المطحون للأبد

عرض وتحليل فوزي المصري

اتيحت لي الفرصة للعمل بدولة الكويت لعدة سنوات من خلالها تعرفت علي تاريخ البلد عن قرب والنواحي الشخصية والاجتماعية لأبنائها وكيف تطورت من مواطن لا يعرف للرغد شكل ويعمل ليل نهار لتوفير لقمة العيش سواء بالصيد في أعماق الخليج أو بالبحث عن أي وسيلة توفر له لقمة العيش حتي أصبح هؤلاء أغني وأكبر دخل للفرد علي مستوي العالم وحينما نسترد الأسباب نجد أهمها ظهور البترول وأيضا قيادة تضع نصب أعينها حقوق المواطن في الاستمتاع بخيرات بلاده ( حتي لو أختلفت الدرجات ) مثلا العناية الصحية لكل أفراد الأسرة بكل أشكالها ومستوياتها لذلك وفرة الخدمات الصحية بأعلي مستوي للمواطن مجانا ولذلك كنت لا أحمل هم المرض لأني أجد في كل منطقة وحدة كاملة الخدمات الصحية والاهتمام بدون مقابل أيضا توفير السلع التموينية لكل أفراد المجتمع من الأمير لحارس البناية ( البواب ) أو سائق التاكسي ومواد من أجود الأنواع وبكميات كبيرة جدا ومع تطور الحياة يوجد بند في ميزانية الدولة خاصة بالأجيال القادمة أي توضع نسبة من الأرباح تحت بند الأجيال القادمة حينما يولد الطفل يجد الرعاية الصحية الكاملة وعندما يصل عمرة ثمانية عشر عاما يخصص له منزل حسب فئات المجتمع ( محدود الدخل – متوسط الدخل ) ويحصل علي منحة للزواج وفي حالة رفضه المنزل ( عبارة عن فيلا كاملة التشطيب ) يعطي أرض وقرض للبناء ويصبح له ملف بالشئون للتسديد علي عشرين عاما . اما الخدمات ( كهرباء – مياه – غاز ) فلا تتحدث عنهم لأنهم يوفرون كل شيئ بدون ارهاق وبسعر خيالي علي سبيل المثال الكهرباء ب 2 فلس الكيلووات مما يشجعل المواطن علي استخدام أحدث الأجهزة الكهربائية التي تساهم في راحته ورفاهيته ، المياة في معظم الأماكن خطين واحد مياه للشرب وآخر للغسيل وري الحديقة وبخصوص الغاز لم نشاهد خلال سنوات أي أزمة مخازن الأنابيب متوفرة في كل مكان 24 ساعة وبخصوص الحياة اليومية من مأكل ومشرب وخدمات تجد في كل منطقة جمعيات استهلاكية ضخمة ( أكبر من الهايبر ) بها من الأبرة للصاروخ ومحلات الخدمات تحيطها من كل مكان وأيضا حماية للمستهلك في كل موقع مكتب لحماية المستهلك حتي عند شراء الذهب تجد المواطن يتوجه للمكتب الذي يقوم بفحص الذهب ووزنة والتأكد من مطابقته للفاتورة ثم يقوم بختمه أي اعتماد الفاتورة حتي المغترب يستطيع العيش والتمتع بالخدمات وأيضا يستطيع شراء السيارات رغم توفر كل وسائل النقل اللائقة للبشر هذه المقدمة لنفرق بين شعب كان يطلق عليهم الحفاه ، وكانت مصر تعطيهم المعونات ( دول الخليج بشكل عام ) وأتذكر أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات ذكر في عدة لقاءات أننا لا نتسول من أحد فمصر دائما تقف بجانب أخوانها في الدول العربية وأن القلم والكراس والمعلم من مصر ورغم ذلك أصبحوا هم في القمة والمصري في القاع معيشة وحرمانا وعدم توفر من يحنوا عليه وقد أقر الرئيس السيسي بأن شعب مصر لم يجد من يحنوا عليه خلال السنوات السابقة في عهد الملكية كانت مصر قمة وقوية لكن كان هناك فئة في القمة وأخري في القاع تعمل بالسخرة وبعد الثورة انتفضت فئة أخري وهي الوسط بين الفئتين وعاشت الاحلام مع الرؤساء منها بعد بناء السد العالي الكهرباء ب 2 مليم الكيلوات وانتشار الزراعة والخير وتوفير التعليم لكل فئات الشعب الا أن الشعب لم يتمتع فالجمعيات الاستهلاكية والفئوية انشئت لخدمة المواطن وتوفير السلع بأرخص الأسعار الا أن الجشع وسوء الادارة جعلها عقابا للفقراء حتي أكلت نفسها قبل المواطن واختفت وتكاتفت القوي الداخلية والخارجية علي دمار المواطن المصري وجعلت أبناؤه متجولون في بلاد العالم بحثا عن لقمة العيش وتوارثت الحكومات رؤي معينة وهي التباهي بالعمل لحماية محدود الدخل وبأسمها تاجروا بالمواطن المصري في كل اتجاة وكل موقع حاربوه وقتلوا فكره في الرقي وحبسوه في خانة محددة وهي أن يكون يعيش في حجرة وينام علي حصيرة ويتلحف بالهواء ويستخدم لمبة جاز نمرة 5 ولديه زير أو قلة لشرب الماء وجعلوا نساؤه يستخدموا مياه الترع والمصارف لغسل المواعين ( الحلل والأطباق وغيرها ) واحيانا يشربوا من هذا النهر حتي التهمتهم البلهارسيا والتيفود والكوليرا وفقر الدم وعانوا في مصحات لا تستطيع تقديم العون لهم ولا حتي اشعارهم بالكرامة الانسانية .

