عائشة سلطان تكتب : بالخير نغيّر حياة الآخرين!!
ما زلت أتذكر تلك العبارة التي قالتها سيدة أخبرتني بأنها أقدمت على خطوة جسورة جداً تمثلت في تبني طفل آسيوي، رغم أنها أم لثلاثة أولاد ذكور في أعمار متقاربة مع عمر ذلك الصبي المتبنى، كانت فخورة ومتباهية بما فعلت، وحين سألتها عن سبب إقدامها على ذلك، رغم انتفاء أي سبب يجعلها تتبنى طفلاً من الأساس، قالت لي ببساطة، أريد أن أغير حياته، وليس حياتي، فهذا الصبي سينشأ في كنف أسرة ميسورة، متعلمة، وذات توجهات رائعة تجاه الحياة والآخر، هذا سيمنحه فرصة رائعة للحصول على حياة تختلف عن حياة دار الأيتام أو الملجأ!
منذ تلك السنوات البعيدة التي دار فيها هذا الحديث بيني وبين تلك السيدة، وأنا أنظر للخير الذي يوجهنا له ديننا وإنسانيتنا باعتباره سلوك نظرية سلوكية واجتماعية في مجال التغيير الجذري، وليس مجرد استجابة أتوماتيكية لتوجيهات دينية بلا تفكير، للخير أفق واسع وكبير علينا، إن استوعبناه جيداً في عالم يمضي بهمة عالية صوب ذاتيته وأنانيته ومصالحه الشخصية!
أن نغير حياة الآخرين، هذا هو المعنى الدقيق والعميق لفعل الخير، للصدقة، والزكاة، والعطف، ومد يد العون، للتبني، للمسح على رأس اليتيم، لكفالته، لإطعام الطعام، لتفريج الكربات، لإغاثة المنقطع والغريب وابن السبيل، لكفالة طالب العلم والتكفل بنفقات المريض وغيرها من مجالات الخير التي لاتساعها لا يتسع المجال لتعدادها، لكنها كلها إذا بذلت في طريقها الصحيح سنحدث فرقاً حقيقياً في حياة أولئك المحتاجين، هذا الفرق الذي يصل إلى تغيير شكل حياتهم نحو الأفضل بلا أدنى شك!
لنفكر في طفل ولد لأبوين قررا الطلاق بمجرد أن أبصر هو النور، كيف ستكون حياته إذا تطلق والداه؟ لنفكر في صبي ألقته أمه في سلة القمامة بمجرد أن قرر والده عدم الاعتراف به، لننظر في مصير ذلك الصغير مفرط النباهة، وهو يغادر مدرسته لأن والدته لا تملك مالاً يكفي لإعاشته وتعليمه معاً، كيف يمكن أن تتغير حياته كلها إذا وجد من يتكفل بتعليمه حتى يتخرج رجلاً ذا شأن، وأي مآل سينتهي إليه إذا وجد أنه بدون مدرسه فلا مجال أمامه سوى التسول أو السرقة أو..
أحياناً نحن لا نعرف أي تغيير نحدثه في حياة الآخرين بذلك الخير الذي نقدمه لهم، فقط علينا أن ننتبه إلى هذه المسألة ليكون عطاؤنا ذا أثر واضح وممتد، لا مجرد أموال نضعها في علبة زجاجية دون أن ندري إلى أين وفي يد من تنتهي!
البيان – الامارات
اقرأ للكاتبة :