محسن الغمري يكتب: يوم حواء العالمي‎‎

أنتهز هذه المناسبة لأبعث بكل مشاعر الود والعرفان الصادقة إلى ” حواء” الجدة.. والأم، إلى حواء الأخت والزوجة والابنة، إلى كل حواء تحمل على عاتقها مسئولية البيت والعائلة، وقد تتخطى ذلك بحمل هم العمل، إلى كل حواء هي شريكة في وطن، تحمله في خاطرها أينما كانت، إلى كل هؤلاء أبعث بأسمى آيات الاحترام.

 تحية إجلال لدوركن في حياة كل إنسان ذكر، فما من رجل شيخ أو شاب، صبي كان أو طفل إلا وفي رقبته جميل يحمله لأنثى بغض النظر عن موقعها بالنسبة له.

 تحية تقدير لما تحمله حواء على عاتقها من هموم سامية نبيلة، لا يقدر على حملها كاهل أشد الرجال، فمن منا جميعا لم يربَ بحجر امرأة ؟ من منا لم يلجأ إلى حضنها، ليفك عقال دموعا ربما لم يرها إنسان أبدا إلا هي، ملقيا بهموم الدنيا، فتتلقاه بكل حنان الدنيا، وتمسح رأسه، وتهدهده حتى يهدأ وينام ملئ جفنيه، وتسهر هي إلى جواره ملاكا حارسا ! من منا لم ينطق أولى كلاماته مرددا وراءها، ما تلقنه، وما تلقيه على مسامعه. 

نعم سيدتي حواء.. أنك أنت المعلمة الأولى، أنت من ينقش على صفحات عقولنا البيضاء أولى أبجديات المعرفة، ويرسي في صدورنا، كلمات وتعاليم تبقى معنا للنهاية، أنت من يعلمنا الصواب من الخطأ، إن ما تقعديه داخلنا ربما نعيش به لأخر يوم في حياتنا، نقتفي أثره ونتبعه حتى وإن لم ندرك ذلك، فما يزرع في قلب وعقل أي صغير يبقى هناك في اللاوعي مؤثرا قائدا ودليلا !

أذن نحن لسنا إلا نتاج غرس أيديكم، نحن حصاد بذرة أنتم من غرسها، وتولاها بالراعية والتغذية، حتى شبت وأثمرت، فإن كان ثمرها طيب فهو نتاج ما زرعتموه فينا يوما، فإن جاءت بثمار هي المر والحنظل، ولم تعط محصول إلا شوكا، ورائحة خبيثة ! فلا تلوموا- سيداتي- إلا أنفسكم، فنحن صناعة أيديكم، نحن نتاج ما قدمت بالأمس..!

فيا حواء أيتها الأم العظيمة انتبهي لما تقدمي بيديك، فهو مردود عليك يوما، وعلى أسرتك ووطنك، يا حواء يا أمي وأم كل البشر، أعلمي إن كنت خلف كل عظيم جاء بخير للبشرية، فأنت أيضا أم السفاح والمرابي، أنت أيضا أم مصاص دماء البشر، ومغتصب حقوق الناس، أنت من تربي في طفلك حب الذات والأنانية ، وتضعي في قلبه بذور الشر! بينما في مقدورك أنت تجعلي منه رجل محب للأخر وللناس !

 يا حواء يا أمنا.. لا تنكري دورك ومسئوليتك عن تنشئة جيل، لا يعرف عن دينه إلا كل ما هو مشوه، ولا يعرف عن وطنه إلا قشور قد تذهب مع الريح، فيبات لا يربطه بوطنه شيء ! أعلم أنك لست الوحيدة المسئولة عن ذلك، لكن من منا يمكن له أن ينكر أنك واضعة اللبنة الأولى، في بناء صرح إنسان قد يشب صالحا، وأيضا قد يطلع علينا طالحا !   

اقرأ للكاتب

محسن الغمري يكتب : الإسلام وأهل الكتاب

شكرا للتعليق على الموضوع