العالم المتحضر يضع الخطط التي تنهض بالشعوب وعلي الرؤساء أو الوزراء تنفيذها بالتوالي لكن بمصر كل رئيس له رؤي وكل وزير أو محافظ له رؤي مختلفة حتي علي مستوي رؤساء المصالح الجديد يكره القديم ويرفض بشدة أن يذكر أسمه بوجوده ويحب أن يخلد دون أن يقدم ما يستطيع اعتباره انجازا للمجتمع لا شك الرئيس عبد الناصر نهض بالطبقة المتوسطة وأنشء في عهدة عدة مصانع ( الحديد والصلب – الغزل والنسيج ) لكنه أهتم بالخارج وترك الداخل لأصابع تلعب بها وتخرب فيها حتي بالخارج حينما يرغب مواطن مصري قضاء مصلحة بسفارته يستعين بفلسطيني لانهائها ثم وقع عبدالناصر في فخ الاستعمار وتورط حتي قامت حرب يونيه 67 التي قسمت ظهر المواطن والوطن وكان هناك حزبا مسيطر علي مجريات الأحداث السياسية والاجتماعية وهو الاتحاد الاشتراكي الذي أفرز من خلاله فئات ساهمت في الفساد الاداري وتقسيم المجتمع وعندما أراد عبدالناصر اصلاح ما أفسده جاء أمر الله ووافته المنية يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته . وجاء الرئيس السادات يلملم المجتمع المتناثر هنا وهناك وقرر تصفيه المتآمرين والمخالفين ( من وجهة نظره ) قاد ثورة التصحيح ووضع لنفسه هدف وخطط له وهو اعادة الأرض وتحريرها من العدو الغاشم وعاش المواطن المصري مرحلة جديدة من التقشف وربط الأحزمة حتي تحررت الأرض وردت للشخصية المصرية اعتبارها في 1973 واصدر الرئيس السادات قرارات اقتصادية وفتح المجال للمصريين للعمل بالخارج ( مثل مشهور اللي ما غتناش في عهدي … ) وفعلا سافر ملاين المصرين للعمل بالخارج وادخلوا لمصر عملات أجنبية ووفروا علي الحكومات مصاريفهم وأسرهم من توفير السلع والخدمات وتحسنت أوضاع البعض الا أن هذا لم يستثمر من قبل الحكومات لصالح المجتمع فانشئت الادارات والهيئات لابتزاز المصري القادم والمغادر للعمل ( تصريح عمل – ضرائب – ضرائب علي الدخل – حرمان من بطاقة التموين – دفع حصته في العمل بالعملة الصعبة – ابتزازه في المواني واشعاره بأنه متهرب أو حرامي وغيره – ويا سوء حظ أهله الذي يتوفي بالخارج نتسول عليه لكي يكفي مصاريف شحنه  ) لكن شهادة لله السفارات في عهد السادات تغيرت شيئا ما في احترام وتقديم الخدمات للمصريين .

توفي الرئيس السادات يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته وجاء الرئيس حسني مبارك وكأن محكوم علي كل رئيس قبل استلام البلد أن يكون لديه تركه من المشاكل والهموم  فقد عان مبارك من القطيعة العربية لمصر بسبب اتفاقية السلام مع اسرائيل وجاهد في سبيل عودتها جهدا يشكر عليه وحاول تصحيح الأوضاع والبنية التحتية لكن علي حساب المواطن أيضا بمعايرة المصرين بالخلفة والنمو السكاني وكأن العقدة لدي الرؤساء والحكومات النمو السكاني علما بأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم  تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فإنِّي مُباهٍ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ

