ناصر اللحام يكتب: هزيمة 67 انتهت بانبعاث جيل عربي فلسطيني حر وجديد
هزيمة حرب 1967 لم تكن حتمية أبدا. وكان بالإمكان ان تكون النتائج معكوسة بعد تصحيح الأخطاء التي كانت في العام 1948 واغلاق الزعيم عبد الناصر لمضائق تيران. ولكن ما حدث كان مؤامرة دولية لكسر الإرادة العربية وبالذات من فرنسا الاستعمارية التي زودت الاحتلال الصهيوني بألف طائرة مقاتلة للقضاء على سلاح الطيران المصري والأردني ولقصف سوريا وقصف العراق.
هدف الحرب كان اقناع الامة العربية ان الجيوش العربية لن تحرر فلسطين وان إسرائيل قوية وباقية، ولكن هذا الامر تم نقضه تماما في حرب 1973 حين اخترق الجيش المصري البطل خط بارليف وحطمته احذية المقاتلين المصريين في اسطورة عسكرية غير مسبوقة وبعدها حرر سيناء. وحين وصل الجيش السوري الى جسر النبي يعقوب وحطم دفاعات الاحتلال في جبل الشيخ كما يتحطم البسكويت.
بطولات الجيش الأردني كانت تفوق التصور وقد اثبت الجندي الأردني انه من أخطر المقاتلين العرب على الصهاينة واتضح ذلك في معارك القدس، والقسطل والكرامة وغيرها. وكلما بحثت في الأرشيف أكثر يظهر لي بطولات اردنية يعجز اللسان عن وصفها.
اما في 1948 فقد وصل الجيش العراقي الى جنين وام الفحم والطيبة في المثلث، بينما وصل الجيش الأردني الى بحيرة الحولة على حدود لبنان، وأطبق الجيش المصري على تل ابيب وشرع المستوطنون بالهرب الى السفن لولا خيانة الأنظمة الرسمية.
بعد 56 عاما على هزيمة 1967 أجد نفسي امام أسئلة تكرر نفسها كل عام، وكل عام أجد نفس القناعات:
– نعم يمكن للجيوش العربية ان تحرر فلسطين والدعاية الامريكية الفرنسية الإنجليزية ان ذلك غير ممكن هي عملية تلاعب عقلي موجهة ضد المثقف العربي. نعم تستطيع الجيوش العربية تحرير فلسطين وان ما حدث في 1948 وما حدث في 1956 وما حدث في 1967 كان مؤامرة استعمارية دولية للسيطرة على الامة واحتلال عواصم العرب لمئة عام أخرى وليس الاكتفاء باحتلال القدس.
– محاولة أذناب الاستعمار من خلال الذباب الالكتروني القديم (الذين يبثون الإحباط) والذباب الالكتروني الجديد الذي ينشر عبر الفضاء الإلكتروني ان فلسطين ليست قضية العرب وان العرب يجب عليهم الاهتمام بشؤونهم الخاصة. هي محاولات مؤقتة سوف تسقط مع دخان اول معركة حقيقية.
– ان الجدران وحقول الألغام والحروب لا تصنع سلاما ابدا. كما ان الغارات الإسرائيلية بالطيران والصواريخ على الدول العربية لا تصنع تطبيعا، بل تصنع رغبة عارمة في القتال والتحدي وهذا ما حصلت عليه إسرائيل جراء عدوانها المستمر.
– ان سلاح الطيران لم يعد يحسم المعارك وان إسرائيل منذ 23 عاما لم تحسم أي حرب ولن تحسم أي حرب.
– ان محاولة الاستفراد بالفلسطينيين والتمادي في ظلمهم سوف يخلق جيلا ثائرا لا يتوقف الا عندما يحقق أهدافه. وكلما ازدادت قوة إسرائيل العسكرية كلما ازدادت الرغبة في التحدي ومواصلة الثورة.
– بعد كل هذه السنوات إسرائيل ترتكب نفس الأخطاء وتعتمد نفس الأفكار العنصرية ، وهي تراهن واهمة ان تبقى نفس القيادات العربية التي تقبل بالهزيمة. ولكنها تواجه كل يوم قيادات عربية وفلسطينية ملهمة. تعمل على اغتيال أكبر عدد من القادة او زجهم في غياهب السجون وتشريع قانون اعدام الاسرى. لكنها تسجن نفسها في فكرة الصراع الابدي وتقوم بإعدام أي فرصة للعيش بسلام على هذه الأرض.
– هذا الصراع هو صراع وجود عربي ضد الصهيونية. ولا يمكن التلاعب بمضمونه من خلال لعبة التطبيع او ديانة كوشنير وترامب. هو صراع أجيال ويستمر حتى استعادة الحق لأصحابه.
اقرأ للكاتب
ناصر اللحام يكتب: “والعالم العربي امّا نعجة … مذبوحة او حاكم قصّاب”