جورج توفيق يكتب من كندا : بطرس غالى و مشكلة مياه النيل

مضت سنوات منذ قيام عصام منتصر مدير معهد التخطيط فى داكار باعداد دراسته عن حوض النيل و طلب بيانات من مصر التى اعتذرت عن تقديم أى مساعدة عن التخطيط لمستقبل الدول الأفريقية .. و قامت مصر ببناء السد العالى دون استشارة دول الجوار .

و اعتمدت على الاتفاقيات و المعاهدات عندما كانت هذه الدول خاضعة للاستعمار القديم و ترفض تعديلها لتساير الوضع الحالى و فى خلال عشرين عاما فان الوضع سيصبح مخيفا يهدد مصر .. و حاول الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية فى عهد حسنى مبارك اقناع المسؤلين بضرورة فتح ملف نهر النيل و اعطائه الأولوية القصوى كما جاء فى يومياته التى يضمها كتابه بين القدس و النيل . وقد قال فى محاضرة فى أكاديمية ناصر العسكرية أن مشكلة السودان و دول حوض النيل يجب أن تكون محور سياساتنا الخارجية و أنه خطأ جسيم أن نهمل علاقاتنا بهذه البلاد خصوصا و أن مشكلة المياه ستزداد خطورة فى السنوات المقبلة لأنها ثمان دول من تتقاسم مياه النيل معا و نحن أهملنا السودان و جنوبه و لو أنشأنا وحدة بين القاهرة و الخرطوم لكان عندنا الأن أكبر قوة تمتد من ساحل البحر المتوسط الى قلب أفريقيا ..

      و لقد اكتشف بطرس غالى أن الفريق كمال حسن وزير الخارجية له رأيا مخالفا بوجوب أن تكون الأولوية للدول العربية لا لأفريقيا و حوض النيل لأن مصر مرتبطة بالمأساة الفلسطينية .. لكن للأسف أن مبارك و من معه لم يلتفتوا لرؤية بطرس غالى و فضلوا عليها جبهة الدول الخليجية و الدول الأوروبية لأنها مليئة بالمنح و المساعدات و القروض المالية بعكس أفريقيا التى تكثر بها المشكلات و الفقر و الأزمات و يمكن لو توافرت الامكانيات أن تتواجد مصر بين الجبهتين و تجاهد لكليهما فى وقت واحد و يروى بطرس غالى فى يومياته بكتابه القدس و النيل تفاصيل حضوره لاجتماع مبارك مع الرئيس نميرى و كبار مساعديهما بأنه حاول بدون جدوى الاشارة الى مشكلة نهر النيل وكان يبدو أن الجميع مقتنعون بأن نهر النيل هو نهر مصرى – سودانى فقط و أنه هناك اقتناع بأن دول المنبع تعتمد حتى الأن على مياه الأنهار و هى رؤية خاطئة لكون الانفجار السكانى سوف يغير الأوضاع و هذا المفهوم يتسم بقصر النظر و محبط للغاية فيما كان سفيرى أمريكا و بريطانيا يؤكدان ان أفريقيا لن يحدث فيها شيئ مهم فى العقود القريبة المقبلة .

      و يقول الكاتب الصحفى بلال فضل أن هذه الوقائع الحزينة بعد مرور هذه السنين لم تغير من أسلوبنا فى التعامل مع أفريقيا و دول حوض النيل .. و اننا ما زلنا نتصور أن دولة مثل أثيوبيا لن تضر بمصالحنا نأمل و نتمنى أن ينجح الرئيس السيسى و حكومته فى المفاوضات الدائرة حول سد النهضة الأثيوبى .

     بقلم : جورج توفيق – كندا

شكرا للتعليق على الموضوع