هيكل والرؤساء.. شخص واحد و 6 وجوه
اختلفت المواقف السياسية والفكرية للكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، مع اختلاف اسم كل رئيس، ففي الوقت الذي كانت علاقته حميمة بالرئيسين الراحل جمال عبد الناصر وعبد الفتاح السيسي، لم تكن علاقته بالرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك جيدة لكنها مرت بمراحل متخبطة.
الجنسية السودانية سبب خصومة هيكل ومحمد نجيب
لم تكن علاقة هيكل بمحمد نجيب جيدة من البداية بسبب رأيه في أن نجيب لا يصلح لرئاسة مصر، خاصة أن هيكل صاحب مقولة الجنسية السودانية لوالدة نجيب، بدعوى أن الإنجليز كانوا يبحثون عن رجل تجري في عروقه دماء سودانية أو تركية، لكي يضعوه على رأس السلطة في مصر، بدلًا من الضباط الشبان أعضاء مجلس قيادة الثورة.
هيكل صديق حميم لـ”عبد الناصر”
ربطت هيكل علاقة قوية بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حتى وصفه الكاتب الراحل أنيس منصور بأنه كان مفكر عبد الناصر، وصاغ الفكر السياسي للزعيم في هذه الفترة. وفي مايو 1953 حضر عبد الناصر إلى مكتب هيكل بمبنى أخبار اليوم، وبعد وقت طويل دار فيه حوار منفرد بينهما رفع هيكل سماعة التليفون وطلب على أمين في مكتبه.
وكانت هذه أول مرة يذهب فيها الحاكم إلى الصحفى، ولا يقف الصحفى على باب الحاكم.
وأصدر عبد الناصر قرارًا بتعيين هيكل وزيرًا للإرشاد مع استمرار بقائه رئيسا لتحرير الأهرام، وكانت هذه سابقة لم تحدث في أي بلد في أي وقت، حيث جمع بين منصب وزير وصحفى في نفس الوقت.
ومع أن وزارة الإرشاد قدمت إليه مرتب الوزير مع مذكرة تقول إن قرار تعيينه تضمن الجمع بين المنصبين وهذا يعطيه الحق في الجمع بين مرتب الوزير ومرتبه من الأهرام، رفض استلام مرتب الوزير وظل كذلك إلى أن استقال من الوزارة عقب وفاة عبد الناصر.
وبرغم من أن جميع الوزراء تسبق أسماؤهم كلمة السيد فلان في القرار الرسمى لتشكيل الوزارة، لكن القرار حين عرض عبد الناصر لتوقيعه شطب كلمة (السيد) ووضع بخطه كلمة (الأستاذ) وكانت هذه أول مرة وآخر مرة رغم تعيين أعداد من الأساتذة.
السادات وعداوة شديدة
بدأت العداوة بين هيكل والرئيس محمد أنور السادات عقب تولي الأخير رئاسة الجمهورية عام 1970، بدأ هيكل معاداة السادات بكتابة ثلاثة مقالات تحت عنوان “السادات وثورة التصحيح”.
العلاقة بين هيكل والسادات ظلت جيدة حتى حرب أكتوبر 1973، وسرعان ما انقلب السادات على هيكل، لكن هيكل رفض طريقة تعامل السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيا، وكان يرى أن السادات يعطي للولايات المتحدة دورا أكبر مما ينبغي، بعد انتصار تحقق بسلاح جاء من الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي.
الصراع بين السادات وهيكل انتهى بقرار أصدره السادات في الثاني من فبراير 1974، حيث قام من خلاله بنقل هيكل من الأهرام إلى العمل كمستشار للرئيس، وسرعان ما رفض هيكل القرار وبوضوح.
واشتد الصدام بين هيكل والسادات، عندما تحدث السادات أمام كاميرات التليفزيون في سبتمبر عام 1981، عندما وجه اتهاما مباشرا لهيكل بأنه لم يعد صحفيا بل سياسيا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، وليس من حقه كصحفي أن يناقش القرار السياسي، فتلك مسؤولية الرئاسة.
