محمد النقلى يكتب : إصطباحه ” 1977 ” (2)

            قبل أن أستكمل مابدأته في مقالي السابق ، أود أن أوضح هنا ، ورداً على سيل التعليقات التي شرُفت بها ، بأني لا أكتب ” تاريخاً ” ، فلست بمؤرخ ، ولكني معني بشده – كالكثيرين غيري – بقراءة وتحليل وإعادة الرؤية فيما سُجِل ووصفوه وقدموه لنا على إنه .. ” تاريخ ” .

            لقد تحدثنا في مقالنا السابق عن حال الدوله المصريه بعد خوضها معركتين في ست سنوات (1967 و 1973) ، وكيف أصبحت الحاله الإقتصاديه مهترئه تماماً بعد خوض المعركه الأخيره في 1973 والتي لم تسفر عن تحرير الأرض بالكامل ، ولكنها حركت الموقف في المنطقه إلى حدٍ كبير ، ونتج عن ذلك العديد من التحديات التي واجهت النظام السياسي ، وأوضحنا أن أولى تلك التحديات كانت تتمثل في إستكمال تحرير الأرض ، ويليها تحدٍ أكثر صعوبه وضراوه ألا وهو .. البناء والتنميه .

            لم يتوانى الرئيس السادات في البدء في مواجهة تلك التحديات فبدأ على الفور مباحثات فض الإشتباك الأول والثاني ، والتي بدأت عند الكيلو 101 طريق القاهره / السويس في 28 إكتوبر 1973 ، مباشرةً بعد قبول مصر وإسرائيل قرارات مجلس الأمن 338 ،339 ، 340 ، والخاصه بوقف إطلاق النار ، وإستغرقت عام 1974 بكامله ، ويجب الإشاره هنا إلى أن تلك المفاوضات كانت البذره التي أثمرت عن معاهدة السلام المصريه الإسرائيليه  ، مروراً بزيارة الرئيس السادات للقدس في نوفمبر 1977 ، وإنتهاءاً بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978 .. تلك كانت بإيجازٍ شديد مراحل إستكمال تحرير الأرض ، والتي إنتهت بإستلام أخر شبر محتل من الأراضي المصريه ” طابا ” في مارس 1989 .. أنه حقاً كان طريقاً  صعباً وشاقاً .. كما كان هناك طريقاً آخر لايقل صعوبه أومشقه عن سابقه .. وهو إزالة ما خلفتهُ الحرب من صعوبات ومشاكل على الصعيد الإقتصادي ، وإعادة البناء والتنميه .

بعد مرور أقل من شهرين على وقف إطلاق النار ، وتحديداً في ديسمبر 1973 بدأت مصر في عمليات تطهير المجرى الملاحي لقناة السويس ، وخلال أقل من عام ونصف تم إعادة إفتتاح قناة السويس أمام حركة التجاره العالميه وذلك في 5/6/1975 ، بعد توقف دام 8 سنوات بالكامل ، وبلغت خسائر مصر من هذا التوقف حوالي 220 مليون دولار سنويا ، فضلاً عن الخسائر الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على منشآت قناة السويس كانت قد قاربت المليار جنيه . ( هناك الكثير والكثير جداً من الخسائر التي لحقت بمصر من جراء حرب 1967 وإستمر نزيف تلك الخسائر إلى مابعد حرب إكتوبر 1973  ، لايتسع المجال لذكرها هنا ) ..

         المهم .. إتضح تماماً للرئيس السادات إنه ليس في مقدور مصر المضيّ في الإعتماد على الدعم المقدم من الإتحاد السوفييتي وقتها ، أو حتى ذلك الدعم المقدم من الدول العربيه على أساس إن مصر من دول المواجهه مع العدو الإسرائيلي  .. لذا كان عليه إعادة التفكير في إيجاد البديل لذلك ، في ضوء المستجدات الإقليميه والدوليه وما نتج عن معركة إكتوبر1973 .

 ” والحديث موصول .. مالم يُكتب للعمر إفول “

” إستقيموا يرحمكم الله “

بقلم : محمدعلي النقلي

شكرا للتعليق على الموضوع