 لكن الاستعمار سيطر علي عقولنا ( حكوماتنا ) بأن المشكلة الكبري النمو السكاني رغم لدينا دول تفوقنا بالملاين وانشئت المؤسسات وخدمت عليها الوزارات للقضاء علي هذا النمووبعض الوزراء في عهد الرئيس مبارك في الصحة تباهي أنه استطاع أن يرفع سن الزواج من 18 سنة للأنثي الي 21 سنة وللذكر من 21 الي 25 سنة وأن الخطة متواصلة حتي تصل الي 28 للأنثي و32 للذكر ثم وجدوا أن التعين يساهم في توفير الدخل وتكوين الأسرة فأوقفوا التعيين وأصبح حلما لكل مصري أن يجد وظيفة في بلده ثم أهتم بالحزب الوطني وأصبح الشعب فئتين شعب يسمع ويحصل علي ما يريد ( عضو في الحزب الوطني ) وآخر لا يجد من يسمعه وتاه وسط الزحام وكثر الفساد في العشر سنوات الأخيرة من حكمه وتكاتفت الدول لتوريط مصر في معارك خارجية ( حرب ايران والعراق – حرب الخليج العراق والكويت – احتلال ايران للجزر الاماراتية – ضعف الاقتصاد المصري وزيادة الدين ) كل هذا جعل الحكومات تلتهم المواطن حتي وصل الي قمة غضبه وزادت نسبة العنوسة والشباب العاطل  واستغل الموقف القوي الخارجية واستثمروا الغضب وضعف البعض ومتاجرة البعض بمصالح الوطن فقامت ثورة 25 يناير تنادي بالحرية ، الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية وحدث ما حدث وسلمت الراية للمجلس العسكري وانشق الشعب بمؤامرات الداخل والخارج وأيضا دفع الفاتورة المواطن من جهد وحرمان وقتل وتدمير وعشنا سنوات عكاف حتي جاء الرئيس السيسي بفكر جديد وضخم وقوي لكن في ظروف المواطن يئن ويعجز عن التحمل لذلك البعض يري أن المشاريع الضخمة التي تقام الآن لا بد من توافر أيضا بجوارها مشاريع سريعة الانتاج لكي يشعر بها المواطن العادي وأيضا اصلاح المفهوم لدي الحكومة بأنها مكلفة برفاهية المواطن وليس بتقسيم المجتمع والاهتمام اسما بهذه الفئة دون غيرها

بلا شك أن المشاريع التي تمت ضخمة ومن المفروض أن  يعود مردودها علي المواطن العادي لكن هل سيحدث أم ستعاد الكرة كما حدث أيام الرئيس عبد الناصر بعد بناء السد العالي الكهرباء ب 2 مليم الا أنها لم تتحقق وأصبحت بى 40 قرش وهل القوي الكبري الطامعة سوف تتركنا أم سوف تخلق الزريعة لافساد المردود من المشاريع حتي يستمر المواطن المصري مطحون للأبد ؟ ليس عيب أن نفكر ونستثمر هذا الفكر لكن لا بد من النظر لقدرة المجتمع وتحمله والشيئ الأهم تواجد المثل الأعلي كيف أجد هذا المثل في جو أمتلأ بالفساد الاداري والنهب من خيرات البلاد علنا ولم يجدوا من يحاسبهم يتداول في دول الخليج أن مصر من أغني دول العالم لأنها تسلب منذ آلاف السنين ولم تفلس وهذه حقيقة أن خيرات البلاد كثيرة مقارنة بالدول الأخري نهر النيل والزراعة والصناعة والتجارة ووجود الذهب وغيره الخام من مقومات الخير حتي رمال سيناء كلها خير وكان يصنع منها الزجاج لكن الفاسدين يملؤن المؤسسات والمواقع بل ويميزوا ويكرموا ولا أعتقد أن المواطن العادي يعلم أن فلان حرامي ويسرق البلد والحكومة لا تعلم ونحن الآن نخاف من عودة الشعب الي طبقتين طبقة قادرة وتملك كل شيئ وأخري لا تملك قوت يومها . النصابين انتشروا واللصوص انتشروا والسرقات واستخدام النفوذ علني فهل أحلام  وطموحات الرئيس السيسي ستتحقق وأن يشعر المواطن المصري أن له أب يحنو عليه ويغدق ويرفع من قدراته وكرامته وسط هؤلاء الذين يطبلون في وسائل الاعلام أنهم ينجزون ويحافظون علي المواطن وهم في الحقيقة يقتلون المواطن في كل مرفق وكل موقع سواء بارادتهم أو مجبرون حمي الله مصر وشعبها من هؤلاء ومن يريد بها غلا أوحقدا أو كراهي

14101885_10210241659339385_1059481196_n

شكرا للتعليق على الموضوع