قرا ر المسعود يكتب: نهاية مرحلة وبداية أخرى

    من المعروف أن كل ما يخططه بني البشر من برامج من أجل استعمالها على مستوى العامة تبدأ بمرحلة وتمر بمرحلة أخرى في فترة من الزمن ويحل محلها مظاهر المحاسن الحالية وينكشف مساوئ ما قبلها. (شيوعية – رأس مالية – لبرالية – اشتراكية) وتلك المراحل تتداول بين المخططين.

     فالتحول اليوم يدخل في هذا السياق، فحتى تجتاح وتضمن التوازن في هذا المنعرج الذي تمر به الساحة العالمية الحالية من تحول يتطلب من الدول والأنظمة المتأثرة به، أن تسلك الممر بخطى ثابتة بدون تأثر.

 فمن المؤشرات بقاء وتقدم الدولة، وفتح الساحة الداخلية للمواطن والمنافسة في البرامج الحزبية وإثرائها على مستوى المجتمع على أساس دراية و وعي بشؤون الحاجة العامة من طرف هذا المجتمع و من هذا المنطلق تكون المنافسة السياسية بين الرؤى و من يؤمن بها.

   إن من سمات التشاور وفتح المجال للنقد البناء الذي يزيد في بناء الدولة، المشاركة السياسية وتحمل المسؤولية لا التصريحات من وراء المكاتب و اللقاءات الرنانة، فهذا يعتبر السبيل الوحيد لاستقرار و تقدم الدولة و ازدهارها و ضمان وجودها و مكانتها بين الدول.  وعلى هذا الأساس يجب على المجتمع السعي في هذا الاتجاه والمحافظة عليه من خلال الوحدة و الثوابت الوطنية و تقديس المبادئ التي سطرت من طرف الأجداد.

   إن من أهم ما يفكك كيان دولة هو تضارب الرؤى والأخذ ببرامج خارج التصور الداخلي الذي يؤدي إلى تشتت المجتمع و خلق النزاعات المصطنعة بين الشعب الواحد و هذا ما هو سائد تقريبا في كل المناطق النامية المسيرة بسلطة غير شرعية.

 فالوضعية الحالية التي تسير بها سفينة العالم اليوم أظهرت مرحلة حتمية على كل مَنْ له السلطة فوق الأرض أن يتمثل مع الجميع نظرا للمشاهد والمؤشرات الطارئة على الساحة وإلا سيصبح معزول مهما كنت قدرته. فاتجاه سير السفينة قد دخل مجال فك القيود الوهمية المسلطة من طرف أهل القوة على الضعفاء وكشف أشباح مصنوعة من إعلام مزيف لا أساس له من الصحة.

    إن المطبات والضبابية الموجودة في طريق السفينة و بعض الحواجز الناتجة على عدم وضوح الطريق من طرف بعض الشعوب و المجتمعات وما تحمله من تحولات على كل الأصعدة، يتطلب على قادة هذه الأخيرة أن يتحلوا بالصبر و الثبات في كل الحالات و الأوقات. ما أصعب هذا التحول في مواجهة قوة القطب الأحادي ولا يكون بالسهل ولا في زمن قصير و ليس بالتخلص من الإرث المتراكم في كل الميادين (الثقافي-الاقتصادي- السياسي). لكِ صبر أيوب يا شعوب العالم الثالث من هذا التحول الذي يُظهر بوادر تنفس لدول إفريقيا في الآونة الأخيرة من الحرية والاستقرار وجني الثمار في الميدان من طرف المجتمع الذي طالما تطلع إليه.

  نعم هي مرحلة جديدة على الكل، ولكن مؤشراتها ترسم بعض الاتجاهات الإيجابية التي تخدم المصلحة العامة للشعوب والمجتمعات و الدول في تنميتها و استغلال خيراتها بنفسها لا غير. أكيد أن هذا النهوض أو الصحوة الشعبية تعجز وتعرقل الكثير من البرامج المسطرة سابقا من طرف دول الغرب بمساعدة أطراف داخلية من أجل الربح السريع واستغلال الثروات الثمينة. لكن بفضل التأمل من المواطن والعمل على التكتل على مستوى المجتمعات والدول يكون الحجر الأساس للتصدي والتقدم بمعية الوعي والثقة بالنفس والحس المدني على مستوى المواطن.

    بهذا تزول كل المزامير المشبوهة ويصبح كل من يحمل برنامج يعد له حساب قبل تقديمه للشعب حتى لا يصدم. ومن خلال شروط التفتح على البرامج والأحزاب التي تحمل طموحات خارج ما يريده العامة من الشعب لبناء دولته، فهنا التفتح قد يكون نعمة وقد يكون نقمة. يكون نعمة في حالة دولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات كما قال المرحوم بومدين، واقفة بمؤسسات حقيقية منبثقة من صميم المجتمع من ممثليه الأكفاء فلا تتزعزع من البرامج المعدة من رؤية مستوردة غير مأخوذة من الواقع المعيشي.

  وتكون نقمة عندما يفتح الباب على مصراعيه وتكثر المزامير في كل جهة للشعب كما يقال في عامتنا ” أضرب الدف رآهم داخوا” أي المجتمع في غير وعي مما يقال له. فهنا يكمن الخطر المبين على وجود الدولة.

اقرأ للكاتب

 

شكرا للتعليق على الموضوع