لنا عبد الرحمن تناقش رواية “ميلاد هادئ” لـ مي حمزة
أحمد الشاذلي – ندوة – التلغراف:
أقام منتدى “قنصلية” بوسط القاهرة، احتفالية لمناقشة وتوقيع رواية “ميلاد هادئ” للكاتبة مي حمزة، والتي صدرت مؤخرا عن دار العين للنشر، أدار النقاش الروائية د. لنا عبد الرحمن بحضور الكاتبة مي حمزة والناشرة د. فاطمة البودي .
وقدمت د. لنا عبد الرحمن رؤيتها للرواية من خلال المناقشة، حيث قالت: تختلف رواية “ميلاد هادئ” عن غيرها من الأعمال الصادرة حديثا في أنها اختارت الجمع بين مخيلة خصبة تنتقي من الواقع ما تضفر فيه حكايتها المتخيلة. تقوم فكرة الرواية على محورين أساسيين، المحور الآخر هو أنسنه الأشياء، أو ما يُعرف بالتشخيص وهي تقنية ابداعية يلجئ إليها المبدع لتحميل الجماد قيما إنسانية للتعبير عن مجموعة الأفكار التي يريد ايصالها. هكذا تدخلنا الكاتبة إلى فضاء خيالي خصب عبر أنسنه الأشياء وبث الوعي في روح الجماد، من خلال مهد صغير قادم من الصين لأجل احتضان طفل يوشك على القدوم إلى هذا العالم.
هذا السرير، أو كما يأتي اسمه في سياق النص (مهدي الأبيض)، يخرج إلى الحياة أيضا كما لو أنه طفل هو الآخر، لكنه يمتلك وعيا مسبقا بالحواس يجعله يتلهف على رؤية الألوان والأشكال ولمعرفة من أين تأتي الألوان والأصوات الصاخبة. قسمت الكاتبة روايتها إلى ثلاث حكايات، كل حكاية تتوزع على عشر فصول. في كل حكاية يظهر شطر من حياة المهد، وسط العالم الذي يعيش فيه. في الحكاية الأول يصل المهد إلى قصر بديع فخم يبدأ الحياة في إحدى غرفه، مع أسرة قبطية تتكون من جورج، وزوجته نتالي التي تستعد لاستقبال مولودها. والد الزوج كريس، ووالدة الزوج ماري. هناك أيضا الخادمة الإثيوبية صوفي، التي جاءت من بلدها البعيد لترعى الطفل القادم.
يبدأ المهد في مراقبة العلاقات المضطربة بين أفراد العائلة، وفي علاقتهم مع الأشياء، ومعه منذ لحظة وصوله، يعبر عن ألمه في جملة بليغة قائلا: ” ما هذه القسوة التي يعامل بها الجماد في هذا المنزل”.
وتتوالى الاسقاطات الحسية على مدار السرد. يتطور وعي المهد مع الحكاية الثانية، والانتقال لبيت عبد الحميد عازف العود وزوجته كريمة.
ويصل المهد إلى منزل جديد، يصفه بأنه بيت متوسط الحجم، متوسط الرفاهية ومتوسط السعادة، يسكنه الأرمل عزيز مع بناته والطفل الرضيع شادي، وقطة بيضاء. منذ اللحظة الأولى لوصوله للحياة مع الأسرة الجديدة تنتاب المهد مشاعر يختلط فيها الاضطراب والجوع والرغبة في التقيؤ، مع وجود حالات متناقضة داخل المنزل، الأب الحزين، الفتيات المضطربات بين الطفولة والمراهقة، والخادمة أم الخير التي لا ينطبق اسمها على سلوكها.
وتؤكد د. لنا عبد الرحمن أن السؤال المطروح بعد قراءة العمل، هو إلى أي حد يمكن للإنسان أن يمتلك القدرة للتفكير بالأشياء من حوله، تأمل علاقته بها، والتأكد أن لها حيوات ممتدة قد تفوق عمره بكثير.
المهد الأول.. المنزل الأول
عندما سُئلت الكاتبة مي حمزة عن سبب تسمية الرواية بـ ( ميلاد هادئ ) ومن أين استلهمت الفكرة ؟ أجابت: ألهمني مهد أطفالي بالفكرة في ليلة من ليالي السهر الأمومي، حيث كان صغيري الثاني قد أصيب بواحدة من تلك النوبات التي تجعله باكيا لا يهدأ الى على صدري وكلما حاولت وضعه في مهده يستيقظ باكيا مرة أخرى، وقد أعياني الإرهاق والألم وكأن هذه الليلة ستظل الى الأبد، فإذا بي أنظر الى المهد الذي كان ذاته مهد ابنتي الكبرى والتي بلغت من العمر حينها التاسعة وضحكت ضحكة المتفائل رغم الألم ، ووجدتني أتحدث مع المهد وأقول له “أتذكر كم مرت علينا ليال مشابهة منذ سنوات ؟ وها هي الآن قد كبرت وأصبحت فتاة بهية تنام وحدها ولا تزعج نومي” وشعرت حينها أن المهد يواسيني ويسترجع معي ذكريات كثيرة وفكرت يا ترى أين سيكون بعد أن ينتهي دوره مع صغيري هذا؟ هل في منزل عربي أم أجنبي؟ لرضيع ذكر أم أنثى؟ في بيت غني أم فقير؟ وقررت ليلتها كتابة الرواية.
وتؤكد الكاتبة أنها اهتمت بإبراز أهم ما يحتاج اليه الإنسان، فبالإضافة الى الإيمان الديني لا يمكن أن يعيش الإنسان دون حب وأصدقاء وعائلة، لتبرز القصص الثلاثة بترتيبها هذه المحاور سواء من خلال العائلات أو من خلال البطل (مهدى الأبيض) ففي المنزل الأول وجد الحب، وفي الثاني وجد الصديق وفي الثالث فهم معني العائلة لكن دوره كمهد انتهى قبل أن يلتقي بسرير العمة، ليبدأ دورة أخرى في الحياة، في صورة أخرى وككيان مختلف.
اقرأ ايضاً
سكت الزمان… “شعر” عبدالرحمن كُرَيِّم