لؤي ديب يكتب: إذا اصبت بلعنة الوعي فاعلم أنك في الطريق الصحيح!
على عكس ما يُصرح به ترامب هناك صوت يعلو في امريكا وهو قريب من ترامب يقول ( دع اسرائيل تتعلم ان تنهي ما بدأته) طبعاً هذا الصوت لا يتخلى عن اسرائيل وانما يحاول الابتعاد عن كلفة الصدام المباشر مع ايران .
ما زال ترامب يواجه مشاكل داخلية قد تُعقب اضرار له في امريكا ان حاول التدخل وبينما يحاول هو ذلك تجري محاولات حثيثة من الخبراء العسكريين في امريكا لمحاولة وضع القنبلة الامريكية الخارقة على متن طائرة C130 إسرائيلية وهي طائرة نقل عسكري لتنهي اسرائيل ما بدأته وحدها، ولكن ! ان فشلت المحاولة ستضرب امريكا وسيأخذ ترامب المغامرة.
أحد اكثر الامور الذي اثار انتباهي الشديد في مناقشة ملف ايران في امريكا نقطة مهمة وُضعت على طاولة صانع القرار فيها وهي (الفتنة) السنية – الشيعية واحتمالات تطورها او اختفائها في حال سقوط النظام في ايران وكأنها من اساسيات السياسة الامريكية الثابتة في المنطقة.
اسرائيل وحسب وكالات الاستخبارات في الغرب ليس بحالة جيدة، ويبدو ان الايرانيين استطاعوا توجيه ضربات مؤلمة وتمس قدرة مؤسسات عسكرية حساسة، وايضا ايران ليست بخير وتلقت ضربات موجعة بمعني اخر بدأ الطرفين بالصراخ والاثنين لا تتوفر لهم الامكانيات لخوض مواجهة طويلة وهذا تدركه امريكا وتراهن على التدخل في الوقت المناسب لتحقيق النصر لإسرائيل ، علما ان ايران ارسلت اشارات واضحة حول استعدادها لإبداء ليونه حول التخصيب، ولكن ! الوقت قد فات وأصبح سقف المطالب الامريكية والغربية واسرائيل اعلى من ذلك بكثير.
عندما قامت إسرائيل بضرب إيران اغتالت علماء حقيقيين علماء فيزياء ونوويين، ممن تم الاستثمار في تعليمهم وبحثهم، لا من يزعمون العلم وهم بعيدون عنه، أقصد رجال الدين. لم تستهدف آيات الله والمراجع الفقهية وطلاب الحوزات الشيعية، وما شابه، فهؤلاء لا يُقلقون إسرائيل بل يثيرون سخريتها ، ولديها خبرة واسعة في توظيفهم دون إدراك منهم .
هم يوجهون ضرباتهم إلى المنشآت العلمية ومراكز الأبحاث لا إلى المدن المقدسة. لم يقصفوا الحوزات العلمية في قُم او مشهد أو النجف. لا مشكلة لديهم في أن تدعو عليهم طوال الليل وأطراف النهار حتى تبتل لحيتك.
حرب اسرائيل على ايران دروس وليس درس لكل دولة وفرد في المنطقة لإعادة تقيم كل شيء من الثقافة للبرامج التعليمية للنظريات العسكرية القديمة في مواجهة الذكاء الصناعي والاسلوب السياسي، ويبقى كل شيء ممكن، وستسوء الامور لو سقط النظام الاسلامي في ايران وعادت ايران مرة اخرى الي حضن اسرائيل كما الايام الخوالي ، عندها ستكون اسرائيل امتلكت سيطرة استراتيجية قادرة على وضع كل المنطقة تحت حذائها ، فهل يسمح العربان الذين يطلقون النار على ارجلهم بذلك ؟
في عالم جعلت اسرائيل الضجيج يغمره، وهي لا تحاول فقط تغير الجغرافيا بل المفاهيم والثقافة القومية والوطنية المرتبطة بها ، حيث تلقى الآراء كما ترمى الحجارة في مياه راكدة وتحركها ، وتغلل ثقافة القطيع كقيد غير مرئي، يغلف العقول ويجعلها ترى العالم بعيون اسرائيل .
لا لأن الفكرة صائبة، بل لأنها الأكثر شيوعا وبيانات الرقيب العسكري الصهيوني تملأ شاشات القنوات العربية وتشكل مرجعية لسياساتها التحريرية ، احداث متلاحقة يفقد الإنسان العربي معها أعز ما يملك حريته في أن يفكر، أن يخطئ، أن يعيد النظر. فالقطيع لا يمنحك هوية… بل يقرضك واحدة مشروطة بالامتثال.
التحرر من هذا التيار الجارف لا يعني المعارضة لمجرد التميز، بل يعني الوقوف على حافة الصمت، ومساءلة كل ما ظننته يقينا. أن تتعلم كيف تصمت كي تسمع صوتك، وكيف تنظر بعينيك، لا بعدسات الآخرين. أن تعترف بأنك لا تعرف وربما كنت لا تدرك ، وأن المعرفة لا تمنح، بل تنتزع بالتأمل، وبالإصلاح الداخلي وبالتمحيص الشجاع.
في ثقافة القطيع، لا مكان للفهم، بل مكان للتكرار. لذلك، وحده من يمتلك شجاعة التفكير العميق ودراسة الاحتمالات كلها ، هو من يستطيع أن يرى الحقيقة خلف هذا الضباب الصهيو – امريكي ، نخطئ كثيراً عندما نسمح لعواطفنا ان تقود رؤيتنا للأحداث ونتجاهل ما الذي يعنيه خروج اسرائيل منتصرة دون خروجها وهي تعرج على الاقل .
إذا اصبت بلعنة الوعي فاعلم انك في الطريق الصحيح !
د.لؤي ديب – النرويج
اقرأ للكاتب
لؤي ديب يكتب: يوم اغتصبت اسرائيل ايران !

