توقعات بعودة إسلاميي الأردن من خلال الانتخابات بعد تغيير صورتهم
قد تخرج المعارضة الإسلامية المعتدلة في الأردن من الانتخابات البرلمانية التي تجرى يوم الثلاثاء بتأثير متجدد بعد النجاة من محاولات الحكومة حظرها في إطار حملة أوسع على الإسلام السياسي.
وقد تفوز الجماعة بما يصل إلى خمس المقاعد في البرلمان بعد التخلي عن شعارها “الإسلام هو الحل” والانضمام مع المسيحيين لتشكيل تجمع مدني واسع التمثيل وهو الائتلاف الوطني للإصلاح.
وتمثل الانتخابات خطوة متواضعة في عملية التحول الديمقراطي التي بدأها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بينما يسعى لعزل الأردن عن الصراعات الدائرة على حدوده لكنها ستظهر عزيمة الإسلاميين في وجه القيود الحكومية الشديدة.
ويقول محللون إن القوانين الانتخابية التي تحابي المناطق العشائرية على حساب المدن حيث يتمتع الإسلاميون بالقدر الأكبر من الدعم تعني أن من غير المرجح أن يهيمنوا على الانتخابات لكن لا يزال بإمكانهم أن يحركوا المشهد السياسي الساكن في الأردن.
وقال الشيخ حمزة منصور القيادي البارز في حركة الأخوان المسلمين “هذا المجلس سيكون امتدادا للمجالس الأخرى التي صنعتها السلطة التنفيذية لكن سيبقى صوت الأحرار.. سيكون هناك عدد قليل لكن يجب أن يرفعوا الصوت عاليا لأن التحديات التي تواجهنا تحتاج إلى وقفة شجاعة”، وفق ما ذكرت وكالة أنباء “رويترز”.
كانت حركة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي جبهة العمل الإسلامي اللتان تهاجمهما وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة قد قاطعا الانتخابات لعشر سنوات احتجاجا على قوانين الانتخابات التي شعرا أنها متحيزة ضدهما في حين يضغطان من أجل تمثيل سياسي أوسع.
ويسمح للإخوان المسلمين بالعمل في الأردن منذ 1946. لكن ثارت حولهم الشكوك في أعقاب انتفاضات الربيع العربي التي وضع خلالها الإسلاميون في مواجهة مع القوى الراسخة في العديد من البلدان العربية.
واقترب الأردن من حظر الإخوان كلية هذا العام فيما يقول إسلاميون إنه تسوية حسابات معهم لتحريضهم على الاحتجاجات التي ركزت على إصلاح الحكومة وتقليص صلاحيات الملك لكنها لم تصل إلى حد المطالبة بالإطاحة بالملكية.
وأوسع قاعدة دعم للإسلاميين في الأردن بين كثير من المواطنين من أصل فلسطيني الذين يعيش أغلبهم في المدن في حين يدعم المواطنون من أصل أردني في الأغلب الأعم الفصائل السياسية العشائرية.
لكن الإسلاميين حصلوا على دعم متزايد في المناطق الريفية والعشائرية في السنوات الأخيرة الأمر الذي أزعج السلطات.
وشاركت جبهة العمل الإسلامي في هذه الانتخابات لأسباب من بينها الالتفاف على التحركات الحكومية بحظرها وحظر الإخوان لمقاطعتهم الانتخابات. والآن ستختبر الانتخابات القدرة التنظيمية لجبهة العمل الإسلامية ودعم قواعدها لها.
وقال المعهد الجمهوري الدولي وهو أحد مراقبي الانتخابات “المهارة النسبية لجبهة العمل الإسلامي في التنظيم وتوصيل الرسائل.. تتركها في موقع جيد للظفر بعدد كبير من المقاعد في الانتخابات”.
*برلمان سلبي
أحالت مقاطعة الإسلاميين الانتخابات الأردنية لفترة طويلة إلى مجرد منافسة بين زعماء العشائر والشخصيات التابعة لمؤسسة الحكم ورجال الأعمال المستقلين.
ودفعت الجبهة بمرشحين في أغلبية الدوائر الانتخابية. وتأمل أن تبلي بلاء حسنا بالتحالف مع المستقلين الذين يشاركونها جدول أعمال معارضا مما سيؤدي إلى إحداث هزة في برلمان سلبي مليء بالنواب الموالين للحكومة.
وقال منصور إن هذه السلبية سمحت للحكومات المتعاقبة بسن قوانين صارمة مؤقتة تقيد الحريات العامة وبإقرار تدابير تقشفية لا تحظى بالشعبية حض عليها صندوق النقد الدولي.
وفي استعراض لمحاولات اتحادهم مع مجموعات أخرى لخوض الانتخابات نظم الإسلاميون حملات مع عوده القواس القس البارز ونشطاء مسيحيين آخرين في منطقة عبدون الراقية في العاصمة عمان.
وحلت اللافتات القرمزية اللون التي تعلن عن الائتلاف محل رايات الإخوان المسلمين الخضراء والآيات القرآنية والشعارات التي تتبنى الجهاد والتي كانت السمة المميزة لإخوان الأردن.
وقال منصور مراد وهو يساري معروف في التحالف الإسلامي “إذا كان هناك نواب حقيقيون استطاع شعبنا العظيم أن يفرزه سيكون هناك برلمان حقيقي قادر أن يحاسب كل من يمد يده على المال العام”.
ودفعت عودة أفضل الجماعات المعارضة تنظيما في الأردن منافسيهم العلمانيين إلى الخشية من إحياء النزعة الإسلامية في سباق تراجعت فيه السياسات الوطنية.
وردوا بالمطالبة بفصل السياسة عن الدين وبمهاجمة الإسلام السياسي.
وقال قيس خليل زيادين وهو محام شاب يترشح على قائمة “معا” التي تنتشر حملتها على نطاق واسع في المناطق الراقية في العاصمة “يجب ألا يكون وصاية على الشعب باسم الدين”.
*ضعف التمثيل
بالنسبة لكثير من الأردنيين تستعرض حقيقة إجراء الانتخابات من الأساس استقرار بلادهم في منطقة يعصف بها العنف.
وقال بسام حدادين النائب والوزير السابق “مجرد أن نجري انتخابات ونذهب إلى بيوتنا آمنين ونعد الأصوات بدلا من القتلى هو رسالة لكل أردني كيف نجحت القيادة الأردنية بتجنيب الأردن الدمار”.
ويرى آخرون الانتخابات إما غير منصفة أو لا معنى لها بالنظر إلى القواعد التي تضمن ضعف تمثيل المدن الأردنية.
لكن المسؤولين يرفضون مزاعم بعض المراقبين الدوليين بأن الناخبين باتوا غير مبالين ومصابين بخيبة أمل في برلمان غير قادر على تحدي الحكومات التي يختارها الملك.
وقال خالد الكلالدة رئيس هيئة الانتخابات المستقلة “بوابة الإصلاح السياسي هي مجلس النواب. هذا يعجبنا أو لا يعجبنا هذه قصة ثانية. الأردن ماشي (يسير) في خطوات الإصلاح السياسي.. البعض يقول أنها بطيئة والبعض الآخر يقول أنها متسرعة وأنها تمشي في الخطوة اللازمة.. بالتأكيد الانتخابات النيابية هي عنوان الإصلاح السياسي”.