ولم يكتف السادات بذلك بل أمر بوضع هيكل في السجن، ورحل السادات بعد حادث اغتياله في 6 أكتوبر من العام نفسه، وبعد اغتياله لم يرحمه هيكل، فحاكمه في كتاب جاء بعنوان “خريف الغضب”، حيث قام هيكل بتحميل السادات مسؤولية ما رأى أنه تعامل خاطئ في ملف الصراع العربي الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر.
مبارك وهيكل..
عداوة وصداقة بعدما تولى مبارك الحكم بادر بإفراج عن هيكل ودعاه إلى قصر الرئاسة ودار حديث بينهما امتد لست ساعات متواصلة.
وأعلن هيكل عن تأييده الشخصي لمبارك في البداية، ودعا كل المواطنين لمساندته في كتاب “مبارك من المنصة إلى الميدان”. عقب أول لقاء جمع بينهما أعطاه مبارك صلاحية للاتصال به في أي وقت، ولكن هيكل لم يستخدم تلك الصلاحية، وقرر أن يبتعد عن الدائرة المحيطة بالرئيس الأسبق والاكتفاء بالكتابات التي كانت تزعج مبارك ورجاله في غالبية الأحيان.
وبدأت علاقة هيكل بمبارك تتوتر بعدما ألقى هيكل محاضرة في الجامعة الأمريكية عام 2002، قال فيها: «إن السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية»، في إشارة إلى ضرورة رحيل مبارك عن الحكم.
فتساءل مبارك : لماذا يكرهنى هيكل هكذا؟
هيكل ومرسي..
ود لم يكتمل وصف هيكل الرئيس محمد مرسي، بأنه رجل طيب جدا على المستوى الشخصي، إلا أنه غير متيقن بمدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية، متوقعا أن النجاح لن يكون حليفا للإخوان.
وطالب بضرورة منح مرسي والحركة الإسلامية التي يمثلها الفرصة، قائلا: “لقد ظلوا في مسرح الأحداث ردحا طويلا من الزمن، وهم يشكلون تيارا يظن البعض أن فيه الخلاص”.
وذكرت مصادر مقربة من هيكل أنه زار مرسي في مزرعته ببرقاش مع الدكتور سعد الكتاتني القيادي الإخواني ورئيس مجلس الشعب المنحل، واستمر اللقاء الذي عقد قبل الانتخابات الرئاسية لنحو ثلاث ساعات.
هيكل والسيسي..
علاقة غير مفهومة قدم هيكل 3 نصائح إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى في بداية حكمه، حول بعض الملفات والتحديات التي تواجه مصر حاليًا حول ما يحدث في اليمن، بخصوص الشأن الليبى.
وأضاف هيكل في كلامه للسيسى، أن «هذا البلد يحتاج لتغيير الأمور أكثر من التسيير، ونحن في لحظة خطرة، ويجب أن يكون هناك مقصد واضح وخريطة لما نريد أن نذهب ويحدد هذا حوار بين كل قوى الوطن وهذا غير حاصل، وربما يشعر الشباب أنه بعد ثورتين لم يستطع تحقيق أحلامه»؟
وفي حلقة من سلسلة حواراته تحت عنوان “مصر أين وإلى أين”؟ أكد هيكل، أن السيسى تولى حكم مصر في فترة انقسام وتصادم تعيشها الأمة العربية، مضيفا: “السيسى يواجه ظروفًا شديدة الصعوبة، قد تكون أكثر صعوبة مما واجهه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر”.
وتابع أن هناك فارقا كبيرا بين أن يكون السيسى موجودًا كمدير للمخابرات أو وزير وغيره، وأن يكون رئيسًا للدولة، مضيفا: صحيح أنه رأى في مواقعه المختلفة مشكلات مختلفة، لكن عندما يكون رئيسًا، فإنه يرى المشكلات بكاملها والمشكلات الإقليمية المرتبطة بالدولية، فحجم التناقضات الموجودة داخل مصر، وحجم التناقضات الموجودة في العالم العربي، وحجم التعقيدات الموجودة على الصعيد الدولى، يحتاج في محاولة الفهم إلى جهد خارق”.
فيديو قديم لهيكل والحديدى