميكانيكية لاطعم لها وتخلو من الوجدان والعاطفة والمودة وتصطبغ بالحسابات وسيتخندق الطرفان لكيد الأخر وتحديد من هو الغالب والمغلوب.
سيضطر الطرفان لإيجاد بدائل ولن يكونوا سعداء بها لأنها ضد الطبيعة البايلوجية لهم.
ستؤثر على بقاء البشرية وربما تكون أحدى عوامل إنقراض البشرية وقد يكون هذا ما يسعى إليه بعضهم.
أكثر ما يضحكني أن علاقة بسيطة وطبيعية غير قادرين على تنظيمها ويسعون لحل خلافات معقدة مثل السياسة أو الدين مثلهم كمثل من يداوي الناس وهو عليل.
أرى أن علاقة تحكمها ثقة ومودة وحب خير من ألف عقد يتمترس به الشريكان ضد بعض.
السؤال:
هل يدرك أغلب المطالبون بهكذا قوانين تبعات مطالبتهم ؟؟؟
لماذا هذا النهج الإعلامي المتزايد لإظهار الرجل عدو المرأة ويجب عليهم حمايتها ومن هم الحماة ؟؟؟
هل تدرك المرأة بأن من يدعون الدفاع عنها هم أنفسهم من يستغلوها لصالح أرصدتهم ؟؟؟
هل ستفهم البشرية عمق المؤامرة وتعود لحضن بعضها ؟؟؟
الكاتب : كابتن طيار ومغامر عراقي ومؤسس ورئيس مهرجان أوتنابشتم الدولي للأبداع
اقرأ للكاتب