يوميات دينا ابو الوفا … عارفين


طلب منى احد الأصدقاء انى اكتب مقاله عن مصر و علل ده بأننا “فى حالة حرب خارجيه على أرض سيناء الحبيبه و حرب داخليه مدبره بعنايه ،..
رديت عليه بتلقائية و عفويه ” انا اكتب عّن مصر !!!! ، مين انا علشان اكتب عن مصر ، مش هلاقى كلام !!!!”
بعدها بلحظات ، مقدرتش أقاوم ، قلت لنفسى هكتب اللى حساه و زى ما تيجى ….
قلت أدور على مصدر للكلام ، فدخلت على ولادى التلاته و سألتهم ” بتحبوا مصر !؟ ”
رد ابنى الاول و قاللى” معرفش ، يمكن بحبها ” ….
و ردت بنتى التانيه بسرعه شديده وبحركه لا إراديه ، حطت أيديها الاتنين على قلبها وابتسمت و قالت بصوت حنين اوى ” طبعاً بحبها ، دى بلدى !!!!!” و عنيها فى لحظة اتملت دموع
و ردت بنتى التالته باستغراب شديد وقالت لى ” ايه السؤال الغريب ده ، دى بلدى !! هو انا ينفع محبهاش ؟!”
فى المجمل ، الاجابات طمنت قلبى الى حد ما ….
بس كان لازم اسأل نفسى ، نفس السؤال ، من باب لحظة صدق و اعتراف أمام نفسى بحقيقه مشاعرى ……
و كانت الاجابه ” لا مش بحبها ، انا بعشق ترابها ، و فى عنيه الدنيا و ما فيها”
و لان الاجابه كانت كلاشيه اوى ، سالت نفسى ليه بتعشقيها !؟!؟ و كأنى بتحدى نفسى انى اقدر أبرر و أفسر الاجابه …..
و فى لحظه ،لقيتنى بغمض عينى و رجعت بالزمان لورا و افتكرت ايام المدرسه و الفسحة و الصحاب و الكانتين ، و عربية الدوم و الحرنكش بعد المدرسه
و افتكرت رحلات المدرسه ، الاهرامات ، المتحف ، القلعه ، و غيرهم
و افتكرت يوم الجمعه و النادى واللمه و الأهل و الصحاب والزيارات العائلية
و افتكرت رمضان ، و أغنية “رمضان جانا” و لمة العيله خلان و خالات وولادهم و السفره الكبيره و ياميش رمضان و الدوشه و الضحك و الحركه جوه و بره المطبخ و صوت الراديو قبل الاذان والزينه ماليه الدنيا وفانوس رمضان فى أيدينا كلنا و بنردد ” وحوى يا وحوى” و الروحانيات
اللى ماليه كل مكان
و كانك عايش جوه قصة خياليه !!!!
و افتكرت العيد الصغير و زحمة الشوارع و كله بيدور على لَبْس العيد
و فرحتنا بأول يوم و الكحك و الغريبه و كله بيعيد على كله و يتبادلوا العيديه وبرده العيله و اللمه و الفسح و الخروج و الضحك اللى مالى الدنيا
ولا العيد الكبير و صلاته و الدبح و اللحمه الضانى فطار و غدا و لا الفته و جمالها من إيد الجده !!!!
و فى وسط كل ده ، تلاقى جارك و زميلك و صاحبك المسيحي بيعيد معاك و يفرح معاك و يأكل معاك ….
و فى الكريسماس ، تزين الشجره معاه و تعيد معاه
ما هو أصل فى مصر ما تعرفش تفرقنا من بعض و لا تفرقنا عن بعض … ، كتير حاولوا لكن هيهات … الحب اللى جامعنا و السما اللى مغطيانا و الشمس اللى مدفيانا اكبر من اى محاوله ساذجه …
افتكرت ، لما كنت بضطر اسافر مع أبويه نعيش فى أوروبا بحكم عمله كدبلوماسي فى وزاره الخارجيه
و قد ايه كان الحزن و الاشتياق و الوحده يملونى برغم ان البلد انضف و أشيك و كل حاجه مظبوطه بالشعره و الناس حوليه منين ما اروح !!!!!!
بس كانت بارده ، جامده ، مصطنعه ، مفيش لا مشاعر و لا أحاسيس ، الناس ماشيه متشفش ابتسامه واحده من القلب ، كل واحد فى حاله ، و كأنهم روبوت على سير !!!!
تدور على احساس الدفا و الالفه و الصحبه و العشره و الجيره متلاقيش !!!!
كنت استنى الاجازه علشان ارجع ، و اول ما انزل المطار أخد نفس عمييييييق هو ممكن ميكنش هواه نضيف و لا نقى … بس هو الهوا اللى انا محتاجاه ، هو الهوا اللى كان بيحيينى و نفسى بيه بيرتاح وروحى تترد ليه من تانى ….
ولما كبرت شويه ، كبر معايه الصحاب و بقينا مع الوقت اخوات ، جدعان مع بعض ، فى ضهر بعض ، بنخاف على بعض
نتجمع فى الحزن قبل الفرح و نسند بعض ،،،،ما هو أصل الحب مالينا و معشش جوانا بالفطره
تقدر تقول حاجه كده فى تركيبتنا يا مصريين ، فى الجينات ….
و اكتر حاجه اتربيت عليها من يوم ما اتولدت لحد ما كبرت و عودى شد ، هو حب الجيش المصرى … اتربيت على قصص بطولاته و تضحياته ، كل بيت كان لازم تلاقى فيه ظابط جيش او عسكري و قصه جميله تتحكى
كان يستوقفنى سؤال ، “ازاى اى شخص بمحض ارادته ، يقف على خط النار بمنتهى الثبات و يبقى مستعد يضحى بروحه و عمره بمنتهى السهوله كده !؟” …
جات له منين الجرأه دى و الشجاعه دى
….. ايه قلبه ميت !!!!
ومع الوقت ، عرفت الاجابه
ببساطه ……. بيعشق مصر …..
و ترابها و أرضها عرضه اللى يضحى بعمره عشان يحافظ عليه و يحميه
واتعلمت ان اللى يضحى بعمره عشان يحمينى و يحمى بلده ، اشيله جوه العين و القلب ، احترامه وحبه واجب غير قابل للنقاش او المزايدة ….
و كبرت اكتر و اتجوزت و خلفت و كان كل همى ولادى يحبوا مصر و يعشقوها قدى و يشوفوها بعنيه ،
لا لا يشوفوها بقلبى
أصلك علشان تحب مصر لازم تشوفها بقلبك قبل عنيك ، لان جمالها الربانى يتحس اكتر ما يتشاف …..
ممكن متكونش أحلى مكان بس مكانى و لا احلى بيت بس بيتى و لا احلى بلد بس بلدى !!!
يا أحلى البلاد يا بلادى …..
فداكى انا و الولاد يا بلادى ……

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

شكرا للتعليق على الموضوع