مصطفى جودة يكتب: فن الحرب وفن الصفقة «1-2»
أ.د: مصطفي جودة
رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا
بتاريخ 1 ديسمبر، استضاف الرئيس الأمريكى المنتخب فى أحد أنديته السيدة سارة نيتانياهو على عشاء وكتبت بعدها مباشرة أنها تحدثت عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ السابع من أكتوبر 2023، وذكرت فيما نشرته على صفحتها أن الرئيس ترامب أبدى تعاطفا لما قالته. فى اليوم التالى كان هناك تصريح عنيف للرئيس ترامب بخصوص ضرورة انتهاء عملية حجزهم، سنتحدث عنه بالتفصيل فى الأسبوع القادم، أثار كثيرا من ردود الأفعال. بعدها كانت هناك محاولات تفسير لما قاله ترامب، وأنه يحاول خلق قوة دافعة للتفاوض لإنهاء القتال فى غزة قبل تنصيبه رئيسا، وهو ما حدث فعلا، وأن حراكا بدأ يحدث بالفعل تقوم به إدارة بايدن والدول الصديقة بالمنطقة لإنهاء تلك الحرب، ولو قدر لها النجاح فإن إستراتيجية ترامب ستكون هى السبب، وأن ماقاله كان هو الدافع.
من الثابت أن ترامب تأثر كثيرا بكتاب فن الحرب الذى كتبه سون تزو الفيلسوف والقائد العسكرى الصينى منذ أكثر من 2500 سنة، وكان له تأثير بالغ عبر التاريخ فى العديد من الثقافات بسبب احتوائه رؤى عميقة تتجاوز ساحة المعارك الحربية لتشمل الإدارة والقيادة مما يجعله كتابا متعدد الاستخدامات لكل الأزمنة، وفى زمننا هذا تستخدم أفكاره بكثرة فى كل المعارك والحروب، ولا يقتصراستخدامه على تلك الحروب، ولكنه يتعداها لكل عمل فيه منافسة ويتطلب إتباع إستراتيجيات لإنجاحه مثل إدارة الأعمال والشئون السياسية والتخطيط الإستراتيجى والتنمية الذاتية حيث يستخدم كأداة لفهم المنافسة واتخاذ القرارات الصائبة وتنفيذ تلك القرارات كما، أنه يستخدم كثيرا لتطوير استراتيجيات السوق ومواجهة المنافسة فى إدارة الأعمال، وفى مجال السياسة حيث يستخدم لتحقيق الأهداف بأقل قدر من الصراع.
وفى مجال التنمية الذاتية يستخدم لاتخاذ القرارات الحكيمة ومواجهة التحديات. أصبح الكتاب يستخدم فى كل الأمور التى تتطلب قيادة رشيدة فى كل المجالات التى تتطلب اتخاذ قرارات صائبة، لدرجة أنه يدرس فى غالبية الأكاديميات العسكرية والبوليسية والمعاهد والكليات المتخصصة فى العلوم السياسية والإدارية وغيرها.
من الأهمية أن نقدم تلخيصا وافيا له قبل التعرض لكتاب فن الصفقة للرئيس الأمريكى المنتخب. يركز فن الحرب على أمرين هما كيفية إعداد دفاعك وكيفية هزيمة عدوك. يقول المؤلف إن هناك خمسة عوامل ثابتة ضرورية عندما تخطط لاستراتيجيتك العسكرية وهى القانون الأخلاقى المتمثل فى طاعة القائد، لأنه هو الذى يرمز الى الصرامة والشجاعة والخير والإخلاص والحكمة، وملاحظة السماء فوقك لأنها تدل على الليل أو النهار والحرارة والبرد وفصول السنة ووقت النوم، وملاحظة الأرض لأنها تدل على المسافة التى يجب قطعها، والأرض المفتوحة والممرات الضيقة للسفر واحتمالات الحياة والموت والخطر والأمن، والانضباط، وكيف ستصل الإمدادات الى القوات، وكيف سيتم إدارة الانفاق العسكرى، وكيفية تقسيم الجيش الى فرق.
يشرح المؤلف بالتفصيل أن النجاح فى أى صراع يعتمد على أهمية التخطيط وإلمام القائد بقدرات جيشه ومعرفة عدوه وفهم الظروف المحيطة به، وأن تكون استراتيجيته الأولى تفضيل إحراز النصر بدون قتال إن استطاع الى ذلك سبيلا من خلال الخداع والمناورات. عن ذلك يقول: «أعظم المهارة تكمن فى إخضاع العدو دون قتال».
الكتاب يركز على أهمية التخطيط الدقيق واستيعاب كافة الظروف، وأن يكون القائد ملما إلماما كاملا بقدرات جيشه وإمكانيات العدو وضرورة الاستعداد الكامل والكافى، وأن تكون إستراتيجيته فى الحرب تهدف لتحقيق النصر. يركز الكتاب أن الفوز فى المعركة يعتمد على ضرورة التحلى بالمرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة وأن يكون القائد مستعدا لتغيير خططه بناء على الوضع الراهن ومعرفة النفس ومعرفة العدو وفهم بواطن قوته وضعفه إضافة الى فهم تلك البواطن فى جيشه: «إذا عرفت نفسك ولم تعرف عدوك ستخسر كل معركة، وإذا عرفت نفسك وعرفت عدوك ستكسب مئة معركة». كما يتعين على القائد القدرة على استخدام موارده البشرية والطبيعية بحكمة سواء، كانت جنودا أو مؤنا أو وقتا، وأن الإسراف فى استهلاك تلك الموارد يؤدى الى الهزيمة. يشرح الكتاب دور القائد الناجح ويصفه بأنه الشخص الذى يوازن بين الحزم والرحمة والقدرة على كسب احترام الجنود وضمان التزامهم بالخطط وعدم الحيود عنها أمر أساسى لا يجب تجاوزه، وأن القائد يتعين عليه فهم كل ما يخص البيئة والميدان وفهم التضاريس المحيطة به وظروف الطقس وإدراك أن الميدان هو شريك أساسى فى تحديد أسلوب القتال وتحقيق النصر.
يصف عنصر المفاجأة بأنه عامل رئيسى لتحقيق النصر، يقول: «اجعل طريقك غير متوقع وهاجم حيث لا يتوقع العدو». ويقول: «الحرب مبنية على الخداع وكل معركة تكسب قبل أن تخاض والنصر فى الحرب لا يعتمد على القوة وحدها، بل على الحكمة». «من لا يمكن هزيمته يجب تجنبه ومن يمكن هزيمته يجب مهاجمته». « القائد الحكيم يقود جيشه وكأنه يقود رجلا واحدا بيده، والقائد الماهر هو الذى يتجنب الخطر لكن لا يخشى الهجوم عند الضرورة».
«لا تضعف العدو بالقوة فقط بل دعه يفقد الأمل».
«لا تطارد الأعداء الى أقصى حد، واترك لهم طريقا وممرا للانسحاب».
«القائد الذى يفوز هو الذى يعرف كيف يتكيف مع الظروف المتغيرة».
«لا تكرر نفس التكتيك الذى حقق لك نصرا ما، بل كن متغيرا دائما»، وكن كالماء الذى يأخذ شكل الوعاء الذى يوضع فيه».
« اجعل طريقك غير متوقع وهاجم حيث لا يتوقع العدو ولا تحاصر عدوا يائسا ودعه يعتقد أن هناك فرصة للنجاة».
« لا تقاتل فى معركة لا تعرف أنك ستفوز بها».
gate.ahram
اقرأ للكاتب
مصطفى جودة يكتب: هي والكاميرا «2 ــ 2»