قمة القاهرة للسلام
وتشاء الأقدار أن تقضي بوضع مصر الكنانة مجددا أمام مسؤولياتها التاريخية في صدارة الأمم المدافعة عن الحق العربي في كل الظروف، وأن تبق على خصاصة خير نصير للقضية الفلسطينية
تقرير: صبحة بغورة -الجزائر
احتضنت مصر في 20 أكتوبر2023 أعمال ” قمة القاهرة للسلام ” التي دعا إليها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بحضور قادة وزعماء 34 دولة ورؤساء أربع منظمات عالمية لمناقشة تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدانة استهداف المدنيين المسالمين ، والتعبير عن التنديد الصريح بمؤامرات الاحتلال الصهيوني الرامية إلى تهجير أهالي غزة من مدينتهم وترحيلهم إلى مناطق أخرى في جنوب القطاع ، والتأكيد على رفض سيناريوهات دفع ملايين الفلسطينيين نحو إقامة دولتهم في صحراء سيناء المصرية ، ودفع الفلسطينيين من الضفة الغربية نحو الأردن، والمطالبة بفتح معبر رفح الفلسطينية لمرور قوافل المساعدات الغذائية والدوائية الدولية لمواطني المناطق المنكوبة جراء القصف الإسرائيلي الجوي والبري تحمّل الرئيس عبد الفتاح السيسي مشاق الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة العربية وهو يستعد لخوض انتخابات الرئاسة في مصر فأشرف على استقبال ضيوفه من قادة وزعماء العالم وعلى إدارة جلسات أعمال القمة في نفس الوقت الذي كان فيه تفكيره مشغولا بمستجدات العمل بمنطقة رفح المصرية، وعينه على كيفية وضع مئات الحافلات والشاحنات الناقلة للمساعدات على أهبة الاستعداد لعبور معبر رفح إلى الداخل الفلسطيني دون التعرض لها بالسلاح ، فضلا عن متابعته اليومية لجهود دفع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر التي لا تحتمل التأخير ولا تقبل التأجيل .
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحا في كلمته في بداية الجلسة وصريحا حين أكد على ما يلي:
ـ أن هدف القمة هو التوصل لاتفاق خارطة طريق لإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وإحياء السلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
ـ ضرورة ضمان إيصال المساعدات، والاتفاق على وقف اطلاق النار ، وبعث مفاوضات تؤدي إلى حل الدولتين.
ـ أن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث، وفي كل الأحوال لن يحدث أبدا على حساب مصر.
لقد ترجم الرئيس السيسي قدرة العمل السياسي المصري في التأثير الإيجابي على تطورات الأحداث الدولية وأكد من خلال مبادراته حيوية الدبلوماسية المصرية في محيطها العربي ونطاقها الإقليمي ومداها العالمي حين توجب القيام بها على نحو يدعم مقومات العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات والتصدي للمؤامرات بما يحفظ كرامة الشعوب العربية وعزة أوطانها.
تمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة من إحراج مختلف الأطراف الدولية الفاعلة بوضعها أمام مسؤولياتها التاريخية في مواجهة احتمالات قوية تضمنتها تقارير بشأن بدء استعداد اسرائيل لشن توغل بري لقواتها المسلحة على قطاع غزة ، وكذا أمام توقعات بعدم وجود ما يدعو للتفاؤل بعد غياب إمكانية منع حدوث تصعيد مسلح أو إمكانية احتواء خطر اتساع دائرة المواجهات المسلحة بمشاركة قوى إقليمية ذات نفوذ قوي وتأثير واسع ، وهو ما سيضع منطقة الشرق الأوسط في قلب دائرة الخطر والتدمير، لذلك يمكن وصف قمة القاهرة بأنها قمة وقف التصعيد في غزة باعتبارها نقطة البداية المحتملة لوقوع المزيد من التطورات الأليمة ولعل بقاء حاملة الطائرات الأمريكية في مياه شرق المتوسط في موقع قريب من الأحداث مؤشرا على ما يمكن أن تعرفه منطقة الشرق الأوسط في أي لحظة لأن المؤكد أن حاملة الطائرات متواجدة لدعم اسرائيل,
أكد الرئيس السيسي إرادة مصر والمصريين في نصرة القضية الفلسطينية حتى يتم استرداد الحقوق المشروعة بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وشدّد على أنه لا مجال للحديث عن تهجير الفلسطينيين، أو مناقشة فرضية التنازل عن جزء من صحراء سيناء، وهو بهذا يريد أن يبلغ رسالة واضحة بأن ما يجري في غزة خطرا كبيرا يستهدف بالأساس تصفية القضية الفلسطينية إما بتهجير سكان غزة أو بالقضاء عليهم قتلا وهو ما لا تقبل به مصر وكثير من الدول العربية،
العديد من الملاحظين لم يغفلوا الطابع الخاص لحفل تخريج طلبة الأكاديمية والكليات العسكرية الذي تزامن مع تواصل حملة تمجيد انتصارات الحرب في 6 أكتوبر 1973 حيث بدا أنه تجاوز الطابع الاستعراضي التقليدي لقدرات الطلبة الخريجين إلى ما يقارب شبه تدريب قتالي متطور يحاكي في بعض فقراته قواعد الاشتباك في المعارك الحقيقية، فالثابت أن استمرار الوضع بالأراضي المحتلة سيحدث الكثير من الفعل ومن رد الفعل ، والحقيقي أيضا أنه ليس صحيحا ما تدعيه اسرائيل والدول الغربية أنها بصدد دفاعها الشرعي لأنه ليس هناك دفاع شرعي من المحتل موجه لأبناء دولة محتلة .
اقرأ ايضاً
الإغاثة الدولية.. بين التسيس والتحديات