اَلْقُنْبُلَةْ “قِصَّةٌ قَصِيرَة”ْ

محسن عبد المعطي محمد عبد ربه.. شاعر وناقد وروائي مصري

لَطَالَمَا عَشِقَ تَرْبِيَةَ الْحَمَامْ ذَلِكَ الْعِشْقُ اللَّذِيذْ وَكَانَتْ لَهُ تَجْرِبَةٌ جَمِيلَةٌ فِي تَرْبِيَتِهْ.

وَبَعْدَ أَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِبِنَاءِ بَيْتٍ جَدِيدْ كَانَتْ حَمَاتُهُ تُرَبِّي الْبَطَّ بِالطَّابَقِ الْأَوَّلْ وَهُوَ يُرَبِّي الْحَمَامَ بِالطَّابَقِ الثَّانِي وَقَلَّمَا كَانَا يَلْتَقِيَانْ .

ذَاتَ لَيْلَةْ نَسِيَ ابْنُهُ مُحَمَّدْ مِفْتَاحَ جَدَّتِهْ وَقَالَتْ أُمُّ مُحَمَّدٍ لِزَوْجِهَا: اِذْهَبْ صَبَاحاً إِلَى الْبَيْتِ الْجَدِيدْ وَأَعْطِ لِأُمِّي الْمِفْتَاحْ

ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى حَمَاتِهِ فِي بَيْتِهَا صَبَاحاً وَقَالَ لَهَا: “تَعَالَيْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ الْجَدِيدْ وَعِنْدَمَا أَنْتَهِي مِنْ عَلْفِ الْحَمَامِ أُعْطِيكِ الْمِفْتَاحْ”.

صَعَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى الطَّابَقِ الثَّانِي لِيَعْلِفَ الْحَمَامْ وَبَقِيَتْ حَمَاتُهُ بِالطَّابَقِ الْأَوَّلْ تَعْلِفُ الْبَطْ .

أَخَذَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَكْنِسُ حُجْرَةَ الْحَمَامْ وَيَقْذِفُ الْقِمَامَةَ مِنْ شُرْفَةِ الطَّابَقِ الثَّانِي إِلَى{الْمَسْقَطْ} بِالطَّابَقِ الْأَوَّلْ وَ حَمَاتُهُ تُرَاقِبُهُ بِاسْتِمْتَاعْ.

وَفِي إِحْدَى الْمَرَّاتْ نَادَى أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى حَمَاتِهِ

وَقَالَ لَهَا: “اِبْتَعِدِي سَأَرْمِي الْقِمَامَةَ “.

قَالَتْ لَهْ: “مِنْ أَيْنْ؟ ” .

أَجَابَهَا:” مِنْ شُبَّاكِ السُّلَّمْ  ” .

وَفِي لَحْظَةِ نُزُولِ الْقِمَامَةْ اِنْطَلَقَتْ حَمَاتُهُ قَائِلَةً: “سَأَخْرُجْ”.

فَنَزَلَتِ الْقِمَامَةُ عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَ فِيهَا حَجَرٌ كَبِيرْ.

صَرَخَتِ الْحَمَاةُ وَبَكَتْ وَقَالَتْ لِأَبُي مُحَمَّدْ: “أَلَمْ أَقُلْ لَكْ :”أَنَا خَارِجَةْ” .

وَهِيَ تَبْكِي وَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَتَّى أَنَّهَا خَرَجَتْ وَلَمْ تُلْقِ التَّحِيَّةَ عَلَى نِسَاءِ الشَّارِعِ كَمَا تَعَوَّدَتْ .

كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَمْ  يَعْلِفِ الْحَمَامْ وَلَمْ يُغَيِّرْ لَهُ الْمَاءْ فَتَرَكَ كُلَّ ذَلِكْ دَاعِياً اللَّهَ أَنْ يَسْتُرْ وَلَا يَكُونَ رَأْسُ حَمَاتِهِ قَدْ جُرِحْ .

اِنْطَلَقَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَائِداً إِلَى بَيْتِهِ الْقَدِيمْ

وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ قَدِ اتَّصَلَتْ بِأُمِّهَا فَأَخَذَتْ تَبْكِي فِي التِّلِيفُونْ.

قَالَتْ لَها ابْنَتُهَا أُمُّ مُحَمَّدْ:”مَاذَا حَدَثَ يَا أُمَّاهْ ؟ “

فَحَكَتْ لَهَا الْقِصَّةْ.

وَقَالَتْ لَهَا: ” لَقَدْ وَقَعَ الْحَجَرُ عَلَى رَأْسِي كَالْقُنْبُلَةْ “.

وَأُمُّ مُحَمَّدْ تَضْحَكْ.

وَاتَّصَلَتْ بِأَخَواتِهَا وَأَخَذْنَ مِنْ تِلْكَ الْقِصَّةِ مَادَّةً لِلضَّحِكْ عَلَى أُمِّهِنَّ الْمِسْكِينَةْ.

وَأَخَذْنَ أُمُّ مُحَمَّدْ تُنَوِّعُ نَغَمَاتِ الضَّحِكْ وَكَأَنَّهَا فِي يَوْمِ عِيدْ.

بَعْدَ ذَلِكَ اتَّصَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِحَمَاتِهِ لِيَطْمَئِنَّ عَلَيْهَا.

وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى بَيْتِ حَمَاتِهِ لِيَطْمَئِنَّ عَلَيْهَا وَيَتَأَسَّفَ لَهَا عَلَى هَذَا الْمَوْقِفِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَقْصِدُهُ أَبَداً وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ الَّذِي لَا مَفَرَّ مِنْهْ.

قَالَتْ حَمَاتُهْ: “اَلْحَمْدُ لِلَّهْ”.

قَضَاءْ أَخَفُّ مِنْ قَضَاءْ.

 قَالَ أَبُو مُحَمَّدْ: “بَعْدَ ذَلِكْ

عِنْدَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّنِي أَرْمِي شَيْئاً

اِدْخُلِي تَحْتَ أَيِّ سَقْفْ أَوِ اصْعَدِي مَعِي إِلَى الطَّابَقِ الثَّانِي”.

قَالَتْ حَمَاتُهْ: “حَرَّمْتُ أَنْ آتِيَ الْبَيْتَ وَأَنْتَ فِيهْ”.

اقرأ للكاتب

 أَحْمَدُ اللَّهْ “قِصَّةٌ قَصِيرَةْ”

شكرا للتعليق على الموضوع