ناصر اللحام يكتب : جزرة ليبرمان وخيارات السلطة
لم يصل الوزير الاسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان بعد، الى مستوى الذكاء الذي يؤهله لوضع خطة سياسية وأمنية، وانما (خطة العصا والجزرة) هي الخطة التي وضعها وزير جيش الاحتلال موشيه دايان عام 1967، وكتب عنها ضابط الاستخبارات الاسرائيلي شلومو غزيت كتابا يحمل نفس اسمها (كتاب العصا والجزرة لشلومو غزيت).
وقد اعتمدت خطة ديان على محاولة ابعاد الجماهير الفلسطينية “لا سيما جماهير نابلس ومناطق غور الاردن” عن خلايا الفدائيين التي كانت تتسلل من الاردن لتنفيذ عمليات ضد الغزاة، وحاول دايان ان يوقف تعاطف جماهير الضفة مع التنظيمات الفلسطينية من خلال خلق وهم الاختلاف وقسوة مبالغ فيها ضد عائلات الفدائيين مقابل “نعومة كاذبة” مع باقي القرى التي لم تستقبل الفدائيين ولم تعمل على اخفائهم ومساعدتهم.
خطة دايان وباعتراف الاستخبارات الاسرائيلية لم تنجح، وانما عملت على تأجيل انتفاضة الارض المحتلة 20 عاما، وبدلا من ثورة الشعب ضد الاحتلال في العام 1967 فقد تأجلت حتى بدء انتفاضة الحجارة عام 1987.
ولذلك لا يمكن استنساخها مرة اخرى ولا يمكن تطبيقها ثانية.
لأسباب بديهية لا داعي لتكرارها الان.
فقد نضج الوعي الفلسطيني وتبلورت الهوية الوطنية بشكل كامل نحو مفهوم الاستقلال والدولة، وليس نحو العبودية للحاكم العسكري مرة اخرى.
زاوية اخرى ان ليبرمان نفسه تحوّل في الشهرين الماضيين الى مادة سخرية من جانب الصحفيين الاسرائيليين، وقد أعرب اكثر من صحفي عن تساؤله: اين خطة ليبرمان التي قال فيها انه سيحل مشكلة قطاع غزة خلال ايام ويتخلص من اسماعيل هنية ويهدم حماس ويطرد محمود عباس؟
وللنجاة من سخرية الجمهور الاسرائيلي القاسية، هرب ليبرمان وسرق خطة موشيه دايان وعرضها على الجمهور الاسرائيلي باعتبار انها خطته، لكنها سرعان ما ستتحول الى نكتة.
وجميعنا نذكر عملية شباب يطا في تل ابيب، وكيف بدأ الصحفيون لسؤال ليبرمان الذي لم يكن مضى على توليه منصب وزارة الجيش سوى اسبوعين : ماذا ستفعل؟ وكيف ستحمي تل ابيب من العمليات ؟
ليبرمان يدّعي انه سيعاقب بشدة من يرفض الاحتلال وبأنه سيجزل العطاء لمن يوافق على التعامل مع الحاكم العسكري، لكنه لم يبلغ الجمهور الاسرائيلي ماذا سيفعل اذا اكتشف ان كل ابناء الشعب الفلسطيني يرفضون الاحتلال ويقاومونه!!! هل سيضرب الضفة الغربية قنبلة نووية مثلا؟
ونقطة اخرى تظهر بلاهة ليبرمان، وتؤكد ان هذه الخطة مجرد “همبقة ” اعلامية، ان ميزانية هذه الخطة تبلغ 10 مليون شيكل لاقامة موقع اعلامي باللغة العربية.
اي ان ليبرمان خصص 10 مليون شيكل من اصل ميزانية اسرائيل التي تبلغ 485 مليارا ويتوقع ان تنضبط الضفة الغربية له وتنجح خطته، والجميع يعلم ان مبلغ 10 مليون شيكل لا يكفي لعلاج اطفال المدارس من الاسهال في يوم ماطر.
ولو أراد ليبرمان ان يتولى الاحتلال مسؤوليات ادارة شؤون الناس في الضفة وأن يتحمل الاحتلال مصاريف التعليم والصحة والاوقاف وتعبيد الشوارع وادارة شؤون البلاد، فلتفعل ذلك وان الرئيس عباس لا يستطيع ان يمنع حكومة الاحتلال من تنفيذ الامر.
ان ليبرمان الذي لم يعد يتحمل استهزاء الصحافة الاسرائيلية من فشله، يحاول تسويق نفسه أمام ناخبيه وناخبي اليمين، ولكنه وحين يقرّر زيارة احدى الجامعات الفلسطينية او زيارة اي حي من احياء المدن في الضفة الغربية، سيعرف المعنى الحقيقي للمقاومة الشعبية.
ولا داعي ان نذكره بما حدث له في العام 2001 حين هاجمته احدى مجموعات كتائب شهداء الاقصى في مستوطنة نوكديم شرق بيت لحم، وكيف بدأ يصرخ ويستغيث حتى أرسل له شارون مروحية هيلوكبتر عسكرية لتهريبه من المستوطنة.
كان هذا في العام 2001، اما اليوم، ولو أراد ليبرمان ان يزور احدى الجامعات الفلسطينية ستحتاج اسرائيل الى مركبة فضائية لانقاذه من أيدي الشبان الغاضبين.