عائشة سلطان تكتب :عدوى السعادة!

في دراسة أميركية حول السعادة، استنتج العلماء أن شعور السعادة مثل الضحك تماماً شعور معدٍ ينتقل عبر المحيط الاجتماعي من شخص لآخر، خاصة إذا تجاور الشخصان أو كانا قريبين من بعضهما.

لكن الغريب أنهم وجدوا في الـ 4700 حالة التي راقبوها على امتداد 20 عاماً، أن بيئة العمل ليست محيطاً مناسباً لنقل الشعور بالسعادة، وأن زملاء العمل لا ينقلون السعادة لبعضهم البعض! لأن أماكن العمل تتميز بالتحفظ والمنافسة ما يعني أن الموظفين فيها لا يعبرون عن مشاعرهم بالتلقائية وبالصدق المطلوبين!

مع ذلك فما من عالم ولا فيلسوف إلا ويؤكد أن (السعادة) أينما وجدت، تشد إليها كل الناس، حيث تظل هدفاً أزلياً، يحكم تصرفاتهم وأهدافهم في الحياة وفي حلهم وترحالهم. فالإنسان يتزوج ليسعد، ويسافر ليسعد، ويخرج مع أصدقائه ويتسوق ويشتري أفخم الثياب وأحلى المقتنيات ويذهب إلى أفضل المطاعم والأماكن ليجد المتعة والسعادة.

إن الناس يبحثون عن السعادة بشغف غريب، فحتى في الملحمة الشهيرة كان جلجامش في بحثه الطويل والمضني عن الخلود يبحث عن السعادة في حقيقة الأمر، إن الركون إلى الأصدقاء والحرص على قضاء الوقت معهم والحفاظ على علاقة جيدة بهم هي ضمانة حقيقية لمقاومة نكد الأوقات أو وعورة الحياة، إنهم ـ أي الأصدقاء ـ أحد مسببات السعادة في حياة الإنسان.

وقد اعتبرت القراءة سبباً لتحقيق المتعة الجالبة للسعادة كما كان يقول الفيلسوف سارتر، هناك من يقول اتركوني مهملاً خارج نطاق عنايتكم مع كتبي وسأكون في غاية السعادة، في النهاية نحن من نحدد سعادتنا ومن أين نحصل عليها، أما أن يقتنع الآخرون أو لا، فتلك مشكلتهم!

لماذا يبحث الناس عن السعادة؟ لأنهم راغبون فيها، ولأنهم يفتقدونها في أكثر علاقاتهم قرباً. وفي كتاب (جغرافية السعادة) يصنف الكاتب مقدار السعادة التي يتمتع بها الناس في العالم بحسب الجغرافيا، حيث يقول إن معنى السعادة ومسبباتها يختلفان من مكان إلى آخر، بحسب ثقافة الناس وعلاقتهم بهذا المفهوم الإنساني الواسع، حيث إن للسعادة في قطر معنى يختلف عمّا هو عليه في فرنسا مثلًا.

بحسب الإحصاءات فإن مجموعة الدول الاسكندنافية تعد أكثر مناطق العالم سعادة، نظراً لتوافر مسببات السعادة والرضا المادي، وتطور مستويات الرعاية الصحية والخدمات التعليمية والحياة الثقافية، بينما تحتل دولة كالولايات المتحدة مرتبة متدنية في جدول السعادة، يعبر عنها ازدياد معدلات الانتحار وتفشي الاكتئاب وانتشار تعاطي الأدوية المضادة للكآبة، برغم التقدم الحضاري والقوة العسكرية اللذين تمتلكهما.

البيان – الامارات

اقرأ للكاتبة :

تُجار الكتب!

شكرا للتعليق على الموضوع